السبت، 13 أبريل 2019

مراقبة دستورية القوانين التنظيمية




مراقبة دستورية القوانين التنظيمية


مقدمة:
من خلال مراجعة الوثائق الدستورية لكل من المغرب وفرنسا، فان ما يسترعي الانتباه هو إحالة العديد من فصولها على نوع من القوانين خصها المشرع الدستوري بتنظيم مواضيع ومؤسسات دستورية بعينها، وهذه الطائفة المتميزة من القوانين هي ما اصطلح على تسميته "بالقوانين التنظيمية"  "les lois organiques" فهي تشكل مصدرا للعديد من القواعد الدستورية، ومنبعا ثريا للقانون، ومناسبة لازمة لإغناء اجتهاد القضاء الدستوري[1].
للتعرف على ظاهرة معينة وجب البحث في أصولها ومعرفة كيف تتشكل وتخرج إلى حيز الوجود، وفي هذا الإطار، يمكن الحديث عن السياق التاريخي للقوانين التنظيمية من جانبين، الجانب الأول وهو الجانب الشكلي لمفهوم القوانين التنظيمية، ونعني ظهور المصطلح من حيث هو كمصطلح في الوثائق الدستورية، والجانب الموضوعي للمفهوم، ونعني به ما أطلق الباحثون عليه مصطلح القوانين التنظيمية بحكم أنها تحدد وظيفة المؤسسات أو تضع أنظمتها الأساسية ([2]).
ظهر مصطلح "القوانين التنظيمية" في دستور الجمهورية الخامسة لسنة 1958([3]) الذي أحالت 17 مادة منه على 19 قانون تنظيمي، منها الفصل 46 الذي اعتبر أن القوانين التي يعطيها الدستور صفة القوانين الأساسية ( التنظيمية) يجري التصويت عليها وتعديلها...
بالنسبة للجانب الموضوعي لمفهوم مصطلح القوانين التنظيمية نجد أن الفقه هو من أطلق على طائفة من النصوص القانونية وصف القوانين التنظيمية. ورغم أن الدساتير لم تسمها بذلك، فإنه قد عمل على إظهار أهميتها ودورها في الحياة السياسية والقانونية للمجتمع والدولة.
تكتسي القوانين التنظيمية إذا أهمية خاصة لكونها تعتبر مكملة لأحكام الدستور، وتنشأ هذه الصفة التكميلية من خلال التنصيص الحصري على القوانين التنظيمية في الوثيقة الدستورية، الذي يقتصر على وضع المبادئ العامة والخطوط العريضة المتعلقة بالنظام ويترك التفاصيل والجزئيات للقوانين التنظيمية التي تتمتع بمكانة خاصة ضمن هرمية التشريعات الوطنية، وتحظى كذلك بمسطرة تشريعية خاصة[4].
تعد القوانين التنظيمية جزءا من منظومة القواعد الدستورية ولا تختلف عن الدستور إلا في طريقة وضعها وطرق الموافقة عليها، وتتميز القوانين التنظيمية عن القوانين العادية بأن خصص لها المشرع في الفصل الدستوري مسطرة خاصة.
ونظرا لكون القوانين التنظيمية تحظى بمسطرة تشريعية خاصة، لابد من طرح التساؤلات التالي:
Ü     ما هي مكانة القوانين التنظيمية في النظام الدستوري المغربي؟
Ü     كيف تطورت القوانين التنظيمية في الدساتير المغربية؟
Ü     ما هي خصائص وشروط مراقبة دستورية القوانين التنظيمية في التطبيق المغربي؟
Ü     وما هو منهج القضائي الدستوري في هذا المجال؟
 أسئلة وأخرى سنحاول مقاربتها معتمدين على المناهج التالية:
* المنهج الوصفي: من خلال هذا المنهج سنقف عند مجموع النصوص القانونية المؤطرة للموضوع، بالتالي استخلاص مؤشرات و أحكام و تلمس مكامن القوة و الضعف و أهم الإشكالات القانونية النظرية، ثم الإشكالات العملية التي يطرحها على أرض الواقع.
*المنهج "الوظيفي": وهو يمكن الباحث من آلية تناول الموضوع في وظيفيته، وجرد مختلف التقاطعات التي تحدثها وظائف الأشياء المدروسة في البحث. حيث سيتم تناول مجلسي البرلمان ، حسب اختصاصات كل منهما في مجال التشريع المالي.
* المنهج الاستقرائي: المنهج الاستقرائي: من خلال هذا المنهج انتقلنا من الجزء إلى الكل أو من الخاص إلى العام. بدأنا بالتعرف على الجزئيات ثم قمنا بتعميم النتائج على الكل. وذلك بواسطة استقرائنا مجموعة من النصوص على أساس الملاحظة و الاستنتاج العلمي القائم على التجربة بالمفهوم الحديث للملاحظة و التجربة.
*المنهج التاريخي: من خلال استحضار مجمل قرارات القضاء الدستوري المغربي.





وذلك وفق التصميم التالي:
I.            المبحث الأول: طبيعة القوانين التنظيمية وتطورها في الدساتير المغربية.
-    المطلب الأول: طبيعة القوانين التنظيمية.
-    المطلب الثاني: تطور القوانين التنظيمية في الدساتير المغربية.
II.            المبحث الثاني: مقومات المراقبة على دستورية القوانين التنظيمية.
-    المطلب الأول: إجراءات وشروط مراقبة دستورية القوانين التنظيمية.
o        الفقرة الأولى: طبيعة النص.
o        الفقرة الثانية: الحق في الإحالة.
o        الفقرة الثالثة: أجل الإحالة.
o        الفقرة الرابعة: تقديم الطلب.
o        الفقرة الخامسة: آجال البت.
-    المطلب الثاني: منهج القاضي الدستوري في مجال المراقبة الدستورية الخاصة بالقوانين التنظيمية.
o        الفقرة الأولى: أوجه الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية من حيث الشكل والاختصاص.
o        الفقرة الثانية: أوجه الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية من حيث الموضوع.









I.            المبحث الأول: طبيعة القوانين التنظيمية وتطورها في الدساتير المغربية.
تأتي مكانة القوانين التنظيمية حسب منطق التراتبية في القوانين في المرتبة الثانية بعد الدستور الذي يعتبر أسمى وأعلى القوانين مكانة ومنزلة، وحسب الفقيه الدستوري النمساوي هانس كيلسن HANS KELSEN فالمنظومة القانونية لا تتكون من قواعد قائمة على مستوى واحد إنما على مستويات مختلفة في إطار تراتبية هرمية يقع الدستور على رأسها، فالقاعدة القانونية المنعزلة ليس لها قيمة قانونية ولا تكتسب هذه القيمة إلا إذا ارتبطت بالقاعدة الأعلى منها([5]). وعليه تقع القوانين التنظيمية من ناحية القيمة والدرجة بين الدستور وبين القوانين العادية، فهي إذن أقل من الدستور منزلة وأعلى من القوانين العادية مكانة، ولها قيمة القاعدة الدستورية نظرا لكونها تخضع لمسطرة خاصة منصوص عليها في الدستور فيما يخص وضعها وتعديلها([6]).
-    المطلب الأول: طبيعة القوانين التنظيمية.
نظرا لطبيعة الوثيقة الدستورية التي تتسم بالإيجاز والاختصار، ولطبيعة الحياة السياسية المتسمة بالدينامية والتطور، أوكل المشرع الدستوري تنظيم بعض المؤسسات والمواضيع التي تهم النظم السياسية والدستورية للدولة إلى القوانين التنظيمية، من اجل إيضاح وتكملة وتحديد شروط تطبيق النصوص الدستورية التي تحيل عليها([7]).
1.     تعريف القوانين التنظيمية.
الحقيقة أن محاولة إعطاء تعريف محدد ودقيق للقوانين التنظيمية ليس بالأمر السهل فالمهندس الدستوري المغربي لم يكلف نفسه عناء تعريفها مكتفيا فقط -أسوة بالمشرع الدستوري الفرنسي- بسرد المجالات والمواضيع التي تقتضي صدور قوانين تنظيمية بشأنها، مع إبراز المسطرة الخاصة التي ينبغي المرور منها، وكيفية إعمال المراقبة الدستورية، وبالتالي فان المعيار الوحيد الذي يُمَكّْن من التعرف على هذا النوع من القوانين هو الإحالة الوجوبية القبلية على القضاء الدستوري، يضاف إلى ذلك أن القوانين التنظيمية تأتي دائما في الوثيقة الدستورية على سبيل الحصر (19 قانونا بالنسبة للمغرب).
وعلى هذا الأساس يمكن أن نستخلص أن القوانين التنظيمية([8]) هي تلك القوانين الصادرة بمسطرة خاصة عن المشرع العادي، والمرتبطة بموضوع من الموضوعات المتصلة بالنظام الأساسي للدولة، سواء من حيث شكلها أو نظام الحكم فيها، وتنظيم سلطاتها العليا، وتحديد اختصاصاتها وكيفية ممارستها لوظيفتها([9])، حتى تترك للمشرع الدستوري هامش مناورة لتغيير تلك القوانين التنظيمية متى ظهرت الحاجة إلى ذلك، دون سلوك المسطرة المعقدة مسطريا والمكلفة ماديا والتي يتطلبها تعديل مادة ما في الوثيقة الدستورية. نفس الأمر أكده الأستاذ DIDIER MAUS من أن القوانين التنظيمية تتميز عن باقي القوانين من حيث مناقشتها والتصويت عليها داخل البرلمان، وتختلف عن الإجراءات التي تتبع في وضع القوانين العادية([10]).
2.     مسطرة وضع القوانين العادية:
كما سبقت الإشارة سابقا،فقد أسند المشرع الدستوري اختصاص إصدار هذا النوع من القوانين إلى السلطة التشريعية، لكن ومع ذلك،  هناك اختلاف تتميز به هذه القوانين التنظيمية عن باقي القوانين العادية الأخرى من حيث المسطرة المتبعة في سنها وإقرارها، إذ -حسب الفصل 85 من الدستور هناك إجراءات جوهرية لا بد من إتباعها:

-الإجراء الأول: التداول بالمجلس الوزاري.
لعل أول اختلاف تلحظه عين الباحث فيما يخص تميز هذه النوعية من القوانين هي وجوب تداول المجلس الوزاري الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء وبرئاسة الملك ([11])، ومن المعلوم أن القضايا التي يتم التداول بشأنها في المجلس الوزاري هي قضايا حيوية وعلى قدر كبير من الأهمية بالنسبة للدولة.

- الإجراء الثاني: شرط المداولة.
في ما يتعلق بحق المبادرة، فالقوانين التنظيمية كما القوانين العادية يتمتع فيها بهذا الحق كل من السلطة التشريعية في شكل نقترح قانون، والسلطة التنفيذية في شكل مشروع قانون، غير أنه بخلاف مشاريع ومقترحات القوانين العادية لا يمكن للبرلمان أن يتداول بشأن مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية إلا بعد مرور عشرة أيام على وضعها بمكتب البرلمان([12])، كما أنه لا تتم عملية المصادقة النهائية على القوانين التنظيمية إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين من المجلس المذكور، أما إذا تعلق الأمر بمشروع أو مقترح قانون تنظيمي يخص مجلس المستشارين أو الجماعات الترابية، فإن التصويت يكون وجوبا بأغلبية أعضاء مجلس النواب، هذا زيادة على أنه يجب إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين بالاتفاق على نص موحد بين مجلسي البرلمان.
ولعل المغزى من فرض المشرع الدستوري لمهلة عشرة أيام حتى يمكن للبرلمان التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية، هو منح فرصة للتأمل والتروي([13]) تفاديا للتسرع الذي من في شأنه التأثير سلبا في المجالات التي تدخل في نطاق هذه القوانين، لارتباطها الوثيق بمواضيع ذات بعد سياسي مؤثر في نهاية المطاف على الاستقرار السياسي للدولة، وبالتالي فان النص على إجراءات خاصة لسن القوانين التنظيمية تظهر نية المشرع الدستوري في منح هذه القوانين مرتبة فوق القوانين العادية([14]).

-الإجراء الثالث: وجوب خضوعها للمراقبة الدستورية.
 الإجراء الجوهري الثاني الذي تختلف فيه القوانين التنظيمية عن القوانين العادية هو اشتراط المشرع الدستوري لوجوب خضوعها لمراقبة القضاء الدستوري قبل العمل بمقتضياتها. وهذا ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 85 من دستور 2011، ومن تبرز الأهمية التي يمنحها المشرع الدستوري للقوانين التنظيمية والمرتبة المتميزة التي يخوله لها. ذلك أنه لما كانت القوانين التنظيمية تعتبر مكملة للدستور، فيجب أن تكون متسقة مع أحكامه، وهذا ما يجب التأكد منه مقدما ([15]).

- المطلب الثاني: تطور القوانين التنظيمية في الدساتير المغربية.
بداية لا بد من التذكير أن الحياة السياسية المغربية عرفت نوعا من التذبذب معطى تترجمه تطور القوانين التنظيمية من حيث الكم، فبالرجوع إلى دستور 1962 نجد تسعة قوانين تنظيمية، وتراجعت إلى ثمانية مع دستور 1970، ثم سبعة قوانين تنظيمية مع دستور 1972، وثمانية مع المراجعة الدستورية لسنة 1992، فتسعة قوانين تنظيمية في ظل دستور 1996، لتنتقل إلى تسعة عشر قانونا تنظيميا مع دستور 2011.


تطور القوانين التنظيمية في الدساتير المغربية
9 قوانين تنظيمية
دستور 1962
8 قوانين تنظيمية
دستور1970
7 قوانين تنظيمية
دستور1972
8 قوانين تنظيمية
دستور1992
9 قوانين تنظيمية
دستور1996
19 قانون تنظيمي
دستور2011


مضامين القوانين التنظيمية
دستور 1962
دستور 1970
دستور 1972
دستور 1992
دستور 1996
الفصول
الفصول
الفصول
الفصول
الفصول
ممارسة الحق في الإضراب
14
14
14
14
14
تنظيم مجلس الوصاية
21
21
21
21
21
تأليف مجلس النواب
44
43
43
43
37
تأليف مجلس المستشارين
45
---
---
---
38
تحديد وتتميم مجال القانون
48
45
---
---
---
قانون المالية
53
49
49
49
50
تأليف المحكمة العليا
92
85
86
90
92
مجلس الأعلى للإنعاش والتخطيط
97
90
91
---
---
تنظيم وسير الغرفة الدستورية
102
95
96
---
---
تنظيم وسير المجلس الدستوري
---
---
---
78
80
تنظيم المجلس الاقتصادي والاجتماعي
---
---
---
93
95
تسيير لجان تقصي الحقائق
---
---
---
40
42






وكما سبق الإشارة إليه سابقا، فقد نص دستور 2011 على 22 قانونا تنظيميا رأى النور منها 19 قانونا تنظيميا، وهي كالتالي:

القوانين التنظيمية بدستور 2011
تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية
الفصل 5
سير مجلس وطني للغات والثقافة المغربية
الفصل 5
الأحزاب السياسية
الفصل 7
ملتمسات التشريع
الفصل 14
تقديم العرائض
الفصل 15
حق الإضراب
الفصل 29
مجلس الوصاية
الفصل 44
التعيين في لمناصب العليا
الفصلين49 و92
مجلس النواب
الفصل 62
مجلس المستشارين
الفصل 63
لجان تقصي الحقائق
الفصل 67
قانون المالية
الفصل 75
تنظيم وتسيير أشغال الحكومة
الفصل 87
النظام الأساسي للقضاة
الفصل 112
المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
الفصل 116
المحكمة الدستورية
الفصل 131
الدفع بعدم دستورية القوانين
الفصل 133
الجهات والجماعات الترابية
الفصل 146
تنظيم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
الفصل 153

 وبالنظر إلى الأهمية التي خص بها المشرع الدستوري القوانين التنظيمية داخل المنظومة القانونية، فقد حاول بعض الأساتذة والدارسين تصنيف هذه القوانين مستندين في ذلك على المجال الذي منحته الوثيقة الدستورية لها، وفي هذا الاتجاه صنف الأستاذ Jean-Pierre CAMBY  القوانين التنظيمية في دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية إلى ثلاث مجموعات([16]):
Ü   المجموعة الأولى: ترتبط بالمضمون الاشتقاقي للقوانين التنظيمية، حيث ترتبط بسير الأجهزة المنصوص عليها دستوريا.(المضمون الكلاسيكي للقوانين التنظيمية)؛
Ü   المجموعة الثانية: وهي المواضيع التي لم يتم إبعادها عن القوانين التنظيمية بحكم أهميتها؛
Ü   المجموعة الثالثة: وهي تهدف إلى تكملة وتوسيع نطاق تطبيق الدستور([17]).
وبتبني التصنيف الذي قام به الأستاذ CAMBY للقوانين التنظيمية في فرنسا وإسقاطه على الحالة المغربية سنحصل على ما يلي:

*المصدر: مؤلف-المجلس الدستوري المغربي وضبط سير المؤسسة البرلمانية للإستاد زكرياء أقنوش.
للإشارة، وكما سيوضح الجدول أسفله فهناك العديد من القوانين التنظيمية بالمغرب خلال دستور 1962 ودستور 1970 ودستور 1972، قد خرجت في شكل ظهير شريف بمثابة قانون تنظيمي ودون المرور عبر مؤسسة البرلمان، ولم تخضع قط للمراقبة الدستورية ([18])

القوانين التنظيمية الصادرة في صورة ظهائر
الجريدة الرسمية
التاريخ
ظهير شريف رقم 1.63.118 بشأن القانون التنظيمي لانتخاب النواب
2638
17-05-1963
ظهير شريف رقم 1.63.137 بشأن القانون التنظيمي للغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى (الغرفة الدستورية)
2633-bis
18-04-1963
ظهير شريف رقم 1.63.133 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.63.118 الصادر في 22 ذي القعدة 1382 (17 أبريل 1963) بشأن القانون التنظيمي لانتخاب النواب
2638
17-05-1963
ظهير شريف رقم 1.63.274 المعتبر بمثابة القانون التنظيمي لتأليف و انتخاب مجلس المستشارين
2655
13-09-1963
ظهير شريف رقم 1.63.300 بشأن القانون التنظيمي لمجلس الوصاية
2664
15-11-1963
ظهير شريف رقم 1.63.285 بشأن القانون التنظيمي للمحكمة العليا للعدل
2664
15-11-1963
ظهير شريف رقم 1.63.322 بشأن القانون التنظيمي المتعلق بتأليف المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط
2664
15-11-1963
ظهير شريف رقم 1.63.326 بشأن القانون التنظيمي للمالية
2664
15-11-1963
مرسوم ملكي بمثابة قانون تنظيمي رقم 81.68 بتاريخ فاتح ذي الحجة 1387 (فاتح مارس 1968) يغير بموجبه الظهير الشريف رقم 1.63.322 الصادر في 25 جمادى الثانية 1383 (13 نونبر 1963) بشأن القانون التنظيمي المتعلق بتأليف المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط
2888
06-03-1968
ظهير شريف رقم 1.70.191 بتاريخ فاتح شعبان 1390 (3 أكتوبر 1970) بمثابة القانون التنظيمي لمجلس الوصاية
3023
07-10-1970
ظهير شريف رقم 1.70.207 بتاريخ فاتح شعبان 1390 (3 أكتوبر 1970) بمثابة القانون التنظيمي للمالية
3022bis
05-10-1970
ظهير شريف رقم 1.70.193 بتاريخ 29 رجب 1390 (فاتح أكتوبر 1970) بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط
3022bis
05-10-1970
ظهير شريف رقم 1.70.195 بتاريخ 29 رجب 1390 (فاتح أكتوبر 1970) بمثابة القانون التنظيمي للمحكمة العليا
3022bis
05-10-1970
ظهير شريف رقم 1.70.206 بتاريخ 27 جمادى الأولى 1390 (31 يوليوز 1970) بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه
3013bis
01-08-1970
ظهير شريف رقم 1.70.194 بتاريخ 27 جمادى الأولى 1390 (31 يوليوز 1970) بمثابة القانون التنظيمي للغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى
3013bis
01-08-1970
ظهير شريف رقم 1.72.260 بتاريخ 9 شعبان 1392 (18 شتنبر 1972 ) بمثابة القانون التنظيمي للمالية
3125
20-09-1972
ظهير شريف بمثابة قانون تنظيمي رقم 1.73.206 بتاريخ 6 ربيع الأول 1393 (10 أبريل 1973) يتعلق بتأليف المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط
3154
11-04-1973
ظهير شريف رقم 1.77.177 بتاريخ 20 جمادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه
3366bis
10-05-1977
ظهير شريف رقم 1.77.176 بتاريخ 20 جمادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) بمثابة القانون التنظيمي للغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى
3366bis
10-05-1977
ظهير شريف رقم 1.77.278 بتاريخ 24 شوال 1397 (8 أكتوبر 1977) بمثابة القانون التنظيمي للمحكمة العليا
3388bis
10-10-1977
ظهير شريف رقم 1.77.290 بتاريخ 24 شوال 1397 (8 أكتوبر 1977) بمثابة القانون التنظيمي لمجلس الوصاية
3388bis
10-10-1977

عدد المقررات والقرارات التي صدرت عن القضاء الدستوري المغربي في شأن مراقبة دستورية القوانين التنظيمية:

الفترة
العدد  
الغرفة الدستورية
 17دجنبر 1963 إلى21  مارس 1994
12 مقررا
المجلس الدستوري
21 مارس 1994 إلى 04 أبريل 2017
51 قرارا
المحكمة الدستورية
04 أبريل 2017
02 قرارا
المجموع
65

II.            المبحث الثاني: دور القضاء الدستوري في المصادقة على القوانين التنظيمية
تحظى القوانين التنظيمية بمسطرة خاصة عند انتهائه من المرحلة البرلمانية  و هي إلزامية إحالة هذا النوع من القوانين على المحكمة الدستورية و كما جاء في المقتضيات الدستورية.
المطلب الأول: خصائص وشروط مراقبة دستورية القوانين التنظيمية
وهكذا فإن المحكمة الدستورية   تتدخل وجوبا في القوانين التنظيمية لفحص مطابقتها للدستور قبل إصدار الأمر بتنفيذها، وهي تحمي إلى جانب ذلك– أي مطابقة القوانين التنظيمية للدستور - تطبيقا لقانون التنظيمي إذ لا يمكن سن قانون تنظيمي إلا في المجالات التي حددها الدستور طبقا لما نص عليه، كما أن تدخله يشمل فحصه لمسطرة تبني القانون التنظيمي وهناك حماية خاصة للقوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين، إذ أن الدستور يشترط هنا إقرار هذه النصوص باتفاق مجلسي البرلمان على نص موحد، ومعنى  ذلك أنه لا تجوز أن تكون الكلمة الأخيرة لمجلس النواب، كما يمكن أن يحصل بالنسبة لقوانين عادية أو تنظيمية أخرى[19].
1: طبيعة النص: ((... إن القوانين التنظيمية تعد منبثقة عن الدستور ومكملة له وتغدو أحكامها بعد تصريح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور امتدادا له)). (قرار المجلس الدستوري رقم 786 بتاريخ 02 مارس 2010).
وإن دستور 2011 لم يخرج عن هذا الإطار حيث ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل 85 منه على أن: (لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور). جاء هذا النص الدستوري ليحيل إجبارية إحالة القوانين التنظيمية على المحكمة الدستورية قصد المصادقة عليه[20].
وعليه، تعتبر القوانين التنظيمية ثاني درجة من حيث ترتيب القواعد القانونية، حيث هي مجموعة من القوانين التي يضفي عليها الدستور صفة القوانين التنظيمية – يعدها على سبيل الحصر- والتي يصوت عليها البرلمان وفق إجراءات خاصة مغايرة لتلك المتبعة في وضع وتعديل القوانين العادية[21]، هي قوانين مكملة للوثيقة الدستورية تشكل جزءا من الكتلة الدستورية وأسند المشرع الدستوري هذا الاختصاص إلى البرلمان في إطار صلاحياته التشريعية مما يشكل تفويتا لجزء من السلطة التأسيسية الفرعية لفائدته، من خلال هذا يتضح ان للقانون التنظيمي مكانة خاصة تميزها عن باقي القوانين العادية وهو ما ينعكس على مسطرتها التشريعية، يعتبر الدستور الفرنسي لسنة 1958أول دستور تصدى لتمييز ما بين القوانين العادية والتنظيمية.
ويتعلق الأمر بالبت في المطابقة للدستور التي تنص بلزوم اعلى القوانين التنظيمية قبل تنفيذها، وهي مراقبة إلزامية وقبلية، يقوم بها القضاء الدستوري المغربي، وينجم عن نشر قرار المجلس الدستوري بالجريدة الرسمية يقضي بمطابقة قانون تنظيمي للدستور وفق سريان الأجل المحدد لإصدار الأمر بتنفيذ القوانين، فإذا قضى هذا القرار بعدم مطابقة مقتضى من قانون بتنظيمي للدستور فإنه يحول دون إصدار هذا المقتضى، غير أنه إذا تم التصريح بإمكانية فصله هذا عن مجموع النص جاز إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي بإسناد المقتضى المصرح بعدم مطابقته للدستور[22].
2: الحق في الإحالة: بعد التصويت على القوانين التنظيمية في البرلمان بغرفتيه، يقوم رئيس الحكومة بإحالتها على المحكمة الدستورية، وحسب منطوق المادة (21)ف: (يحيل رئيس الحكومة على الفور القوانين التنظيمية التي أقرها البرلمان، بصفة نهائية، إلى المحكمة الدستورية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، قصد البت في مطابقتها للدستور. ويشار في رسالة الإحالة، عند الاقتضاء، إلى أن الأمر يدعو إلى التعجيل بالبت في الموضوع)[23]..
وأيضا "يحيل رئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين على الفور النظام الداخلي لمجلس النواب والنظام الداخلي لمجلس المستشارين، وكذا التعديلات المدخلة عليهما بعد إقرارها من قبل كل من المجلسين المذكورين، قبل الشروع في تطبيقهما، إلى المحكمة الدستورية قصد البت في مطابقتها للدستور. كما تحال باقي الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور، من لدن رئيس كل مجلس"[24].

3: أجل الإحالة: يحيل رئيس الحكومة على الفور القوانين التنظيمية التي أقرها البرلمان، بصفة نهائية، إلى المحكمة الدستورية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها. قصد البت في مطابقتها للدستور.[25]كما يحيل رؤساء مجلس النواب والمستشارين وكل المجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية وعلى الفور إلى المحكمة الدستورية أنظمتها لمراقبة مدى ملائمتها للدستور.
4: تقديم الطلب:يشار في رسالة الإحالة، عند الاقتضاء، إلى أن الأمر يدعو إلى التعجيل بالبت في الموضوع[26]. بحيث تحيل شكليات الإحالة على طبيعة دراسة المحكمة الدستورية للقانون التنظيمي مشروع المراقبة الدستورية، وهي تتوزع بين الإحالة العادية وإحالة مستعجلة تستدعي من القاضي الدستوري سرعة البث.
5: أجل البث في الطلب: تنص المادة 26 من القانون التنظيمي رقم 066.33 والمتعلق بالحكمة الدستورية على أنه: (تبث المحكمة الدستورية في مطابقة القوانين التنظيمية والقوانين والأنظمة الداخلية للمجالس والالتزامات الدولية للدستور داخل أجل ثلاثين (30) يوما، يحتسب ابتداء من تاريخ إحالتها إليها أو في غضون ثمانية (8) أيام في حالة الاستعجال، بطلب من الحكومة)[27].
المطلب الثاني: مناهج القاضي الدستوري في مراقبة دستورية القوانين التنظيمية
عرف القضاء الدستوري تطورا كبيرا منذ أن أحدثت سنة 1962 و تطور هذا القضاء من ناحية التشكيل حيث كان في بداياتها غرفة دستورية واستمرت هاته التجربة حوالي 30 سنة و ثم أصبحنا أمام المجلس الدستوري الذي أثير في دستور 1992, أما الآن فأصبحنا أمام المحكمة الدستورية التي أثيرت في دستور 2011 و كرسها القانون التنظيمي 13.066. أما على مستوى الاجتهادات فقد راكم القضاء الدستوري تجربة مهمة على مستوى القرارات الخاصة بالقوانين التنظيمية حيث أصدر ما مجموعه 65 قرارا مفصلة حسب الجدول أسفله:
الغرفة الدستورية
المجلس الدستوري
المحكمة الدستورية
12
51
02

ويبسط القضاء الدستوري المغربي رقابته على النص المعروض عليه من وجهين: ناحية الشكل والاختصاص(الفقرة الأولى) وناحية الموضوع(الفقرة الثانية).


الفقرة الأولى: أوجه الرقابة على دستورية القوانين من حيث الشكل والاختصاص

تتمثل الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية من حيث الشكل والاختصاص في تأكد القاضي الدستوري من مدى مراعاة النص عند اتخاذه لقواعد الإجراءات والشكل وكذا قواعد الاختصاص. فكل نص اتخذ دون مراعاة للقواعد المشار إليها أعتبر معيبا بعيب الإجراءات والشكل أو بعيب عدم الاختصاص.
أولا: عيب الإجراءات والشكل
يقصد بعيب الإجراءات والشكل عدم احترام البرلمان أو أحد مجلسيه القواعد الإجرائية والشكلية المحددة دستوريا عند اتخاذ أي تصرف قانوني.
فمسألة مراقبة مدى مراعاة القواعد الشكلية والإجرائية من طرف القاضي الدستوري واضحة حينما يتعلق الأمر ببعض اجتهاداته المرتبطة بالقانون و متوفرة في جميع قراراته المتعلقة بالقوانين التنظيمية:
-ففي قرار للمجلس الدستوري رقم 1995/92 و بمناسبة نظره في القانون التنظيمي رقم 95-05 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق صرح المجلس الدستوري:
"فيما يتعلق بالشكل والإجراءات التشريعية المتبعة لإقرار القانون المعروض على المجلس الدستوري :
حيث إن القانون المعروض على نظر المجلس الدستوري تم اتخاذه في شكل قانون تنظيمي أودع الوزير الأول مشروعه مكتب مجلس النواب في 5 يوليو 1995 وجرت مداولته في هذا المجلس يومي 4 و5 أكتوبر 1995 وتم التصويت عليه وإقراره إثر ذلك ؛
 وحيث إنه على مقتضى ما سلف بيانه يكون القانون المذكور قد جاء بالشكل المقرر في الفقرة الأخيرة من الفصل 40 من الدستور وتم التداول فيه والتصويت عليه بمجلس النواب وفق الإجراءات التي نص عليها الدستور في الفصل 57 منه ؛"[28]
-ففي قرار للمجلس الدستوري رقم 2011/817 و بمناسبة نظره في القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب صرح المجلس الدستوري:
فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:
"حيث إنّه يبين من الوثائق المدرجة في الملف أنّ هذا القانون التنظيمي المحال إلى المجلس الدستوري، تم التداول فيه بالمجلس الوزاري المنعقد في 9 سبتمبر2011، وأَودع السيد رئيس الحكومة مشروعه لدى مكتب مجلس النواب في نفس التاريخ، وجرت المداولة فيه من قبل هذا المجلس ابتداء من 29 سبتمبر2011؛
 وحيث إنّ القانون المذكور ورد في شكل قانون تنظيمي وفق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور، وتداول فيه المجلس الوزاري طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه أولاً لدى مكتب مجلس النواب،ولم يتم التداول في مشروعه إلا بعد مضي عشرة أيام من تاريخ إيداعه ووفقا للمسطرة المنصوص عليها في الفصل 84 من الدستور، كما تمّت المصادقة عليه نهائيا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين لمجلس النواب، وذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 85 من الدستور؛"[29]
وأكد الطرح نفسه في قراراته السابقة 1999-298 و1995-92 و1998-245 و2002-475 وكذا اللاحقة 2011-818 و2011-820 و2011-821 و2012-854 و2012-862 و2014-932.
و يبدو أن المجلس الدستوري يراقب إجراءات المسطرة التشريعية ابتداء من إيداع مشروع القانون التنظيمي بمكتب احد مجلسين البرلمان، غير أنه منذ دخول دستور المملكة لسنة 2011 حيز التنفيذ، أصبح يبحث في الإجراءات انطلاقا من التداول بشأنه في المجلس الوزاري، على أساس أن الفصل 49/بند3 من هذا الدستور بنص صراحة على إجراء تداول المجلس الوزاري في مشاريع القوانين التنظيمية.[30]
ثانيا: عيب الاختصاص
يشكل عدم التزام المشرع بقواعد الاختصاص ما يسمى بعيب عدم الاختصاص، وترتبط هذه الفكرة بمبدأ الفصل بين السلطات، حيث يهدف هذا المبدأ إلى توزيع الاختصاصات بين سلطات الدولة الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) على نحو يكفل تحديد المسؤوليات وعدم التداخل في مابين هذه السلطات.
وتستمد هذه السلطات مصدرها من الدستور، بحيث انه لا يجوز أن يباشر الاختصاص إلا من قبل الجهة التي حددها الدستور، وبالتالي فلا يجوز لسلطة منحها الدستور اختصاصاً معيناً أن تفوض غيرها في ممارسة هذه الاختصاصات بناءا على نص صريح فيه.
وعلى ذلك يرتكز عيب عدم الاختصاص في المجال الدستوري على مخالفة السلطة المختصة بالتشريع لقواعد الاختصاص التي يرسمها الدستور.

-و جاء في قرار للمجلس الدستوري رقم:2011/817 

"أولا- فيما يتعلق بالاختصاص:

1- حيث إنّ الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أنّ القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها تحال إلى المحكمة الدستورية لتبتّ في مطابقتها للدستور؛
 وحيث إنّ الفصل177 من الدستور ينص على أنّ المجلس الدستوري القائم حاليا يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور، مما يكون المجلس الدستوري بموجبه مختصا بالبتِّ في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛
2-حيث إنّ الفصل 176 من الدستور ينص على أنه "إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور"، الأمر الذي يكون بمقتضاه البرلمان القائم حاليا مختصًّا بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ؛"[31]
الفقرة الثانية: أوجه الرقابة على دستورية القوانين من حيث الموضوع
تتجلى الرقابة على دستورية القوانين التنظيمية من حيث الموضوع في بحث القاضي الدستوري فيما إذا صدر النص المصوت عليه من طرف البرلمان أو احد مجلسيه مخالفا لأحكام الدستور، أو أن البرلمان أو احد مجلسيه قد تجاوز سلطته عند إقراره للقانون التنظيمي.
1)    عيب مخالفة أحكام الدستور: يمكن اعتبار مخالفة أحكام الدستور أول عيب يبحث فيه القاضي الدستوري كلما نظر في النص المحال إليه من حيث الموضوع، على اعتبار أن رقابة هذه المخالفة هي رقابة موضوعية تستهدف التحقق من مدى مطابقة النص المحال إليه لأحكام الدستور من حيث سموه الموضوعي و ذلك باحترام المشرع للمبادئ الدستورية و المبادئ ذات القيمة الدستورية.[32]
ففي قراره رقم 97-124 و بمناسبة نظره في القانون التنظيمي 97-31 المتعلق بمجلس النواب صرح بالحيثية الآتية:
"حيث أنه تبين من دراسة القانون التنظيمي 97-31، الذي أقره مجلس النواب يوم 17 غشت 1997 وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 58 من الدستور، ان مواده...ليس في مضمونها ما يخل بأي قاعدة أو مبدأ ذي قيمة دستورية" و أكد العبارة نفسها  في قراره رقم 97-125 بمناسبة نظره في القانون التنظيمي 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين.
2)    عيب تجاوز السلطة: يتحقق هذا العيب حينما يصدر البرلمان أو أحد مجلسيه تصرفا لتحقيق غرض غير ذلك الذي يهدف إليه الدستور، فهو عيب موضوعي و يتعلق بالبواعث و الأهداف غير الدستورية.
        أثار المجلس الدستوري عند نظره في القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، حين علل في بعض حيثيات قراره رقم 2011-817 بالقول:“و حيث أنه ليس من صلاحيات المجلس الدستوري التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع في اختيار التدابير التشريعية التي يرتضيها سبيلا لبلوغ أهداف مقررة في الدستور، طالما أن ذلك لا يخالف أحكام هذا الأخير“.
        يستفاد من هذه الحيثية أن المجلس الدستوري لا يتدخل في الغاية من التشريع في القوانين التنظيمية إلا استثناءا، وذلك لعدة اعتبارات منها:
1)    أن هذه التشريعات صادرة عن ممثلي الأمة المنتخبين بشكل مباشر من طرف الناخبين، في حين أن أعضاء المجلس الدستوري معينين من جهات مختلفة،
2)    أنها صادرة عن عدد لا يستهان به من ممثلي الأمة(مجلس النواب 395 عضو، مجلس المستشارين 120 مستشارا)، و الحال أن عدد أعضاء المجلس الدستوري 12 عضوا،

-        ففي قرار للغرفة الدستورية رقم 1981-57 بشأن القانون التنظيمي 80-29  المتعلق بمجلس الوصاية، ارتأت الغرفة أنه موافق للدستور معللة ذلك بكون التغيير المدخل على الفصل الثاني من القانون التنظيمي هو نقل حر في الفقرة الثانية من الفصل 21 من الدستور، حيث أن هذا النقل مجرد تذكير لمقتضيات الدستور. ومن ناحية أخرى اعتبرت أن الفصل 15 من القانون التنظيمي المعدل لم يضف جديدا سوى أنه رفع عدد أعضاء مجلس الوصاية من عشرة إلى ثلاثة عشر عضوا.[33]
-        وفي قراره 1998-250 الصادر في 24 أكتوبر 1998 و كان بشأن المادة 32 من القانون التنظيمي للمالية و التي نصت على ما يلي:"يتولى الوزير المكلف بالمالية تحضير مشاريع قوانين المالية تحت سلطة الوزير الأول" يتعلق بتعيين الجهة الحكومية التي تقوم بإعداد مشروع قانون المالية ؛
 "وحيث إن ما نصت عليه المادة المذكورة ليس له ، والحالة هذه ، طابع قانون تنظيمي في مفهوم الفصل 50 من الدستور الذي لا يسبغ هذا الوصف إلا على الأحكام المتعلقة بشروط التصويت على قانون المالية ؛
 وحيث إنه بصرف النظر عن هذه الملاحظة، فإن المادة المتحدث عنها ليس في مضمونها ما يخالف الدستور ومجرد إقحامها في قانون ذي طابع تنظيمي لا يعد في حد ذاته مخالف للدستور؛"[34]







خاتمة:
القوانين التنظيمية هي القوانين التي تلي نص الدستور، من حيث الأهمية القانونية، وتأتي بعدها القوانين العادية، فهي على قدر كبير من الأهمية، حيث إنها مُفسِّرة ومُكمِّلة لنصوص الدستور، وتتمتع بحماية أكبر من القوانين العادية، وتتميز بكونها اختصاص يمارس بناء على مقتضى دستوري صريح. إن مواد الدستور، التي تهم المجال التنظيمي، أي القوانين التنظيمية، عادة ما تكون محصورة، والتي تهم بصفة أساسية تنظيم السلطات العامة وسير المؤسسات الدستورية، كما يلاحظ من فصول دستور 2011.
مشاريع القوانين التنظيمية تهم كل الأنظمة والقوانين التي تسير عليها الدولة بكافة أنواعها. والملاحظ على مستوى التعاطي مع إشكال إصدار القوانين التنظيمية في التاريخ السياسي المغربي، هو أنه منذ أول دستور (سنة 1962)، ظل عدد من القوانين التنظيمية دون معرفة الطريق إلى الإصدار، وبالتالي تحولت بعض فصول الدستور ومواده إلى إنشاء بدون قيمة إجرائية، وتفتح بابا للاجتهاد والتوظيف غير البريء، كالقانون التنظيمي للإضراب، الذي يهم مجالات حيوية ترتبط بالحريات والحقوق وأيضا بالاقتصاد والاستثمار، ورغم التطور السلبي لممارسة هذا الحق، فإن الحكومات المتعاقبة لم تستطع إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود.
ومن هذا المنطلق تتبين أهمية ما نص عليه الدستور الجديد من وضع آجال ملزمة لإصدار القوانين التنظيمية، وهذا بالضبط ما يتطلب العمل الجدي والمسؤول على إصدار هذه القوانين قبل متم الولاية التشريعية الأولى، بدل الانغماس الكلي في المزايدات الخطابية على الفرقاء السياسيين.

 من إنجاز الطلبة:                                                                       

·      هشام إيكن                                                                
·      الحبيب فائز
·      محمد نعتاد







لائحة المراجع
الكتب
Ø      زكرياء أقنوش-المجلس الدستوري المغربي وضبط سير المؤسسة البرلمانية-منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة البحث الأكاديمي-عدد10-الطبعة I.ص72
Ø      علي الحنودي، القانون الدستوري النظرية العامة، مطبعة اسبارطيل، الطبعة الأولى 2016، ص: 288.
Ø      المطيع مختار القانون الدستوري وأنظمة الحكم المعاصر، بابل للطباعة والنشر، الرباط، 2012.
Ø      مصطفى قلوش، المبادئ العامة للقانون الدستوري، شركة بابل للطباعة، الرباط، الطبعة الرابعة.
الدساتير والقوانين
ü  دستور 1962 تم تنفيذه بظهير شريف ل 17رجب 1382 (14دجنبر) 1962 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2626 مكرر بتاريخ22 رجب 1382(13دجنبر1962)
ü  دستور 1970 تم تنفيذه بظهير شريف رقم 1.70.177 بتاريخ 27 جمادى الأولى 1370(31يوليوز 1970) منشور بالجريدة الرسمية عدد3013 مكرر يوم 28جمادى الأولى 1370 (فاتح غشت 1970)
ü  دستور 1972 تم تنفيذه بظهير 1.72.061 بتاريخ 23 محرم 1392 (10مارس 1972) منشور بالجريدة الرسمية عدد 3098 بتاريخ 28محرم 1392(15مارس 1972)
ü  دستور 1992 تم تنفيذه بظهير 1.92.155 بتاريخ 11 ربيع الأخر 1413(9اكتوبر1992) منشور بالجريدة الرسمية عدد4172 يوم 16ربيع الأخر 1413( 14اكتوبر 1992)
ü  دستور 1996 تم تنفيذه بظهير 1.96.157 بتاريخ 23جمادى الأولى 1417 (7 أكتوبر 1996)منشور بالجريدة الرسمية عدد 4470 بتاريخ 26 جمادى الاولى 1317 (10اكتوبر1996)
ü  دستور 2011 تم تنفيذه بظهير 1.11.91 بتاريخ  27 من شعبان 1432(29يوليوز2011) منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30يوليوز2011
ü  القانون التنظيمي 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية. ظهير شريف 1.14.167 صادر في 14 شوال 1435(13غشت2014) منشور بالجريدة الرسمية عدد6288 بتاريخ 8ذو القعدة 1435(4سبتمبر 2014)

المقالات
·      عبد العزيز النويضي، المجلس الدستوري بالمغرب، مقال بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 29/1999.
·      مصطفى قلوش، مقال بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،العدد 1999
المواقع
موقع المجلي الدستوري، يوم التحيين 30/10/2018  http://www.conseil-constitutionnel.ma



[1]  حسني علي، القانون الدستوري وعلم السياسية، دار وليلي للطباعة والنشر، مراكش، الطبعة الأولى 1981، ص 93.
[2]  القادري عبد الرحمان، الوجيز في المؤسسات السياسية  والقانون الدستوري، دار النشر المغربية، الطبعة الرابعة 1995،ص 110.
[3]  وإن كانت القوانين التنظيمية ليست إبداعا خاصا لدستور الجمهورية الخامسة، بما أن أصولها موجودة في الدساتير الفرنسية السابقة ... علي الحنودي، القانون الدستوري-النظرية العامة- مطبعة اسبارطيل، الطبعة الأولى 2016، ص: 284.
[4]  مصطفى قلوش، المبادئ العامة للقانون الدستوري، شركة بابل للطباعة، الرباط، الطبعة الرابعة، ص78.
[5]  زكرياء أقنوش، القانون المجلس الدستوري وضبط سير المؤسسة البرلمانية، سلسلة البحث العلمي الأكاديمي الإصدار العاشر، منشورات مجلة العلوم القانونية الطبعة الأولى، ص: 63.
[6]  نفس المرجع أعلاه، ص: 67.
[7]  المطيع مختار القانون الدستوري وأنظمة الحكم المعاصر، بابل للطباعة والنشر، الرباط، 2012، ص 145.
[8]  أو كما يطلق عليها في المشرق القوانين العضوية.
[9]  مصطفى قلوش،المبادئ العامة للقانون الدستوري، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الرابعة 1995، ص:97.
[10]   زكرياء أقنوش، القانون المجلس الدستوري وضبط سير المؤسسة البرلمانية، سلسلة البحث العلمي الأكاديمي الإصدار العاشر، منشورات مجلة العلوم القانونية الطبعة الأولى، ص: 68:
[11]  الفصل 49 من دستور 2011.
[12]  بالنسبة للدستور الفرنسي نصت المادة 46 الفقرة الثانية على مدة خمسة عشر يوما.
[13]  علي الحنودي، القانون الدستوري النظرية العامة، مطبعة اسبارطيل، الطبعة الأولى 2016، ص: 288.
[14]  سيدي محمد ولد سيدي آب، الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، الطبعة I، 2001، ص: 194.
[15]  علي الحنودي، القانون الدستوري النظرية العامة، مطبعة اسبارطيل، الطبعة الأولى 2016، ص: 289.
[16]  في حين صنف الأستاذ على الحنودي هذه القوانين إلى أربعة أصناف.
[17]  زكرياء أقنوش-المجلس الدستوري المغربي وضبط سير المؤسسة البرلمانية-منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة البحث الأكاديمي-عدد10-الطبعة I.ص72
[18]  د.يحي حلوي، المجلس الدستوري: دراسات وتعاليق (1994 - 2017)، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة I، 2017، ص:330.
[19]عبد العزيز النويضي, المجلس الدستوري بالمغرب, مقال بالمجلة المغربية للادارة  المحلية والتنمية, عدد 29,1999.
[20]ظهير الشريف رقم 1,11.91 صادر في شعبان 1432 29 يوليوز 2011 بتنفيذ الدستور, الفصل 85 منه.
[21]: مصطفى قلوش ، الاطار القانوني و الفقهي للقوانين التنظيمية ,المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد47  نونبر دجنبر2002ص.
[22]: يحول نشر قرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم مطابقة مادة من قانون تنظيمي أو من قانون أو من نظام داخلي للدستور دون إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي أو القانون أو العمل بالمادة موضوع القرار من النظام الداخلي.
 غير أنه، إذا قضت المحكمة الدستورية بأن قانونا تنظيميا أو قانونا أو نظاما داخليا يتضمن مادة غير مطابقة للدستور ويمكن فصلها من مجموعه، يجوز إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي أو القانون أو العمل بالنظام الداخلي باستثناء المادة المصرح بعدم مطابقتها للدستور.
 إذا صرحت المحكمة الدستورية أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإنه لا يمكن المصادقة عليه.
المادة 27 من ظهير شريف رقم 1.14.139 ‏ صادر في 16 ‏من شوال 1435 ( 13 أغسطس 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 066.13 ‏ المتعلق بالمحكمة الدستورية.

[23] ظهير شريف رقم 1.14.139 ‏ صادر في 16 ‏من شوال 1435 ( 13 أغسطس 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 066.13 ‏ المتعلق بالمحكمة الدستورية.
[24] نفس الظهير الشريف السابق.
[25]  نفس الظهير الشريف السابق.
[26] نفس الظهير الشريف السابق.
[27] نفس الظهير الشريف السابق.
[28] - فرار رقم 1995-92 صادر في 16 جمادى الآخرة 1416(10 نونبر 1995) ج ر عدد 4335 بتاريخ  06رجب  1416(29  نونبر 1995) ص 3059.
[29] -فرار رقم 2011-817 صادر في 15 ذي القعدة 1432(13 أكتوبر 2011) ج ر عدد 5987 بتاريخ 19 ذو القعدة 1432(24 أكتوبر 2011) ص 5084
[30] -د.يحي حلوي، تطبيقات المجلس الدستوري المغربي في الرقابة على الدستورية، دار المغرب للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 2016، ص 105
[31] - فرار رقم 2011-817 صادر في 15 ذي القعدة 1432(13 أكتوبر 2011) ج ر عدد 5987 بتاريخ 19 ذو القعدة 1432(24 أكتوبر 2011) ص 5084
[32] -.يحي حلوي، تطبيقات المجلس الدستوري المغربي في الرقابة على الدستورية، دار المغرب للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 2016، ص115-116-120-121.
[33] حدو اليفلوفي نجلاء، الرقابة على دستورية القوانين-دراسة مقارنة-بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية أكدال-الرباط،السنة الجامعية221-2002 ص109-110.
[34] - فرار رقم 1998-250 صادر في 24 اكتوبر 1998 ج ر عدد 4641 بتاريخ 23 نونبر 1998

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آثــار إثبــات البنـوة والنسـب على ضــوء مقتضيات قانون مدونة الأسرة الجديد 70.03                            الجزء الأول   مقدمة ع...