الأربعاء، 10 أبريل 2019

قراءة في كتاب نسق التواصل السياسي بالمغرب المعاصر( الفصل الأول ) للدكتور عبد الرحيم العماري



نتيجة بحث الصور عن التواصل



مقدمة

تعتبر دراسة ظاهرة التواصل السياسي التي هي ضمن العلوم السياسية والتي هي ضمن العلوم الإجتماعية  التي تتسم بعدم الموضوعية بحيث أن الدارس هو المدروس في نفس الوقت مما لابد من نوع من إسقاطات الذات الدارسة  على الموضوع المدروس .
و بالرجوع إلى مفهوم التواصل السياسي فالتواصل يكون عبر رموز و تلك الرموز تصنع السلطة وحين تناول التواصل السياسي بالدراسة فإن للأهمية بمكان دراسة الخطاب السياسي الذي هو صلة الربط بين السياسي الذي يعتبر مرسلا و عامة الناس الذين يعتبرون مرسل إليه و الرسالة التي هي خطاب سياسي يحمل مجموعة من الرسائل .
التواصل السياسي أو الإتصال السياسي يشكل ظاهرة صعبة التحليل ،و مرد ذلك إلى تعدد المعاني التي تخص طرفي الكلمتين المكونتين لهذا المصطلح أي "الإتصال" و "السياسي" هذا من جهة ومن جهة أخرى عدم دقة دلالاتها ،فكل التحاليل المنصة حول الظاهرة الإتصالية والتي تشمل كل منرجال السياسية و الناخبين والحكام ووسائل الإعلام تعكس في حقيقة الأمر تشعب وتعدد مناهج ونماذج العلوم الإجتماعية ، و هذا ما يخلق الفارق بين التحاليل والدراسات وهذا راجع إلى اخلاف طريقة التناول النظري و أسلوب المعالجة ،وفي هذه الدراسة للدكتور عبد الرحيم العماري  حاول فك غموض هذه الظاهرة و هي التواصل السياسي محاولا في البداية دراسة الخطاب السياسي في الباب الأول من كتاب نسق التواصل السياسي بالمغرب المعاصر خطاب الكتلة الديمقراطية من الميثاق إلى التناوب 17 ماي 1992 -14 مارس 1998 .
فما يمكن أن نطلق عليه تسمية إتصال سياسي هل هو كل التقنيات التي يستعملها الفـاعلين السياسـيين والحكـام بالاضافة إلى مساعدة أهل الاختصاص في ميدان الإتصال السياسي كالمهنيين في مجال النصيحة السياسية للتواصل مع الناخبين و المحكومين و كل التقنيات المستعارة من ميدان التسويق كتقنية سبر الاراء والعلاقات العامة والإشهار فضلا عن إستعمال التكنولوجيات الحديثة كالإعلام الآلي و الوسائل السمعية البصرية المتطورة كالوسائل الإلكترونية في مجال السياسة؟
 أو هو  مجموع الرسائل السياسية التي يبثها الحكام ورجال السياسة بصفة عامة باتجاه جمهور الناخبين، بالاعتماد على بعض القنوات والدعائم كالخطب العمومية حـوارات، رسـائل، ملصـقات منشـورات ؟.
أم هو العلاقات التفاعلية وشبكة المعلومات المنقولة التي تربط بين مختلف أطراف اللعبة السياسية و بالاخص بين الافـراد المكونين للفضاء السياسي من فاعلين سياسيين و حكام و رجال السياسة و مختصوا الإتصـال وجمهـور النـا خبين، والصحفيين قصد تبادل المعلومات و الآراء ؟.





الباب الأول: نوعية الخطاب

الفصل الأول :الخطاب السياسي :
استهل الدكتور عبد الرحيم العماري الفصل الأول من المؤلف بأقوال لعبد الله العروي و السيد عبد الكريم الخطيبي ،تم تلاه بطرح إشكالية العلاقة بين الخطابي و السياسي ،وأشار أيضا إلى تشابك و تداخل الظواهر السياسية التي من أهمها الخطاب السياسي .
حاول التركيز كأول مرحلة على تحليل "السياسي " و السياسة هي فعل له محدداته ،وتجلياته وهي فعل إجتماعي يعبر عن علاقة قوة بين طرفين يمارس أحدهما على الأخر نوعا من السلطة .
الفعل السياسي محدداته وتجلياته تخضع جميعا لمنطق داخلي يحكمها و ينظمها العلاقة بينها ،منطق قوامه مبادئ واليات قابلة للوصف و التحليل و هو سياسي لأن وظيفته ليست إنتاج المعرفة بل ممارسة السلطة،سلطة الحكم أو بيان كيفية ممارستها .
إستعان المؤلف الدكتور عبد الرحيم العماري بتحليل الدكتور محمد عابر الجابري الذي ربط مفهوم العقل السياسي باللاشعور السياسي و الذي اقتبسه من ريجيس دوبري ، فإن كانت وظيفة مفهوم اللاشعور السياسي عند دوبري هي إبراز ما هو شعائري و ديني في السلوك السياسي في المجتمعات الأوربية المعاصرة ، فإن وظيفته بالنسبة إلينا ستكون بالعكس من ذلك إبراز ما هو سياسي في السلوك العشائري داخل المجتمع العربي القديم و المعاصر ،ذلك لأن السياسة عندنا بدأت تمارس باسم الدين و القبيلة و مازال إلى يوم إذن فاستعمال مصطلحات مثل ( العقيدة ،القبيلة ،الغنيمة ،) ليس غريبا .
مما يوجب تحديد العقل السياسي العربي باليات تحويل القبيلة إلى مجتمع لا قبيلة ، وتحويل الغنيمة إلى إقتصاد، و تحويل العقيدة إلى رأي ثالث .
إنتقل الكاتب إلى تحليل "السياسي " في مؤلف محمد ضريف تحت عنوان "الإسلام السياسي في المغرب " و كان هناك  إرتباط بين السياسي و الإسلام وقال إن غياب الضوابط المنهجية في التعامل مع ظاهرة الإسلام السياسي والظاهرة الإسلامية هذا أنتج عدة مغالطات لأنه هناك  جماعات إسلامية مثل (البوتشيشية ،جمعية التبليغ و الدعوة إلى الله ) و جماعات الإسلام السياسي  كالشبيبة الإسلامية و جماعة العدل والإحسان .
رغم ذلك لم نتمكن من صياغة تصور عن المقصود من هذه الصفة "السياسي " الملحق  بالإسلام ، ليضيف الكاتب ليقول أن هذه الجماعات لا تشكل إلا شكلا من الأشكال التي يعبر بها الإسلام السياسي عن نفسه .وأضاف أيضا ضرورة البحث في السلفية الوهابية و السلفية الوطنية ، وهناك جمعيات إسلامية كثيرة في المغرب لا مجال لحصرها ، ولكنها لا تجسد الإعلام السياسي لإنها في أغلبيتها إما جمعيات ثقافية أو خيرية أو صوفية لا تهتم بالفعل السياسي المباشر إذ يصبح الإسلام السياسي  مرادها لكل عمل جماعي ذي طابع سياسي بمرجعية دينية إسلامية مصرح بها .
قارب الدكتور محمد ضريف ما سماه "الإسلام السياسي" عندما يحدد له ثلاثة إتجاهات وهي :
_ الإسلام السياسي الإقصائي أو الجهادي
_ الإسلام السياسي الإستيعابي أو الوعدي
_ إسلام سياسي تركيبي يجمع بين مواصفات الإسلام الإقصائي و الإسلام الاستيعابي
     و كمثال على أطروحة الإسلام السياسي الإقصائي تجسده حركة الشبيبة الإسلامية المغربية والتي ترتكز على مفهوم الجاهلية ، جاهلية السلطة والمجتمع وضرورة ركوب سبيل الجهاد لإزالتها .إذن هنا نستوعب أن السياسي في الإسلام السياسي هو فعل جماعي غايته التغيير للسلطة و المجتمع الموجودين وكما تجاوز الإسلام الجاهلية  في شبه الجزيرة العربية في الماضي  فإن الإسلام السياسي سيتجاوز جاهلية المغرب سلطة و مجتمعا من خلال الجهاد .
     إن الباحث محمد شقير وصل إلى خلاصة على مستوى القرارالسياسي  بالمغرب بحيث هناك فاعل أساسي و مركزي يتمتع بسلطة احتكار القرار السياسي وهو المؤسسة الملكية إذ إن هناك تطابقا بين القرار السياسي والسياسة بالمعنى العام بحت السياسي أو السياسة تكون في النهاية عملا ملموسا للسلطة السياسية عبر الأجهزة التنفيدية  .

سنحاول الإحاطة بمفهوم السياسي من حيث المفهوم والموضوع  و ذلك من خلال تحليله وعلاقته ببعض المفاهيم الأخرى   :
v   السياسي في الفلسفة السياسية  :
تصور توماس هوبس : يتجسد موضوع الفلسفة السياسية في المصلحة العامة دفعا لطبع الأنانية لدى الإنسان ونفس الطرح نجده عند أفلاطون .
ربط مكيافيلي السياسي في نطاق الدولة ،وقال إن الدولة في خدمة المواطن و أنه لمؤسس الدولة الحق في يوظف جميع الوسائل بما فيها غير الأخلاقية طالما أنه يدافع عن السيادة أي المجتمع ولتفادي أيضا صراع الكل ضد الكل .

إذن فالسياسي هو الذي يقوم بمجموع الوسائل الكفيلة بضمان حياة الجماعة وفق عقد اجتماعي أو سياسي ، سواء تم استخدام العنف أم لم يستخدم .
v   السياسي في علم السياسة:
يختلف السياسي في علم السياسة من ناحية التصور ، فبتصور العلاقة  نجد أن العلاقة السياسية هي إما علاقة توافق أو علاقة تنافس ، عكس العلاقات الاجتماعية الأخرى
وبتصور دينامي يعرف علم السياسة بعلم السلطة بحيث يمكننا من معرفة مصدرها وأسسها وفائدتها و أهدافها واثارها فكل جمع يشمل سلطة فهو في صميم علم السياسة.
وبتصور مؤسساتي فالسياسة هي علم الدولة  باعتبار الدولة مؤسسة المؤسسات وهي المؤسسة العليا
قام مفهوم علم السياسة من كانت إلى كلود برنارد بمثابة نزوع نحو معرفة وضعية علمية موازية للعلوم الطبيعية طموحا ،افاقا منهجيا ،ما هي عليه ، وما كانت عليه في مختلف البلدان من نمط الحكم وتشكيلها تطورها تراجعها فهو علم للسياسة .
في حين مونتسكيو طرح علم السياسة بمقاربة علمية أي ضبط قوانين تتابع الظواهر الإنسانية أو ما يسمى بقوانين التعايش ، وأيضا حاولت بعض الجهات دراسة علم السياسة بمناهج أخرى كالمنهج العقلاني الذي وضف من طرف الاقتصاديين و غايتهم الكشف على قوانين توالد الأحداث السياسية في الزمن ثم توقعها .
وأيضا مناهج تجريبية تتشبث بمعطيات بالملاحظة لا تلك التي تصدر بالفكر ، تهدف كل هذه المناهج و التفسيرات إلى تكوين نماذج نظرية تحول التعقيد الذي يشوب السياسة إلى بساطة بطريقة شبه رياضية .
v   السياسي و السلطة السياسية :
يمكن إعتبار السلطة هي محور الفلسفة السياسية منذ أفلاطون
السلطة السياسية مجموعة من السيرورات و الأدوات المجتمعية بها تنفذ القرارات المتخدة التي تلزم على المجموعة،وهي موجودة لتقرر وتقعد وتحكم وتعاقب .
مناك أنواع متعددة من السلط ،سلطة إقتصادية ، سلطة دينية ،سلطة ثقافية،سلطة أخلاقية ، و كل سلطة تتميز عن بعضها البعض و خاصية السلطة السياسية هي قراراتها السياسية ،لأنها ترتبط بالأفعال الجماعية للضبط المجتمعي للمجتمع الشمولي و من تم تسمو لتكون سلطة عليا وتعتمد السلطة في بسط نفوذها على السيادة أن تجعل لنفسها صفة القداسة والهيبة بانعدامه يحصل الخلل في الدولة و المجتمع معتمدة في ذلك على التحالفات من داخل المجتمع أو حتى من مجتمعات أخرى في ظل استقلال نسبي .
v   السلطة والإكراه :
تختلف سائل الإكراه لدى السلطة من مجتمع لاخر بحسب البنية الثقافية والذهنية لهذه المجتمعات فالمجتمعات الحديثة تستخدم الوسائل العمومية من جيش و أمن و ملشيات ،و في مجتمعات أخرى ستجد السحرة،العقاب الجماعي بقوة خارقة ، غضب الالهة .
وتعتبر السلطة العمومية هي الأكثر نجاعة إلا أنها قد تستخدم بطريقة قاسية و همجية فتسبب الشطط في الاستعمال .
إن الخضوع للسلطة رهين إلى حد كبير باقتناع المحكومين بشرعيتها ومبادئ الشرعية مختلفة هي الأخرى من مجتمع لأخر ،فيمكن تبرير السلطة السياسية بامتلاك القدرة السحرية و الالهة أو بسيادة الشعب أو باستقلال وطني ،أو تفوق عرق على اخر أو بالكفاءة أو بخصال فريدة للشخصية .
تتغذى الشرعية على المقدس لارتباطه بقيم أساسية في المجتمع وبالتالي فالدولة تختص باحتكار الاستعمال الشرعي للعنف .
v   أشكال السلطة السياسية:
بداية لا يمكن الإقرار بسلطة سياسية مالم يتم التمييز بين حاكم ومحكوم .
وهناك ثلاث أشكال للسلطة السياسية :
سلطة مباشرة:مثال بريطانيا لأنها تتوفر على دستور غير مكتوب إذن ليس هناك واسطة بين الحاكم والمحكوم يحتكمون إليها .
سلطة فردية :حيث يحتكر الحاكم ممارسة السلطة كممتلك خاص بإمكانه استعمالها والمبالغة فيها حسب هواه دون قيود ولا ضوابط ،كالحكم الديكتاتوري .
سلطة مؤسسة في مجموعة منظمة من خلال قواعد مستقلة عن إرادة أعضائها ،فهي تصبح مؤسسية في المطاق الذي لا يمكن ممارستها دون إحرام القواعد التي ترتبط بإدارة الحاكمين لهذا نجد الدول الحديثة تتوفر على دساتير مكتوبة ومؤسسة من قبل جمعيات دستورية مكونة من ممثلي الشعب .
إذن فالاعتقاد في قداسة التقاليد يشرعن السلطة المباشرة الحرفية ،وكما أن الثقة النادرة والخصال البارزة للرئيس تبرر السلطة المفردة ،فإن الاعتقاد في عقلانية قواعد الحق تحفز على الخضوع للسلطة المؤسسية .
v   مستويات التنظيم و أنواعه :
هناك مستويين إثنين :
نظام مركزية السلطة وهو يعمل على تركيز السلطة في يد واحدة وفي جهة واحدة
نظام لا مركزية السلطة وهو جلي في الدول المعاصرة بحيث يعمل على مبدأ فصل السلط
لذلك تكون القوى السياسية في الدول الحديثة منظمة في أحزاب و الأحزاب هي بدورها تتنوع فيها السلطة من نظام الحزب الواحد إلى نظام الثنائية الحزبية إلى نظام التعددية الحزبية  .
v   أسس السلطة السياسية :
هناك  أطروحات  متباينة حول أسس السلطة السياسية:
أطروحة القانون الطبيعي أي العبودية لدى أفلاطون و أرسطو أي القوي يسيطر ويحكم
أطروحة القانون العقلاني أو المدني وفق العقد الاجتماعي في إطار التوافق و التراضي و هنا نستحضر فلاسفة العقد الاجتماعي توماس هوبس ،جون جاك روسو ، جون لوك .
أطروحة ماركس و أنجلز حول الصراع الطبقي و هو أنه في خضم الصراع الطبقي تنتج بنية فوقية سياسية وهي المتمثلة في الدولة  .
v   الأنظمة السياسية:
هنا نكون أمام توجهات مختلفة:
نظام سياسي ديمقراطي الذي يمنح السلطة لمن فاز في الانتخابات بين أحزاب عدة ومن هذا تبرز الليبرالية كشكل من أشكال الحكم و الذي يعتمد على الانتخابات والتعددية الحزبية و انفتاح السلطة وإمكانية المعارضة و الصراع من أجل الحصول على السلطة ويقوم على سيادة الشعب عن طريق التمثيلية في مؤسسات كالبرلمان و نواب الأمة و الجمعية الوطنية ويقوم على مبدأ فصل السلط تشريعية ، وتنفيذية  و قضائية .
نظام سلطوي أو متسلط (دكتاتوري ) و فيه تنغلق السلطة و تحتكر من طرف جهة واحدة تحول دون الصراع من أجلها و لا يسمح بالمعارضة و التي تعتبر الشعب على هامش ممارسة الوظائف الحكومية وكما أن هذه الحكومات تدين كل تعدد حزبي كالصين الشعبية و الإتحاد السوفيتي  .
v   عناصر تعريف الخطاب السياسي :
الخطاب السياسي مؤسسة لسانية كغيره من الخطابات غير أن ما يميزه هو العلاقة و الترابط مع المؤسسة السياسية بحيث يندرج ضمن أنواع التواصل السياسي التي تستعمل في مناسبات كالحملات الانتخابية .
يبد وأن الخطاب السياسي كمجموعة من الملفوظات مرسلة من قبل فاعلين ومؤسسات مرتبطة بنظام التمثيل (الأحزاب ،البرلمان ،الإعلام ) وهذا يمكن أن نعتبره تعريفا استعمالي أي بالنظر لمن يستعمله ، إلا إن هذا التعريف يقصي بعض المكونات الأخرى كالمؤسسات الدينية وفاعلي المجتمع المدني .
رغم كل المحاولات لتعريف الخطاب السياسي إلا أنه  لم نتمكن من  حصرتعريف واحد بحيث يعرفونه بشكل خاص كالذي ذكرنا انفا و يعرفونه بشكل عام بحيث يكون كل خطاب يكون موضوعه السلطة.
إلا أن الخطاب السياسي يساهم في تكوين وحدة المجتمع الحديث من خلال ثلاثة مظاهر :
إنتاج الفضاء :إنتاج فضاء الدولة كفضاء وطني له مركزية سياسية تتحقق عن طريق قوانين وقواعد وتحديد الحدود الترابية وخلق علاقة حميمية بين الأرض و المواطن وهذا لا ينفي وجود جماعات انفصالية أو تعصبية للجهة،ويظل التمثيل للفضاء دائما محركا حيويا للنقاش السياسي يترتب عنه إنتاج الجماعة الوطنية ويخلق علاقات القوة في الدولة .
إنتاج الجماعة : كان لزاما للدولة الحديثة أنتشكل بنية تسمى الأمة لأن التجانس ضرورة للحفاظ على الاستقرار و باعتبار الأمة أيضا ضامنة لشرعية السلطة السياسية وفي هذا يلعب الخطاب السياسي دور المؤسسة اللسانية الحاملة لرسالة الشرعية ردعا لكل انفصال .
إنتاج علاقات القوة : إن من مميزات الدولة أو المجتمع الحديث علاقات القوة التي أفرزتها السيرورة المؤسسية السياسية وهذا نتاج صراع المصالح ، هذا الأخير هو صراع قوة  فتنافس السلطة هو تنافس مصالح وطبقات وأجناس ، و بالتالي تشكيل جماعات ضاغطة داخل الوطن لكن ترسم فيما بينها خطوط حمراء تحفظ هذه البنية وتؤمن لها الاستقرار و الاستمرار وهذه الجماعات تستغل الخطاب السياسي لتمرير نظرياتها .
v   الخطاب بين السياسي و الإديولوجي :
الخطاب السياسي يحتوي الإيديولوجية أي أن الخطاب السياسي أعم من الإيديولوجية
وقد قال عنها ماركس هي وعي واهم خاطئ و قال عنها لينين هي أداةفي الصراع الطبقي أي سلاح مذهبي ، وتتخد الإيديولوجية كعلاقة مخيال بعلاقة واقعية وبالتالي تكون التجربة المجتمعية للذات مستخدمتا الإنجاز اللساني للأنا المتكلم .
إذن فالإيديولوجية بنية رمزية ثابثة الرموز وغير خاضعة  للصدفة وبإمكانها تنسيق الخطاب بصيغ مختلفة لتخدم الهدف المنشود .
وهنا نستحضر مثال للإيديولوجية ما يسمى " أرض الميعاد" لدى اليهود أي إنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين .
إستثمرت من أجل بلوغ هذا الهدف التاريخ التوراتي القديم كوسيلة لشرعنة أرض الميعاد واستعملت خطابها السياسي الاشتراكي موازي للنظرة التفوقية  والعنصرية إزاء سكان أرض فلسطين بقولهم نحن شعب الله المختار .
يمكن اعتبار الإيديولوجية ظاهرة اجتماعية تؤدي وظائف لسانية ومعرفية وتقييمية وعاطفية وكذا وظائف ضبط التوافق .
v   الخطاب السياسي و النخبة السياسية :
هنا يطرح السؤال ما العلاقة بين السياسي و النخبة السياسية ؟
مما لا شك فيه أن النخبة السياسية لها ميزة عن عامية الناس ،إن بتمان يقتصر مفهوم النخبة على من يملك سلطة أكبر على الاخرين ،ومفهوم السلطة لديه قدرة التأثير الحقيقي في السياسة ونشاط الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر .
وانه من وجهة نظري لا يخفى أن هناك ترابط بين مفهوم الرأسمال والسلطة بحيث أن السلطة الاقتصادية تمهد للسلطة السياسية،فهناك داخل النخبة السياسية طبقتين طبقة تمتلك الرأسمال لتضغط  به على كل الجهات و طبقة ذات بلاغة و خطاب سياسي مما يمكنها من التكامل و الضغط الفعال و توجيه المجتمع و الدولة .
هذا يقودنا إلى مناقشة مبدأ الديمقراطية ،حيث قامت النظريات النخبوية على أساس انفصال واستقلال النخبة السياسية عن شرائح المجتمع .
أكد أصحاب التراث النخبوي ( بارتيو،و موسكا ،و وميستلز )على أن هناك انفصال بين الحاكم و المحكومين أي بين النخبة والجماهير فالمجتمع مقسم إلى ثلاث طبقات طبقة سفلى الجماهير و طبقة عليا تنقسم إلى نخبة حاكمة ونخبة غير حاكمة   .
إن هذه الظاهرة الأوليغاريشة تولد مع إستحالة التطبيق الفعلي للديمقراطية المباشرة التي تعني الديموقراطية التمثيلية و بالتالي فمن نظري يجب استعمال أو تفعيل الديمقراطية التشاركية لتجنب طغيان هؤلاء الممثلين.
إن من الخصائص التي تجعل النخبة منفصلة عن الجماهير في نظر ميسل هي الخبرة بالآلية السياسية وحنكة في إدماج المعارض أو إقصائه خارج التنظيم السياسي فالخبرة السياسية هي سلطة معرفية رمزية  تهبهم المكانة المرموقة ، وبهذا يكون التاريخ مجرد صراع بين من يحكم ومن يحاول دخول دائرته من خلال أداة هي الجماهير .
إننا أمام مفارقة جد مهمة و هي أن الأنظمة الكليانية تسعى إلى تحييد الجماهير في صراعها مع النخبة المعارضة في حين تهدف السلطة الديمقراطية إلى كسب ثقة الجماهير ،و تحقيق  مسافة بين هذه الأخيرة والنخبة المعارضة .
لقد سبق أن سمى فيبر الكفاءة السياسية التي تختص بها النخبة السياسية  بهواية  رجل السياسة ،في حين قال شومبتر بصدد إحتراف العمل السياسي والتخصص فيه أن السياسة ان ذاك تصبح مهنة لها  مصالحها المستقلة . 
و بهذا نصل إلى خلاصة مرحلية مفادها أن المنطق الذي يحكم العلاقة بين النخب و الجماهير هو منطق العطاء و العطاء المضاد بحيث تمنح النخب خدمات لمسانديها ، وهذا ما يسمى بالزبونية والمحسوبية بل إن البرنامج الإنتخابي يتضمن مصالح المساندين  وبالتالي يغدو الصراع بين المصالح الفئوية و الطبقية صراعا إيديولوجية ومذهبي منيمين إلى يسار ومن أغلبية إلى معارضة ، إنه بخلاصة قانون اللعبة السياسية و هذا يكون مقبولا لدى الجميع شريطة إحترام الحدود الدنيا التي تؤطر النقاش السياسي  .  
vخصوصية النخب السياسية :
تكون النخب :
إن تكون النخب رهين بعدة عوامل بالإضافة إلى المؤهلات الشخصية:
-         عامل السن بحيث ان هناك هيمنة فئة المتقدمين في السن على عالم السياسة
-         تسلق مختلف المناصب القيادية في الحزب
-         إثبات الكفاءة في الوظائف
-         شغل الوظائف البرلمانية بشكل دائم .
-         إلا أننا نلاحظ الهيمنة الذكورية في المجتمعات الأوربية في المجال السياسي بحيث يتم إلغاء المرأة على اعتبار أن المكان الطبيعي للمرأة هو المنزل ،و هذا خلافا للدول الإسكندنافية التي تمنح المرأة دورا هاما في الحياة السياسية .
-         كما نلاحظ أيضا  سيطرة أصحاب المستويات العليا في الحياة المهنية على الحياة السياسية بحيث نقف هنا أيضا على مفرقة هامة وهي سيطرة فئة الصناعيين و الأطر العليا و أصحاب المهن الحرة و المهن الغير يدوية على الحياة السياسية رغم أنهم أقلية في المجتمع و العكس صحيح بحيث نجد الفئة العاملة رغم أنها تشكل الأغلبية الساحقة في المجتمع إلا أن نسبة مشاركتها في الحياة السياسية تكاد تكون منعدمة  .
-          التكوين الأكاديمي والثقافي الراقي للنخب فأغلبهم أساتذة أو يملكون درجات عالية في الدراسة.
-         التباينات في المنخرطين في العمل السياسي ،فكلما كان المنخرط من فئة العمال أو فئة أضعف كان توجهه يساريا  و كلما كان المنخرط من فئة رجال الأعمال الصناعيين والأطر العليا كان توجهه يمينيا أو محافظا  و كلما كان المنخرط من فئة المدرسين كان توجهه إشتراكيا .
إلا أن هذه القاعد لا تخلو من استثناءات.
و عموما يمكن إجمال عوامل تكون النخبة السياسية  في ثلاثة عوامل:
-         المستوى الدراسي العالي .
-         التكوين الحقوقي و الإقتصادي .
-         مشاركة التقنوقراطيين في الحياة السياسية  .

إذن فمن أينتستمد النخبة السياسية قدرتهم التقنية والسياسية ؟هل يمكن أن  تكون التنشئة المبكرة على رأي باترسون ؟ أم أنها قدتكون بسبب التأثير العائلي على رأي كورنبرغ ؟  
إنه لمن الواجب  التنبيه إلى تلك الهرمية الداخلية (قمة – قاعدة )  ونخبة سياسية أساسية و أخرى ثانوية إذ إنوجودها رهين بحيازة سلطة فعلية أو رمزية .
v الخطاب و التواصل السياسي :
دائما ما يطرح سؤال من سيفوز في الإنتخابات ؟ هذا السؤال يطرح في جميع بقاع العالم إلا أننا سنبث عن العوامل  التي ساهمت في فوز الفائز والتي نجد من بينها ما يسمى بالتواصل السياسي .
التواصل السياسي المنجز سواء خلال الحملة الإنتخابية أو خارجها ،هذا التواصل الذي يتبوأ مكانة خاصة ومهمة بحيث ترصد له موارد مالية و يوظف فيه مختصين في التواصل  تستخدم في هذا التواصل السياسي كل المسائل من إعلام بصري و سمعي و مكتوب و شعارات و ملصقات .
إذن كيف إهتم المغرب بالتواصل السياسي ؟
بعد الإستقلال وبعد الإهتمام  ببناء الدولة أي الإهتمام بمجالات  التكوين الحقوقي ثم التكوين العلمي  ثم المالي و الإقتصادي ثم المعلوميات  جاء الدور على البحث والتكوين الجامعي في علوم التواصل .
تشهدالأسواق الدولية منافسة حادة في هذا المجال بحيث تجتهد في خلق سياق تواصلي ناجح و بالتالي فالمغرب نهج نفس النهج بحيث بدأت الجامعات المغربية تهتمو تدرس علوم التواصل التطبيقي .
إنمجال التواصل عني و متشعب بحيث يحتوي على تخصصات ،الإقتصادي ،السياسي،التاريخي ، الإشهار ،التجارة ،التدبير ،علم النفس ،علم الإجتماع ويعتبر أهم عنصر فيه العلاقة بالجمهور.
يمكن أن نضع مثال عن التواصل "الوصلة الإشهارية "  فهي تمر عبر عدة مراحل :
-         خلق الإستراتيجية للوصلة
-         إخراج الوصلة
-         برمجتها في بنية وسائط الإتصال
-         مراقبة النتائج .
إنه مما لا شك فيه أن تطوير التواصل في المجتمع المعاصر كان رهين بتطور حرية التعبير و الديمقراطية لأن الاساس في ذلك هو الخلق و الابتكار الذي لا ينسجم مع القيود.
v التواصل المؤسساتي :
إن التواصل السياسي هو تواصل مؤسساتي في العمق  أي تواصل بين المؤسسات إن التعريج على هذا النوع من التواصل فالتواصل المؤسساتي بمثابة تزكية لمواطنة الشركة و يعطي القيمة لدور الشركة في التنمية المجتمعية و الاقتصادية فهذا التواصل مر بمرحلتين :
1 مرحلة التواصل التقليدي            التواصل الإشهاري          الدعاية لنتوج .
2مرحلة التواصل الجديد             التواصل المؤسساتي          الدعاية للشركة المنتجة .
وبهذا تم الانتقال إلى الدعاية لقيم الشركة لاندماجها داخل المجتمع توازى هذا مع خلق جمعيات ثقافية واجتماعية للتنمية الجهوية بالمغرب .
vالتواصل السياسي و الوسائط :
عالم الإتصال تحتكره ثلاث وسائط كبرى وهي الصحافة والإذاعة و التلفزة وبين عالم الوسائط وعالم السياسة علاقات وطيدة،وتجعل منها بعض الفروع العلمية مواضيع مفضلة كعلم اجتماع الجماهير أو القواعد التي تدرس أثر الوسائط في الرأي العام .
ويتحقق الخطاب داخل وضع تواصلي له مشاركوه وهم الذات المتكلمة و السامعة وقواعد التخاطب و الفضاء .
إن مستلزمات التخاطب هي نفسها الإطار التعاقدي أو هي العقدة التي ينخرط فيها المشاركون قصد التبادل هناك ثلاث معطيات :
-         غاية الفعل التواصلي ماذا تريد قوله .
-          هوية المشاركين في الفعل التواصلي من يتواصل ؟
-          الظروف المادية للفعل التواصلي .أي بيئة ؟ أي وسيلة ؟ أي قناة ؟
العالم المجتمعي يحتوي على مختلف الأنشطة المجتمعية التي لا علاقة لها بتنظيم الفضاء العمومي ( السياسي ،الديني ،الإقتصادي ، العلمي ، القانوني ، الحياة المهنية ،) بل لها علاقة بما يسمى بالرأي العام
أما الفاعلون المجتمعيون الذين ينشطون في فضاءات الديمقراطية التي تديرها وسائط التواصل وتلك الفضاءات تقسم إلى :
-         فضاء الديمقراطية السياسية التي يوجد به المنتخبون  الذين تعطى لهم الكلمة
-         فضاء الديمقراطية المدنية حيث يوجد به المواطنون المهتمون سواء كانوا جماعات ضغط  أو كمواطنين عاديين على اعتبار الحق في إبداء الرأي في شؤون التنظيم أو بمثابة خبراء يحللون ويعلقون و يشرحون الحدث.
-         فضاء ديمقراطية المعطى المجتمعي الذي يشمل الشهود ، الملاحظين أو الفاعلين في الأحداث المرتبطة بالحياة المعيشية .
يتكون كل جهاز تواصل من فضاءين : فضاء الإكراهات و فضاء الإستراتيجيات  ومن أهم الإستراتيجيات :
مصداقية الموقع الوسيط أي الخبر و المعلومة الحقيقية التي يحملها المرسل و نتقاسمها معه عبر التفصيل و التدقيق في جزئيات الأمور ،وكذا من خلال  تشخيص المنتخبين وممثلي الشعب .
استيعاب للموقع المتلقي أي إيصال المعلومة بالشكل الذي تكون فيه عنصرا مشهديا للتأثير في حساسية المشهد أي التأثير في المتلقي ،منخلال استثمار المعتقدات والعواطف  وهذا ما يسمى بالمتخيل الخطابي أي التمثلات الجماعية التي ينتمي إليها المتلقي المستهدف.
v الشيئ السياسي وقوالب التواصل الوسائطي:
إنه مما لا شك فيه أن هناك علاقة بين التواصل السياسي بالخطاب أو المؤسسة الصحافية ، فعلى رأي فان ديك يقول من خلال تحليله لبنية الأخبار السياسية من خلال الصحافة العالمية بخصوص إغتيال الرئيس اللبناني بشير جميل أن هناك بنية فوقية أي خانات صورية يتم ضمنها تحيين مظاهر حدث سياسي معين وفق ما هو مرغوب فيه وليس وفق ما هو كائن  ونظم البنيات الفوقية كالتالي :
-         المقدمات
-         الحلقات
-         الأحداث ، السوابق ،الأحداث الحالية ،التفسيرات ،السياق
-         النتائج ، ردود الأفعال الكلامية
-         التعاليق ،التوقعات ، و التقييم
هذا يقودنا إلى مناقشة التمييز بين صحافة  النخبة و الصحافة الشعبية  فبطل الصحافة النخبوية  هو رجل السياسة الذي يعمد إلى خلق سيناريو أي متتالية مقولية لأفعال و تسلسل لأحداث بحيث تتولى شخصية سياسية تحويل فضاء خاص إلى فضاء عام من خلال كشف فضيحة أخلاقية أو سياسية أو مالية أو دينية أو عسكرية وذلك وفق ما تريده السلطة السياسية أو كتلة السلطة وليس بالضرورة أن يكون هو الواقع فعلا .
في حين نجد الصحافة الشعبية تتعارض مع المعرفة المهيمنة  أي معرفة كتلة السلطة التي هي تحالف مصالح بين رجال السلطة و النظام و القانون والوسائط التي هي تحت سيطرتها فعلا  التي تقدم معلومة رسمية على أنها موضوعية ضدا على المعلومات الشعبية .
هذا ما ذكرني بواقعة مقتل فرد من أفراد حزب العدالة والتنمية عبد الله بها فالكل حلل هذه الواقعة وفق وجهة نظره ، فجهة تتحدث عن إغتيال و جهة تتحدث عن حادثة عادية .
هذا يشير إلى موضوع التعددية و الإخلاف و بالتالي فهناك:
-         معرفة كتلة السلطة التي هي المعرفة المهيمنة و هي أخبار رسمية تخدمها و تروج لها صحافة نخبوية .
-         معرفة شعبية تخص الشخص العادي و تخدمها صحافة شعبية .
-         معرفة مهمشة و هي أخبار شعبية
تحفل ساحة تحليل الخطاب بالنقاش كون الخطاب وسيلة من وسائل التواصل الجماهيري الذي تتقاسمه عدة مجالات منها علوم الخطاب و علم الإجتماع اللساني  وعليه فإن المقاربة التواصلية تشمل :
-         نظريات التواصل والمقاربات الإجتماعية النسقية التي تنظر إلى الصحافة على أنها مشروع تواصلي مجتمعي يشكل الرأي العام و يكون تمثلات الجماعة   .
-         ممارسات التواصل وتقنياته : فهم الفعل التواصلي في حينه .
-         البعد الصحافي  كفعل فريد له قواعده .
إنه لمن الصعوبة بمكان الجزم بصرامة بعض التصنيفات في هذا المجال و عليه تتحكم طبيعة الشيء السياسي باعتباره شأنا عاما في تطوير و تحويل صيغ التواصل الجماهيري فيتم توظيفها وتطويعها بالشكل الذي يخدم الطرح السياسي .
فعلى سبيل المثال مفهومي سلم وحرب  يخضعان لتطويع دلالي في منابر إعلامية عبر وسائل متنوعة والباحث قال مقولة تكتب بماء الذهب وهي " الفن الأسمى للحرب هو إخضاع العدو دون قتال " فالمعلومة أو الخبر من أدوات الحرب النفسية داخل كل فضاء إعلامي لكل دولة من دول العالم ولعل الحرب الباردة أهم تجسيد لهذه الحرب  دون قتال بين المعسكر الغربي و الشرقي فهي في الحقيقة حرب سياسية إلا أن الإعلام يستعمل التضخيم والتهويل و تضليل الفهم بهدف ربح الحرب .
إن غاية التواصل السياسي هو الإقناع بحيث أن شخصا مرسل أو مصدرا يوجه رسالة عبر قناة إلى شخص اخر يسمى متلقي حيث تدل الرسالة التي تكون دوما لغوية،مكتوبة ، شفاهية ،شاملة لعناصر ثلاثة  :المجال والشكل والموضوع المجتمعي المعالج ،وموضع المرسل المصدر لهذا الشكل ،وتعطي الحجج أوالمعلومات التي يرتكز عليها رأي المصدر ،لأن الرسالة تهدف إلى تبني موقف المصدر ، وهذا هو التواصل الإقناعي .
غاية التواصل الإقناعي  العمل على تغيير رأي الاخر و لذلك فإن اختيار وسائل التواصل يكون استراتيجيا بحيت يتم انتقاء الخبرة اللسانية المتاحة وكذا الما فوق لسانية الملائمة مستخدما المكونات المشتركة بين المشاركين في التواصل  كالتمثيلات  و الإيديولوجيات والقيم كل الأشياء التي تكون أشكال الجماعة .كما يوظف أيضا العامل النفسي أي يضع المتكلم نفسه فكريا في محل السامع والإقرار بتعدد الاراء وتعدد طرق البرهنة والاستدلال وهذا ما يسمى بالذكاء البيداغوجي  في التواصل .
و من بين القواعد المجتمعية للتواصل القواعد الوظيفية أهمها قاعدة التناوب أي دور الكلام.
v خصائص الخطاب السياسي :
1 – خطاب جماهيري : 
بحيث يتوجه إلى مجموع الأفراد المجتمعين في جماعة و لهم أهلية مناقشة السلطة إذن فهو مرتبط بتطور الديموقراطية النيابية وهو مكون من ركائز وحقل ممارسة  فبخصوص الركائز يمكن اعتبارها  متنوعة مثل اجتماع سياسي مغلق ،لقاء سياسي جماهيري مفتوح ، حوار سياسي ،مؤتمر حزبي ، بلاغ أو بيان ، ميثاق أو توصية  أما حقل الممارسة فهو وسيلة التواصل الجماهيري فمنها المنشور والمؤلف و الوسيط السمعي البصري .
2 – خطاب قاعدة :
يبرز الخطاب بمثابة خطاب قاعدة بحيث يتوجه إلى دونتمييز إلى مجموعة الأفراد و المواطنين .
3 – خطاب إستراتيجي :
بمعنى أن الخطاب يؤلف على أسس خالصة بين مجموع التمثيلات  و الإيديولوجيات المتباعدة غالبا ما تكون متعارضة فهو يخاطب مستويات متعددة ، وهنا نستحضر الزعيم لينين الذي وظف ثلاث أنماط من الخطابات السياسية لمتلقين ثلاث وهم أعضاء الحزب و المتعاطفين و الجمهور الواسع ،بحيث يكيف الخطاب حسب الجهة الموجه لها .
4 – خطاب سجالي :
إنه خطاب قائم على مناقشة السلطة تبعا لحضور مشترك لمجموعة من الخطابات المنافسة بحيث يدمج خطابه و خطاب منافسه والغاية من هذا الخطاب ليست الإقناع بالضرورة بل الإفحام
5 – خطاب مقطع :
بحيث يكون متغيرا حسب الخطابات المناصرة و الخطابات المعارضة ،بحيث يعمد الخطاب السياسي دوما إلى تشكيل مجموعة من التمثيلات المتناقضة متعددة الأبعاد مهددة بالسقوط في حالة وضح التناقض  .
6 – خطاب مجزأ :
يتغير الخطاب السياسي تبعا للمصدر و تختلف درجة عموميته من جهاز إلى اخر  فهو يتغير من أرباب العمل  إلى رجال الدين إلى  النقابات إلى الأحزاب السياسية  أي أنلكل جهة من الجهات إيديولوجية توظف الخطاب لخدمتها .
7 – خطاب تحويلي :
أي أنه يتحول لينظم المجتمع الذي هو في تحول مستمر .
8 – خطاب معرفة :
الخطاب السياسي في النهاية معرفة فانطلاقا من إجراءات بروقراطية  مرورا بأخرى إحصائية ووصولا إلى تقنيات إستطلاع الرأي ينتج الخطاب السياسي مجموعة من المهارات  حول علاقة السلطة و الإستراتيجيات الواجب تبنيها لإعادة إنتاج الأشكال المتعددة للهيمنة المجتمعية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آثــار إثبــات البنـوة والنسـب على ضــوء مقتضيات قانون مدونة الأسرة الجديد 70.03                            الجزء الأول   مقدمة ع...