الأحد، 21 أبريل 2019

مراحل تصديق المغرب على الاتفاقيات الدولية


مراحل تصديق المغرب على الاتفاقيات الدولية





المقدمة:
تعتبر حقوق الإنسان(1) أحد الأهداف الرئيسية لهيئة الأمم المتحدة منذ اعتماد ميثاق تأسيسها سنة 1945، وصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والذي شكل منطلق جديد لمأسسة بداية مرحلة جديدة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث عملت المنظمة على ترسيخ حماية الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان عبر اعتماد آليات ملزمة من الناحية القانونية لكل الموقعين من الدول.
ولهذا، فقد عرف المغرب مع بداية التسعينيات من القرن المنصرم تطورات وطنية بالغة الدقة والعمق، مست نسقه الدستوري وقواعد العمليات السياسة الوطنية، وتميزت سنواتها بإحداث كبرى أعادت بقوة الأصوات الداعية إلى فكرة الإصلاح التي طغت في المشهد السياسي الوطني. وبالطبع لا تعود فكرة الإصلاح الحقوقي بالمغرب إلى هذا العقد وحده، بل لطالما كانت من المواضيع التي استأثرت بالاهتمام منذ إلغاء معاهدة الحماية.
وإدراكا من المغرب بأهمية حقوق الإنسان دوليا ووطنيا، وباعتباره عضوا نشيطا في منظمة الأمم المتحدة، فقد عمل على المساهمة في إنشاء وتطوير وملائمة منظومته الحقوقية، حيث شرع المغرب في الانخراط والانضمام الفعليين إلى منظومة حقوق الإنسان عبر:
ü  تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في 8 ماي 1990؛
ü  تحرير المختفين قسريا بالمركز السري السابق بتازمامارت في شتنبر 1991، وشمول نفس العملية لمراكز أخرى في كل من قلعة مكونة، أكدز؛
ü  مراجعة الدستور بموجب استفتاء 14 شتنبر 1992؛ حيث تم دسترة ملف حقوق الإنسان لأول مرة في تاريخ الدساتير المغربية؛
ü  إحداث وزارة مكلفة بحقوق الإنسان في التشكيلة الحكومية لسنة 1992 (الوزير عمر عزيمان)؛
ü  التصديق على اتفاقيتي القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ومناهضة التعذيب؛
ü  إصدار ظهير رقم 288-94-1 بتاريخ 25 يوليوز 1994 بتنفيذ القانون رقم 94-25 الملغي بموجبه الظهير الشريف المؤرخ في 29 يونيو 1935،  المتعلق بزجر المظاهرات، بناء على مقترح فانون كان قد تقدم به كل فريقي حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي؛
ü  صدور قرار العفو الشامل في خطاب ملكي للحسن الثاني09  يوليوز 1994 عن جميع المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين.
على انه لا بد من الإشارة كذلك، إلى الدور الكبير الذي لعبه المجتمع المدني في بلوغ المكتسبات الحالية  في مجال حقوق الإنسان، بفضل نضال وتضحيات أولئك الذين آمنوا بأهمية هذا الملف في م دافعوا ثمنا باهظا من حريتهم في سبيل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وفتح صفحة جديدة من تاريخ المغرب الحقوقي.
_____________________________________________
(1)  هي المبادئ الأخلاقية الكونية والتي تصف نموذجاً للسلوك البشري الذي يفُهم عموما بأنه حقوق أساسية مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونه إنسان لا يجوز المس بها، ملازمة لهم بغض النظر عن هويتهم أو مكان وجودهم أو لغتهم أو ديانتهم أو عرقهم. وحمايتها مقننة كحقوق قانونية في إطار القوانين المحلية والدولية. وتفرض على المرء احترام الحقوق الإنسانية للآخرين. ولا يجوز ولا ينبغي أن تُنتزع إلا نتيجة لإجراءات قانونية واجبة تضمن الحقوق ووفقا لظروف محددة.
أهمية الموضوع:
تبرز أهمية هذا الموضوع في مسألة سمو الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها سواء خلال الثنائية القطبية أو بعدها، لتحديد طبيعة ومكانة المرجعية القانونية ذات الأولوية، وإيجاد الآليات الكفيلة بالقيام بمهمة الملائمة خاصة بعد التعديل الدستوري الأخير، والالتزام عمليا بالإسقاطات القانونية المترتبة عليها، مما يشكل مؤشرا على نضج وحركية السياق الحقوقي اعتبارا لكون قضية حقوق الإنسان تشكل جزءا لا يتجزأ من إشكالية الديمقراطية.
وتتجلى كذلك أهمية هذا الموضوع في كون مصادقة المغرب على العديد من الاتفاقية لحقوق الإنسان تبعته مهمة شاقة تتعلق بتحيين الترسانة القانونية الوطنية وملائمتها مع هذه الاتفاقيات.

الإشكالية:
إلى أي حد استطاع المغرب الانخراط في المسلسل ملف حقوق الإنسان؟
وما هي أبرز المراحل التي صادق فيها المغرب على الاتفاقيات الدولية؟  

المنهج المتبع:
o      المنهج التاريخي؛
o      المنهج التحليلي؛
o       المنهج الوصفي.

















ومن أجل الإحاطة بالموضوع، نقترح التصميم التالي:
v         الفصل الأول: آليات المصادقة على الاتفاقيات الدولية.
·      الفقرة الأولى: المفاوضات.
·      الفقرة الثانية: التوقيع.
·      الفقرة الثالثة:التصديق.
·      الفقرة الرابعة: التحفظ.
·      الفقرة الخامسة: التسجيل والإيداع.
·      الفقرة السادسة: النشر.
v         الفصل الثاني: الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب ما قبل1990 إبان الثنائية القطبية.
·      الفقرة الأولى: الاتفاقية العامة.
1)    الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
2)    العهدان الدوليان.
·      الفقرة الثانية: الاتفاقيات الخاصة.
o    الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
o    الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم.
o    اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
v         الفصل الثالث: مرحلة ما بعد الثنائية القطبية وانهيار جدار برلين
o       الاتفاقية حقوق الطفل:
o       الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق جميع العمال والمهاجرين وأفراد أسرهم.
o       الاتفاقية المتعلقة بالمظاهر المدنية للاختطاف الدولي للأطفال.
o       اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
o       اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
o       اتفاقية مناهضة التعذيب.
v         الفصل الرابع: مرحلة ما بعد 2011.
o    البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
o    البروتوكول الاختياري بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
o    البروتوكول الاختياري بشأن اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبات والمعاملات القاسية، اللاإنسانية أو المهينة.
o    الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

v         خاتمة:       
- الفصل الأول: آليات المصادقة على الاتفاقيات الدولية.

- الفقرة الأولى: المفاوضات. NEGOCIATIONS
يفهم لفظ المعاهدة على انه اتفاق يعبر صراحة عن الإرادة المشتركة لشخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام، تترتب عنه أثار قانونية. لكن التساؤل الذي يثار فيما إذا كان يمكن تصور تطابق الإرادات عند إبرام اتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف؟
فالممارسة تؤكد صعوبة إطلاق أحكام عامة بشأن إبرام المعاهدات، خاصة في ضل تضارب الأهداف والمصالح، الأمر الذي يجعل من آلية التفاوض مدخلا أساسيا للتوفيق بين إرادة الدول الأطراف ومسلسلا للتواصل والتبادل يهدف إلى حل مشكل تنازعي، في أفق التوصل إلى اتفاق في صيغة معاهدة.
فالخلاصة أولية تدفعنا إلى القول بأن أي دولة طرف في المعاهدة تتوخى أهداف مختلفة، واللجوء إلى المفاوضات من شانها بسط أرضية لالتقاء السياسات الخارجية إيذانا بولادة نظام قانوني جديد بين الدول في شكل معاهدة يرتضي الأطراف الالتزام بها (المادة 52 من اتفاقية فيينا 1969) تنفي إمكانية إبرام اتفاق دولي عن طريق الإكراه.
هكذا فالمفوضات تؤسس للبينة التحتية للاتفاقيات، من حيث تقريب الرؤى والتركيز على تجاوز التناقضات وليس إزالتها. فترمومتر العلاقات الدولية دائم التوتر والاهتزاز مما يطرح ضرورة إبرام معاهدات دولية لتطويق مجالات الخلاف، الأمر الذي يجعل من المفاوضات آلية محورية للبحث عن اتفاق يرتكز على مصالح مادية أو رهانات محسوبة بين محاورين أو أكثر وفق جدولة زمنية محددة. ويتخذ الاتفاق الناتج عن التفاوض في الغالب الأعم شكل معاهدة دولية ترتبط بمختلف المحالات ذات الصلة بموضوع التفاوض. كالجانب الاقتصادي أو السياسي أو الحقوقي أو الإنساني ...
فالهدف الرئيسي للتفاوض هو حل النزاع والحصول على اتفاقية ذات مزايا أفضل مما لو حصلت بدون تفاوض. إضافة إلى اعتماد خطة مرنة يتم من خلالها تنفيذ وتطبيق الاتفاقية التي توصل إليها الأطراف المشتركين في المفاوضات.

- الفقرة الثانية:  التوقيع LA SIGNATURE
تنص المادة 12 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، بأن التوقيع سواء كان بالأحرف الأولى أو بالأحرف الكاملة لأسماء المفوضين ليس له قيمة تجاه المعاهدات، إلا إذا تم الاتفاق بين ممثلي الدول الأطراف بان للتوقيع أثارا قانونية ملزما ونهائيا. وتجدر الإشارة، إلى أن هؤلاء الأفراد الممثلين لدولهم وان كانوا لا يتمتعون بالشخصية القانونية، فان دولهم تَظل ملتزمة بالمعاهدات طبقا لمبدأي استمرارية الدولة من جهة أولى، وقدسية الاتفاق والوفاء بالعهد من جهة ثانية. ولذلك لا تؤثر التغيرات التي تعرفها السلطة والنظام الداخليين على المعاهدات التي تم إبرامها باسم الدولة.
وفي القانون المغربي، فسلطة التوقيع على المعاهدات من اختصاص الملك حسب الفصل 55 من الدستور الحالي، الذي يقابله الفصل 31 من دستور 1996. الأمر الذي جعل من هذا الفصل مثار انتقادات فقهية، من حيث إيعاز مسطرة التوقيع إلى أعلى سلطة في الدولة في الوقت ذاته الذي يباشر فيه المفاوضون، على المستوى الممارستي، عملية التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، مما يفسح المجال لبعض الإشكالات القانونية العملية بخصوص إبرام المعاهدات. وقد أثير هذا الإشكال فعلا عند إصدار دستور 1962 بشأن مدى توفر الممثل الخاص للملك عند إبرام المعاهدات على تفويض بالتوقيع، باعتبار أن سلطة التوقيع احد الامتيازات السيادية للملك بمقتضى الدستور، أم على خلاف ذلك يتوفر على كامل صلاحيات السلطة ((LETTRES DE PLEINS POUVOIRS)) تؤهله للمشاركة في المفاوضات، وبالتالي تخويله مهمة التوقيع على الاتفاقيات التفاوض بشأنها.

- الفقرة الثالثة: التصــــديق LA RATIFICATION
التصديق إجراء قانوني يصدر عن السلطة المختصة دستوريا، تعبر بمقتضاه عن قبولها بمعاهدة وإلتزامها بأحكامها ومضامينها بصفة نهائية. وبمعنى أدق فالتصديق هو الفعل الرسمي الذي يصدر عادة عن رئيس الدولة باعتباره المسؤول الأول عن التأكد من صحة المعاهدة شكلا، وعدم تعارضها مع المصلحة العليا للدولة موضوعا ونفاذا. ذلك أن مسألة تحديد الجهاز المختص بالمصادقة يختلف من دولة إلى أخرى حسب النظم السياسية والدستورية المعمول بها. فقد تستأثر المؤسسة التنفيذية في شخص رئيس الدولة، بإبرام المعاهدات والتصديق عليها، وإما أن تتفرد بهذه الصلاحية المؤسسة التشريعية. إلى أن الطريقة السائدة في معظم الدول هي التي تجعل المصادقة اختصاصا مشتركا بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وهذا المنحى الأخير هو الذي اعتمده الدستور المغربي الذي يعهد بالمصادقة على المعاهدات للملك والبرلمان، خاصة أن هذا الأخير لم يعد يمارس فقط صلاحياته بالنسبة للمعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة، كما هو الشأن بالنسبة لدستور 1996 ( المادة 39)، بل تم امتداد صلاحياته لتشمل بمقتضى دستور 2011 ( الفصل 55)، معاهدات السلم أو الاتحاد، أو معاهدات رسم الحدود، و المعاهدات ذات الطبيعة التجارية.
فالتصديق على المعاهدات من قبل الدول الموقعة عليها لا يثير أية مسؤولية قانونية اتجاهها، وبمعنى أوضح يخضع التصديق للسلطة التقديرية للدولة سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، الأمر الذي يترتب عن ذلك كون التصديق غير مقترن بأجل يجب احترامه من قبل الدول المعنية، كما أنه ليس واجبا عليها، وبالتالي من حقها رفضه. غير أن المادة 14 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات قد أشارت إلى أربع حالات  يكون فيها فيها التصديق - كإجراء- ضروري لنفاذ المعاهدة، وهي:
·      الحالة الأولى: إقرار المعاهدة بأن آلية التصديق هي وسيلة التعبير عن الرضي.
·      الحالة الثانية: ثبوت اتفاق الدول الأطراف على اشتراط التصديق.
·      الحالة الثالثة: توقيع ممثل الدول مع التحفظ بشرط التصديق.
·      الحالة الرابعة: إذا ظهرت نية في التوقيع بشرط التصديق، أو إذا عبر ممثل الدولة عن ذلك أثناء المفاوضات.
الفقرة الرابعة: التحفظ LES RESERVES .
هي تقنية تسمح للدولة من جانب واحد بالتعبير عن استبعاد أو تغيير الأثر القانوني للمعاهدة، أي أنها تلتزم باحترام الاتفاقية باستثناء بعض المواد التي تعتبرها مخالفة لقانونها الداخلي، ولا يمكن القيام بتحفظات إلا في حالة المعاهدات المتعددة الأطراف ويصاغ التحفظ بشكل مكتوب، مع ضرورة إعلام الدول به. توجد ثلاث قيود للقيام بتحفظ. ويهدف التحفظ لاستبعاد أو تغير محتوى المعاهدة  بالنسبة للدولة المتحفظة (المادة 21 الفقرة 1 أ من اتفاقية فيينا). والتحفظ يكون مقبول إلا في الحالات التالية:
·      إذا كان التحفظ محظوراً في الاتفاقية؛
·      إذا كانت الاتفاقية تجيز تحفظات معينة ليس من بينها ذلك التحفظ؛
·      إذا كان التحفظ مخالفاً لموضوع الاتفاقية أو الغرض منها.

الفقرة الخامسة: التسجــيل والإيــــــداع. L'ENREGISTREMENT
تأكيدا لاحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، ورغبة في وضع حدا للدبلوماسية السرية، أقرت المادة 102 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة بضرورة تسجيل كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية لدى الأمانة العامة للهيئة التي تنشرها في مجموعة خاصة بأسرع ما يمكن. غير أن المعاهدات الغير مسجل تبقى سارية المفعول بين أطرافها، ولكن لا يصح التذرع أو التمسك بها أمام فروع وأجهزة المنتظم الدولي للأمم المتحدة.
وتجدر الإشارة، إلى أن التصديق على المعاهدة - كما رأينا سابقا - هو إجراء يفيد إرادة الدولة التقيد بها، وهو يقترن غالبا بإيداع وثائق التصديق من قبل الدول الأطراف للتمسك بها في مواجهة بعضها البعض. وتنص الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادتين 26 و31 على إيداع وثائق التصديق في أرشيف الأمانة العامة للأمم المتحدة، حيث يكلف الأمين العام بإرسال نسخ منها إلى جميع الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية أو انضمت إليها.

الفقرة السادسة: الـنـشــر PUBLICATION
إن اختلاف التشريعات الوطنية وتباينها بشأن إبرام ونفاذ الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، من شأنه إشاعة القلق وعدم الاستقرار في التعامل على المستوى الدولي مما يحول دون تطور مسارات الدينامية الحقوقية على المستوى الداخلي. فالمعاهدة لا تدخل حيز التنفيذ بمجرد التوقيع عليها بل يقتضي خضوعها للتصديق طبقا للنظام الدستوري الداخلي لكل دولة طرف، ثم تأتي مرحلة النشر وتُعلن دوليا ويتم تسجيلها لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
إن الاتجاه العام يسير نحو اعتبار أن التصديق على المعاهدة هو الإجراء الذي تدخل بمقتضاه أحكامها مرحلة التنفيذ على المستوى الداخلي، من خلال ترجيحها على القوانين الداخلية للدول التي تنص دساتيرها على ذلك، فان مسألة الترجيح تقتضي في نظر البعض وجوب النشر وفي نظر البعض الآخر عدم وجوبه، ذلك أن إبرام الاتفاقيات الدولية وملائمتها مع القانون الداخلي مرده سعي المشرع  إلى توفير الحماية القانونية للأفراد، الأمر الذي لا يتأتى إلى بنشرها في الجريدة الرسمية باعتبارها دارا ضبطية ومؤسساتية.
ومن هذا المنطلق فقد أقرت بعض محاكم الموضوع بالمغرب في البعد الأول بحجية تطبيق الاتفاقية الدولية، دون اشتراط نشرها في الجريدة الرسمية، إذ لا يوجد نص قانوني يوجب ذلك، ويكفي الاطلاع على مضامينها لإقرار الزاميتها بأية وسيلة من وسائل الإعلام. إن هذا الاتجاه ينحو إلى التأكيد بأن النشر بالجريدة الرسمية ليس إلزاميا دائما لنفاذ التشريعات والاتفاقيات، غير أن هذا المعطى أصبح غير ذي موضوع بعد إقرار دستور 2011 في تصديره لسمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها فور نشرها على التشريعات الوطنية.


الفصل الثاني: الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب ما قبل1990 إبان الثنائية القطبية.
·     الفقرة الأولى: الاتفاقية العامة أو الشرعة الدولية لحقوق الإنسان(1)

- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
هو وثيقة حقوق دولية تمثل الإعلان الذي تبنته الأمم المتحدة 10 ديسمبر 1948 في قصر شايو في باريس، ويتحدث الإعلان عن رأي الأمم المتحدة حول مسألة حقوق الإنسان المحمية لدى كل الناس. وقد اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 215 ألف (د-3)، بتاريخ 10 دجنبر 1948، ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمثابة أول صك دولي إرشادي يتعلق بالحقوق والحريات، وان كان لا يملك تلك القوة الإلزامية من الناحية القانونية، غير أنه شكل علي مر الزمن مصدر الهام لدول العالم في اعتماد اتفاقيات وأدوات ملزمة قانونا. ومعظم الدول المعاصرة - بما فيها المغرب- تتبنى في ديباجة دساتيرها المبادئ العامة التي جاءت في مواده.

- العهدان الدوليان.
1.            العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: تم اعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة طبقا لقرار 2200 بتاريخ 16 دجنبر 1966، ودخل حيز التنفيذ على المستوى الدولي في 1976، وقد صادق عليه المغرب في 27  مارس 1979. وبمقتضي المصادقة على العهد تتعهد الدول الأطراف استنادا من المادة 16 منه بتقديم تقارير عن الإجراءات التي اتخذتها والتقدم الذي أحرزته في تحقيق وضمان مراعاة الحقوق المقررة فيه، كما تتعهد أيضا بمقتضى المادة 2، من خلال المساعدة والتعاون الدوليين وباعتماد كافة والوسائل بما فيها على وجه الخصوص الإجراءات التشريعية للدفع باتخاذ الخطوات الاقتصادية والفنية اللازمتين للتوصل تدريجيا للتحقيق الكامل للحقوق الحريات الأساسية المعترف بها في هذا العهد.
2.            العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: اعتمد من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام طبقا للقرار 2200، بتاريخ 16  دجنبر 1966، وقد دخل حيز النفاذ على المستوى الدولي بتاريخ 23 مارس 1976، طبقا لمقتضيات المادة 49 منه. وقد صادق المغرب على هذا العهد الدولي في 27 مارس 1979.
للإشارة، فالمصادقة على العهد كما ورد في ديباجته، إيذانا بالتزام الدول الأطراف بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان ومراعاة حياته الأساسية، حيث تتعهد كل دولة طرف من جهة أولى باتخاذ الإجراءات التشريعية الإدارية والقضائية اللازمة لتفعيل أحكام العهد، ومن جهة ثانية تلتزم بوضع التقارير عن الإجراءات التي اتخذتها لتامين وضمان الحقوق المدنية والسياسية المقررة فيه.
____________________________________________
(1)  مصطلح يقصد به خمس وثائق تحديداً هي:
1.        الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948؛
2.        العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 ؛
3.        العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 ؛
4.        البرتوكول الاختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الشكاوى الفردية) (1966)؛
5.        البرتوكول الاختياري المحلق بالعهد الدولي الخاص ص بالحقوق المدنية والسياسية (إلغاء عقوبة الإعدام) (1966).

·     الفقرة الثانية: الاتفاقيات الخاصة.

1 – الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق طبقا للقرار 2106 المؤرخ في 21 دجنبر 1965. وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ على المستوى الدولي بتاريخ 4 دجنبر 1969، وعمد المغرب إلى المصادقة عليها بتاريخ 27 أكتوبر 1969،
وقد سجل المغرب تحفظه على الفصل 22 من هذه الاتفاقية، الذي ينص على عرض أي نزاع ينشأ بين الدول الأطراف بشأن تفسير أو تطبيق أحكام هذه الاتفاقية على محكمة العدل الدولية، مصرحا بأن القبول بهذا المعطى يظل رهينا باتفاق جميع الأطراف في النزاع.

2 – اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
اعتمدت هذه الاتفاقية من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها رقم 34/180 الصادر بتاريخ 18 دجنبر 1979 . وقد دخلت حيز النفاذ على المستوى الدولي بتاريخ 3 شتنبر 1981 طبقا لأحكام المادة 27.
وبمقتضى الظهير الشريف رقم 2-93-4 المؤرخ في 21 يونيو 1993 صادق المغرب على هذه الاتفاقية مع إبدائه بعض التحفظات عليها. (ألا تخل بالمقتضيات الدستورية المنظمة لقواعد توارث العرش، وألا تكون منافية لأحكام الشريعة الإسلامية).
وتنحو هذه الاتفاقية، استنادا إلى ديباجتها، إلى تأكيد مقاصد ميثاق الأمم المتحدة القائمة على الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقدْره، وبتساوي الرجل والمرأة في الحقوق. وذلك بانتهاج الدول الأطراف لسياسات عامة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة بإدماج مبدأ مساواتها مع الرجل في دساتيرها الوطنية ومختلف تشريعاتها، فضلا عن ضمان حماية فعالة لها عن طريق القضاء.






-الفصل الثالث: مرحلة ما بعد الثنائية القطبية وانهيار جدار برلين
1.     اتفاقية حقوق الطفل:
اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والمصادقة والانضمام إليها  بقرار رقم 44/25 الصادر بتاريخ 20 نونبر1989. وقد دخلت حيز النفاذ على المستوى الدولي بتاريخ 2 شتنبر1990، طبقا للمادة 49، وتم التصديق عليها من طرف المغرب بموجب الظهير الشريف رقم 04-93-4 المؤرخ في 21 يونيو 1993، مسجلا تحفظه على أحكام المادة 14 من الاتفاقية التي تعترف للطفل بالحق في حرية الدين، وذلك لأن الإسلام هو دين الدولة. ومجرد التصديق يعتبر لوحده إقرار سياسي وقانوني بأهمية التعاون الدولي كحماية حقوق الطفل وتنشئته وفي بيئة عائلة وتربيته على روح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، والقائمة على روح التسامح والمساواة، وعلى العموم يبقى بلوغ هذه الأهداف قيام الدول الموقعة على هذه الاتفاقية تضمين موادها في التشريعات الوطنية.

2.    الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم:
وقع المغرب علو هذه الاتفاقية في 15 غشت  1991، وجاءت مصادقة المغرب على هذه الاتفاقية بظهير شريف رقم 05-93-4 مؤرخ في 21 يونيو 1993، مقرونة بتحفظه على المادة 92 التي تنص على عرض أي خلاف بشان الاتفاقية على التحكيم بناء على طلب احد أطراف النزاع، غير انه لم يقم بنشر هذه الاتفاقية في الجريدة الرسمية إلا بتاريخ 23 يناير 2012.
وتكمن أهمية هذه الاتفاقية في تنصيصها على مجموعة من المعايير الدولية بخصوص معاملة المهاجرين الشرعيين والغير الشرعيين،  ورعاية حقوق الإنسان الخاصة بهم، فضلا عن التزامات ومسؤوليات الدول المستقبلة والمرسلة. الجدير بالذكر، أن عدد الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية وصل إلى 34 دولة.
وتعتبر هذه الاتفاقية مدخلا أساسيا لتعهد الدول الموقعة عليها على احترام وتأمين حقوق العمال المهاجرين، وكذا أفراد عائلاتهم  المتواجدين فوق ترابها من كل تمييز قد يطالهم. فضلا عن دفع الدول المصدقة إلى إعمال المعايير الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية، كالاتفاقيات المتعلقة بالهجرة من اجل العمل، والاتفاقيات المتعلقة بالهجرة في ظروف تعسفية وتشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في معاملة العمال المهاجرين، وكذا التوصية بشان العمال المهاجرين، بالإضافة إلى الاتفاقية المتعلقة بإلغاء السخرة.

3.    البروتوكول(1) الاختياري بشان اتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة:
تم اعتماد هذا البرتوكول وعرضه على التوقيع والمصادقة والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 263-54 المؤرخ في 25 ماي 2000، ودخل حيز التنفيذ في12 فبراير 2002، حيث صادق عليه المغرب بتاريخ 22 يونيو 2002، ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ فاتح مارس 2004. هذا، ويعتبر هذا البرتوكول الملحق باتفاقية حقوق الطفل محاولة لتعزيز تنفيذ الاتفاقية وتكثيف الحماية للأطفال أثناء الصراعات المسلحة، وذلك بالتزام الدول المصادقة عليه باتخاذ كل ما يلزم من الإجراءات لضمان تحييد الأطفال عن الالتحاق بصفوف القوات المسلح والاشتراك في الأعمال الحربية المباشرة ما لم يبلغوا سن 18. وينص البرتوكول كذلك على تقديم الدول الأطراف تقريرا أوليا شاملا إلى لجنة حقوق الطفل خلال السنتين اللتين تليان دخول البرتوكول حيز التنفيذ، والالتزام بتقديم تقرير دوري كل 5 سنوات.

4.    بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة:
اعتمد هذا البرتوكول وتم عرضه للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15 نونبر 2000، ويهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الموقعة عليه لمنع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، مع إيلاء اهتمام خاص للأطفال والنساء خاصة الضحايا منهم.
وفيما يتعلق بالمغرب فقد تمت المصادقة على هذا البروتوكول في مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 07 ماي 2009، حتى يتم استكمال الإجراءات الرسمية، وقد نشر مضامين ومقتضيات هذا البروتوكول بالجريدة الرسمية بتاريخ 6 فبراير 2012.

5.    البروتوكول الاختياري بشان اتفاقية حقوق الطفل بشان بيع واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية:
تم اعتماد هدا البرتوكول وعرضه للتوقيع والمصادقة والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار 263 بتاريخ 25 ماي 2000.
وبمقتضى البرتوكول أعلاه، فالدول الموقعة ملزمة بتوفير بتكييف ترسانتها القانونية الداخلية قصد توفير الحماية من كل أنواع الاستغلال الجنسي وسوء المعاملة، وتبني الإجراءات الضرورية للحيلولة دون تعرض هذه الشريحة الضعيفة:
·      الاستغلال الجنسي للأطفال؛
·      نقل أعضاء الأطفال توخيا للربح؛
·      تسخير الأطفال للعمل ألقسري؛
·      استغلال الأطفال في البغاء؛
·      إنتاج أو توزيع أو نشر أو إصدار أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية تتعلق بالأطفال.
_____________________________________________
(1) إجراء قانوني يستعمل كوسيلة تكميلية لتسجيل توافق إرادات الدول على مسائل تبعية لما سبق الاتفاق عليه في الاتفاقية المنعقدة بينهم، وقد يتناول تسجيل ما حدث في المؤتمرات الدولية. والبروتوكول يستمد قوته القانونية من الاتفاقية الملحق بها، ويخضع لجميع المراحل التي تمر بها الاتفاقية من: مفاوضة، تحرير، صياغة، توقيع، تصديق
كما يجب على الدول كل ما يجب القيام به لتعزيز التعاون والتنسيق بين سلطاتها والمنظمات الوطنية والدولية لمعاقبة المسؤولين عن الأفعال المذكورة أعلاه، وتقدم تقرير أولي كل 2 سنتين بدءا من نفاذ البروتوكول، والتعهد بتقديم تقرير دوري كل 5 سنوات إلى لجنة الطفل.
للإشارة، فقد وقع المغرب على الوثيقة في ثامن شتنبر 2000، وصادق المغرب على عليها بتاريخ 02 أكتوبر 2001، ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ فاتح مارس 2004.

6.    الاتفاقية المتعلقة بالمظاهر المدنية للاختطاف الدولي للأطفال:
وقعت هذه الاتفاقية بلاهاي بهولندا بتاريخ 25 أكتوبر1980، وقد أودع المغرب وثائق انضمامه إلى هذه الاتفاقية في 9 مارس 2010، وتنشر بمقتضى الظهير الشريف رقم 11-09-1 المؤرخ في 2 غشت 2011. وتعتبر اتفاقية لاهاي معاهدة متعددة الأطراف تسعى إلى تجنيب الأطفال من الآثار الضارة للاختطاف والاحتجاز خارج الحدود الدولية من خلال اعتماد الإجراءات التي تمكن من عودتهم السريعة إلى بلدان مقر إقامتهم الاعتيادي، بالإضافة إﻟﻰ ﺿﻤﺎن ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮق اﻟﺰﻳﺎرة والاتصال، وذلك من أجل ﺣﻤﺎية الأطفال دوﻟياً ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻀﺎرة ﻟﻨﻘﻠﻬﻢ أو اﺣﺘﺠﺎزهم ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮوﻋﺔ.

7.    اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
تم اعتماد هذه الوثيقة وفتح الباب للتوقيع عليها والمصادقة والانضمام لها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61-611، بتاريخ 13 دجنبر2006، وقد وقع عليها المغرب بتاريخ 30 مارس 2007، وصادق عليها بتاريخ 08 أبريل 2009.
ولعل من بين الأهداف التي ترمي إليها هذه الاتفاقية هو:
·      تعزيز وحماية وكفالة جميع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع باقي المواطنين في جميع السياسات والبرامج؛
·      تعهد الدول بملائمة تشريعاتها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار التعاون الدولي لإنفاذ الحقوق المتضمنة في هذه الاتفاقية في إطار عقد شراكات مع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة؛
·      إحداث لجنة معنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ينتخب أعضاؤها من الدول الموقعة مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل، وأيضا مختلف النظم القانونية ومشاركة الخبراء ذوي الإعاقة مهمتها النظر في التقارير الشاملة التي تقدمها الدول الأطراف في هذه الاتفاقية وبيان التقدم المحرز في هذا المجال، وإظهار المعيقات.
وتتمتع اللجنة بمهام لعل أهمها:
Ø  تقديم اقتراحات وتوصيات عامة إلى الدولة الطرف أو إشعارها بضرورة فحص تطبيق الاتفاقية على إقليمها؛
Ø  تقديم تقارير عن أنشطتها إلى الجمعية الهامة والمجلس الاقتصادية والاجتماعي كل 2 سنتين فضلا عن تقديم اقتراحات وتوصيات عامة في ضوء فحص التقارير الواردة من الدول الأطراف.
وفيما يتعلق ببدء النفاذ الفعلي للاتفاقية، فقد كان بتاريخ 3 ماي 2008، بعد إيداع الصك العشرين للتصديق. أما بخصوص إبداء التحفظات على بنود هذه الاتفاقية فلا تجيزه المادة 46 إذا كان منافيا لموضوعها وغرضها.


8.    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد:
تم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بنيويورك بتاريخ 31 أكتوبر 2003، وقد أودع المغرب وثائق مصادقته على هذه الاتفاقية بتاريخ 9 ماي 2007، ونشرها بالجريدة الرسمية سنة 2008. وقد جاء في هذه الاتفاقية بأن الفساد واكتساب الثروات بصورة غير قانونية من شانه تقويض المؤسسات الديمقراطية والاقتصادية الوطنية وسيادة القانون، ويعرض بالتالي القيم الأخلاقية والعدالة والتنمية المستدامة للخطر. وبمقتضى هذه الاتفاقية فكل الدول المنضمة ملزمة على العمل بملائمة أنظمتها القانونية الداخلية حتى توفر الحماية للمبلغين عن الأفعال المجرمة.

9.    البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
بمقتضى هدا البرتوكول الذي تم اعتماده بتاريخ 13 دجنبر 2006، تعترف الدول الموقعة عليه بجعل لجنة حقوق الإنسان ذوي الإعاقة بتلقي بلاغات الأفراد أو المجموعات الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك دول طرف في الاتفاقية، وتكون اللجنة ملزمة بالسرية في عرض البلاغات المقدمة إليها على الدولة المعنية لطلب توضيحات تبين الإجراءات التي اتخذتها هذه الدولة المعنية. وقد انضم المغرب إلى هذا البرتوكول الاختياري بتاريخ 8 أبريل 2009.
تقوم اللجنة بإحالة اقتراحاتها وتوصياتها نتيجة دراسة البلاغات المتوصل بها إلى الدولة والى المعني بالأمر، وفي حالة توصل اللجنة بمعلومات تفيد حصول انتهاكات جسيمة ومنتظمة للحقوق المضمنة في الاتفاقية ذات الصلة تدعو الدولة الطرف إلى التعاون في فحص المعلومات وتقديم الملاحظات أو القيام بزيارة لإقليم الدولة الطرف بعد الحصول على موافقتها لإجراء التحريات اللازمة.
هذا، ويجيز البروتوكول للدول عند التوقيع أو التصديق عليه آو الانضمام إليه، إعلانها عدم الاعتراف باختصاص اللجنة المشار إليها سابقا، وفي ذات الوقت تقر المادة 11 بعدم جواز إبداء أي تحفظ يكون منافيا لموضوع البروتوكول وغرضه، وعليه فالدول الأطراف مطالبة بتهيئة مؤسساتها وقوانينها قصد الوفاء بالالتزامات المضمنة في الاتفاقية


10.     اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللانسانية أو المهنية:
اعتمدت هذه الاتفاقية الدولية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 46-39 المؤرخ في 10 دجنبر 1984، وفيما يتعلق بالمغرب فقد وقع عليها في ثامن يناير 1986، ليصادق عليها 21  يونيو 1993، وتنشر في الجريدة الرسمية بتاريخ  19 دجنبر 1996.  وقد سجل المغرب تحفظين علو المادة 28 و 30.



-الفصل الرابع : ما بعد 2011
1 – البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
تم اعتماده في 16 دجنبر 1966 ودخل حيز التنفيذ في 23 مارس 1976. و يهدف هذا البروتوكول إلى تمكين لجنة حقوق الإنسان من تلقي ودراسة الشكايات والبلاغات الفردية.
وإلى حدود يناير 2003 أصبحت أكثر من 105 دولة طرفا في هذا البروتوكول منها 33 دولة عربية وإسلامية  ( السنغال 1978, الجزائر 1989, الصومال 1990....). وفيما يخص المغرب فقد عمد على مباشرة إجراءات المصادقة على هذا البروتوكول بتاريخ 18 غشت 2011.

2 – البروتوكول الاختياري بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 
تم اعتماده في 6 أكتوبر1999 ودخل حيز التنفيذ في دجنبر 2000. ويسعى هذا البروتوكول إلى تفعيل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عبر الإٌقرار بحق لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في تلقي ودراسة الشكاوى الفردية بعد استنفاد الطعون الداخلية.
وإلى حدود 13/1/2003 كانت فقط 47 دولة طرفا فيه، غير أنه لم توجد ضمنها أية دولة عربية. وقد أدرج التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة ضمن توصياته الواردة في باب المجالات الرئيسية للإصلاحات المقترحة، أهمية مصادقة المغرب على البروتوكول أعلاه، ورفع تحفظاته بشأن بعض مقتضيات الاتفاقية الدولية ذات الصلة. وقد حضي أخيرا هذا البروتوكول الاختياري بمباشرة المغرب لإجراءات المصادقة منذ 2011.

3– البروتوكول الاختياري بشأن اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبات والمعاملات القاسية، اللاإنسانية أو المهينة
دخل هذا البروتوكول حيز التنفيذ 22 يونيو 2006، وهو آلية دولية جديدة لمنع التعذيب، ويتضمن هذا البروتوكول العديد من القواعد الملزمة، بما في ذلك ممارسة رقابة حيوية على التعذيب من خلال نظام دولي للزيارات الوطنية إلى أماكن الاحتجاز. وتهدف هذه الزيارات المنتظمة التي تضطلع بها هيئات أو لجان وطنية ودولية مستقلة لأماكن اعتقال الأشخاص بصورة مفاجئة، إلى مراقبة ومنع ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتحظى تقارير اللجنة الفرعية المنبثقة عن البروتوكول بالسرية التامة, بحيث تكون متاحة فقط للسلطات والهيئات الوطنية ذات الصلة, ويبقى نشرها متوقفا على الدول المعنية, أو في حالة عدم تعاونها.
وبالرغم من أهمية وجود نظام الزيارات الدورية التي يقوم بها خبراء مستقلون إلى أماكن الاعتقال كأحد أفضل التدابير الوقائية ضد التعذيب، فإن البروتوكول لم يحض بعد بتصديق الدول العظمى كروسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. هذا بالإضافة إلى خلو قائمة التوقيعات والتصديقات من الدول العربية والإسلامية الكبرى كإيران و باكستان.
والجدير بالذكر أن تخوفات الدول من الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب مرده إلى :
o    عدم إمكانية إبداء أي تحفظ بشأنه.
o    الامتثال للزيارات التي تقوم بها الهيئات الدولية بشكل منتظم أو مفاجئ لأماكن الاحتجاز، والتي تشمل كل من مخافر الشرطة وأماكن الاعتقال التابعة لأجهزة الأمن ومختلف السجون ومراكز الأحداث ومراكز ترحيل المهاجرين ومراكز الاحتجاز الخاصة بطالبي اللجوء والمصحات النفسية وأماكن الحجز الإداري.
o    تشكيل آليات وهيئات وطنية مستقلة في غضون السنة التي تلي التصديق على البروتوكول لرقابة أماكن الاحتجاز والاعتقال، تكميلا لمهام اللجنة الفرعية الدولية لمناهضة التعذيب.
وبالرغم من التخوفات أعلاه فقد باشر المغرب، في إطار رهاناته الدستورية والحقوقية، إجراءات المصادقة على هذا البروتوكول الاختياري منذ 2011. وتندرج هذه الإجراءات في سياقات ملائمة التشريع الوطني مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والانسجام مع دينامية تأصيل تجريم كل أشكال التعذيب والعقوبات القاسية أو اللاإنسانية ضمن مستجدات الوثيقة الدستورية  لسنة 2011. وذلك من خلال ضمان الحقوق والحريات الأساسية من جهة أولى، وضمان التناسق بين الدستور والممارسة القانونية للدول من جهة ثانية.

4 – الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري
اعتمدت هذه الاتفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/177 المؤرخ في 20 دجنبر 2006. وكان المغرب من بين الموقعين الأوائل عليها بتاريخ سادس فبراير 2007، وصادق عليها في 14 ماي 2013.
عرفت المادة 2 من الاتفاقية الاختفاء القسري على أنه أي اختطاف أو حرمان من الحرية تمارسه سلطات الدولة على الشخص، ويتبعه رفض تلك السلطات الكشف عن مكان وجوده أو مصيره.
كما تنص الاتفاقية على إنشاء لجنة دولية معنية بحالات الاختفاء القسري، مكونة من عشرة خبراء مستقلين (المادة26)، يعهد إليها برصد مدى التزام الدول المتعاقدة بأحكام الاتفاقية من خلال النظر في تقاريرها التي تتعهد بتقديمها في غضون سنتين من بدأ نفاذ هذه الاتفاقية (المادة29).
وتدخل في اختصاصات اللجنة أيضا تلقي وبحث الشكاوى والبلاغات المقدمة من الأفراد، والتي يدعون فيها وقوعهم ضحايا انتهاك دولهم لأحكام الاتفاقية (المادة31). حيث تقوم اللجنة بالتعاون والتشاور مع مختلف الأجهزة والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، واللجان المنشأة بموجب صكوك حقوق الإنسان ذات الصلة، بغية التنسيق في إبداء الملاحظات واعتماد التوصيات (المادة28). غير أنه في ظل التساؤلات التي تثار حول قدرة هذه الاتفاقية على منع الإختفاءات القسرية على أرض الواقع، يبقى المدخل الأساسي لإعمال أي اتفاقية دولية هو التصديق عليها وجعلها نافذة على المستوى القانوني والممارساتي. فمن جهة أولى،  يتعين على الدولة الموقعة إدراج الاختفاء القسري كجريمة على مستوى التشريع الوطني، ومن جهة ثانية إحالة مرتكبيها إلى العدالة بصورة منتظمة. الأمر الذي تعد معه هذه الاتفاقية بمثابة مقياس قانوني، دولي وموضوعي، الهدف منه المساعدة على إرساء قاعدة لمكافحة الاختفاء القسري، متى توافرت الإرادة السياسية للدول.



خاتـمـة:
إن محاولة الإحاطة بهذا الموضوع وبإشكاليته المحورية وتداخل مقارباته ليست بالعملية السهلة لكون طبيعة قواعد حقوق الإنسان تتسم بحراك دائم، وهو ما جعل المغرب ينخرط في مسلسل من تهيئة الأرضية لانخراطه في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وذلك عبر المراحل المتعددة التي مر منها، و كذا بفعل نضال تلت من الحقوقيين على المستوى الوطني و الدولي، الأمر الذي جعل الدولة بكل مؤسساتها على المستوى الرسمي، تنخرط في دمج منظومة حقوق الإنسان في نظام التعليم وكذا في المعاهد العليا لتكوين الأمن والدرك الملكي وإدارة السجون لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان لدى الفاعلين الأساسيين.

 من إنجاز الطلبةالباحثين:                                               

o      مصطفى أمشيش.                                                                 
o      ياسين نصري.
o      رشيد دهنين.
o      يوسف النغمي.
o      زكرياء الخيراوي.
o      حسن السعدي.
o      أنور التازي.
o      أنس معطى الله.
o      محمد نعتاد.
o    لحبيب فائز.


















لائحة المراجع:

·      د. عبد العزيز لعروسي، التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان: ملائمات قانونية ودستورية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد: 87، الطبعة الأولى، 2014.
·      أحمد شوقي بن يوب، هيئة التحكيم المستقلة مسار المقاربة المغربية لتسوية ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، طبعة يونيو 2004.
·      علي كريمي، حقوق الإنسان تطورها ومرجعيتها، الطبعة الأولى 1999.
·      ذ. عمر بندورو، مدخل إلى دراسة حقوق الإنسان والحريات العامة، المؤسسة الألمانية HANNS SEIDEL، مطبعة دار النشر المغربية الدارالبيضاء، الطبعة 1998.
·      احمد البخاري، أمينة جبران، الحريات العامة وحقوق الإنسان، مقاربة من البعد النظري الى الواقع الراهن، المنشورات الجامعية المغاربية، الطبعة الأولى، 1996.
·      الجريدة الرسمية عدد: 3525 الصادرة بتاريخ  21 ماي 1980.
·      الجريدة الرسمية عدد: 4866 الصادرة بتاريخ  18 يناير 2001.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آثــار إثبــات البنـوة والنسـب على ضــوء مقتضيات قانون مدونة الأسرة الجديد 70.03                            الجزء الأول   مقدمة ع...