المقدمة:
ازدادت وثيرة
الاهتمام في العقود الأخيرة من القرن العشرين وبداية القرن القرن الحادي
والعشرين، بمراكز الدراسات و البحوث والأفكار، حتى أضحت وجودها مؤشرا من مؤشرات
اهتمام الدول و الجماعات بتطوير البحث و المعرفة كإحدى أدوات النهوض الحضاري والثقافي،
واحدى روافد التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
ويعتبر البعض ان المراكز البحثية قد زادت أهميتها الى حد
أصبحت فيه احد الفاعلين في رسم التوجهات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و
التربوية و احد المؤثرين فيها، واحد المشاركين في وضع الحلول لها، وذلك من خلال
توظيف البحث العلمي في خدمة قضايا المجتمع، بتقديم الرؤى وطرح البدائل و الخيارات،
بما يدعم عمليات صنع القرارات ورسم السياسات.
التعريف ببيوت الخبرة :
هي هيئات بحثية مكونة من فرق علمية حسب المجالات
المطلوبة في ميادين متنوعة، تضم مجموعة من الخبراء و التقنيين و المتخصصين في
مجالات محددة، يقوم هؤلاء الخبراء بابحاث ودراسات حسب التخصصات بهدف حل مشاكل و
التوصل الى حلول، وأيضا تقديم الاستشارات وتقديم اقتراحات في شتى المجالات([1]) .
اذن فالحاجة الى
المعلومة أضحت حاجة ملحة وخاصة بالنسبة لمجموعة من المؤسسات الحكومية
والمؤسسة البرلمانية، فإن السؤال يطرح بالنسبة للمؤسسة البرلمانية، وأعضاء
البرلمان.
فالبرلمان يشتمل على هيكل واطار تنظيمي يحدد مختلف
مجالات أنشطة واهداف هذه المؤسسة، واعضاءه الذين يوحدهم القيام بمهام النيابة
البرلمانية وتمثيلية الامة وممارسة الأدوار التشريعية و الرقابية من اجل تحقيق
المصلحة العامة بالإضافة الى تقييم السياسات العامة وفق دستور 2011.
بالإضافة الى تظافر الأدوات و الاليات المساعدة في تحقيق
مجمل هذه الأهداف.
ويعتبر العنصر البشري للمؤسسة البرلمانية احد الموارد
المهمة في الحكم على مدى قوة المؤسسة البرلمانية حيث ان قوة البرلمان من قوة
اعضاءه والعضو البرلماني يشكل نقطة الارتكاز في أي عملية تطويرية للعمل البرلماني.
وتعتبر المعلومة احد العوامل التي تساهم في اضعاف او
تقوية المؤسسة البرلمانية و التقليل او الزيادة من كفاءة السلوك و الأداء، حيث ان
توافر المعلومات المختلفة و المتنوعة وحسن توزيعها و توظيفها تضفي على السلوك و
الأداء الحركة المتغيرة و الديناميكية، فهي تيسر الاعمال البرلمانية و بدونها يصعب
تحقيق أداء جيد.
فسواء العمل التشريعي او الرقابي او تقييم السياسات
العمومية، او العمل الدبلوماسي، تحتاج الى تملك المعلومات، بالإضافة الى الاعتماد
على خبراء ومستشارين لتجويد العمل البرلماني، والقيام به على احسن وجه.
ومن هنا يمكن التساؤل
دور المعلومة والحاجة الى بيوت الخبرة أو مراكز الخبرة البرلمانية في تجويد
العمل البرلماني؟
ولذلك سنحاول التطرق لهذا الموضوع من خلال ثلاث محاور
وهي كالاتي :
المحور الأول: المعلومة وتأثيرها على العمل البرلماني
المحور الثاني: التجارب المقارنة بخصوص الحصول على
المعلومة البرلمانية
المحور الثالث: الحاجة الى بيوت الخبرة البرلمانية
المحور الأول: المعلومة وتأثيرها على العمل البرلماني
ان أهمية المعلومات البرلمانية تكمن في قدرتها على تشكيل
اتجاهات أعضاء البرلمان و تنمية القدرة وتغديتها، على الجانب المعرفي للبرلمانيين،
وهي التي تقوم بتعديل او تغيير او خلق صورة ذهنية لدى عضو البرلمان، حول مختلف
الموضوعات المطروحة للنقاش و القوانين المعدة للتصويت ومجالات الممارسة([2]) .
تعتمد المنظمات الحديثة على أجهزة متخصصة في المعلومات
ودعم اتحاد القرار بها سواء كانت مؤسسات سياسية او اقتصادية او غيرها، حيث ان صانع
القرار في أي من هذه المنظمات يتعرض وبشكل متكرر لنوعين من الازمات المعلوماتية
التي تؤثر على عملية صنع القرار، اما نقص المعلومات او غموضها وعدم دقتها، واما
وفرتها الغامرة الى الحد الذي يمكن صانع القرار من تحليلها وبناء البدائل على
ضوئها، ذلك انه غدت في الوقت الراهن المعلومات عاملا من عوامل تقوية الأداء الجيد
لمختلف المؤسسات السياسية مما جعلها محط التنافس بين مختلف الأطراف من اجل
امتلاكها و الاستحواذ عليها و استعمال مختلف الوسائل لحجبها عن الأطراف الأخرى،
حيث تعتبر المعلومات مصدرا للقوة السياسية وهي في كل الأحوال أساس أي قرار يتخده
كل مسؤول من موقعه، ولايمكن لأحد ان ينكر الدور التي تلعبه المعلومة في اتخاد
القرار الجيد، ولذلك يصدق القول بأن من يملك المعلومات يستطيع ان يكون الأقوى و
الاقدر على الاقناع وبالتالي فإن المعلومات تعتبر السلاح الرئيسي الذي يجب ان
يتزود به عضو البرلمان لممارسة دوره النيابي([3])
فالحصول على المعلومات ضروري للمارسة الأدوار الرقابية و
التشريعية و السياسية ومن تم فإن كفاءة مصادر المعلومات تصبح عاملا أساسيا من
عوامل تقييم مدى فاعلية الدور البرلماني للعضو، كما ان حصول العضو على مصادر هذه
المعلومات بيسر وسهولة يمتل احد الأركان الأساسية لقيام عضو البرلمان بدوره بكفاءة
وفاعلية، ذلك ان سهولة الحصول على المعلومة وكفاءة استخدامها يشكل دعامة أساسية
لتحفييز أعضاء البرلمان على البذل و
العطاء اكثر، والقدرة على الادراك السليم لطبيعة العمل التشريعي و الرقابي و
التعامل معه بإيجابية و تحمل المسؤولية و تقديرها، في حين عدم توافر المعلومات
وقلتها يؤدي الى وجود مجموعة من السلبيات تكون لصيقة بالعمل البرلماني، وتقف سدا
منيعا في تطويره و الارتقاء به، ذلك ان نقص المعلومات يؤثر في نظرة عضو البرلمان
الى دوره و التي يسودها نوع من الضبابية والغموض، كما تساهم في تنمية مشاعر
الاتكالية واللامبالاة في سلوك أعضاء البرلمان وغياب الدافع النفسي و الوجداني
للعمل اكثر و الحصول على الأداء الجيد.
ان أداء عضو البرلمان لوظيفته التشريعية و الرقابية
بحاجة الى توفير معلومات و تحليلات تهم الإحصائيات و الأرقام دات الدلالة و
الأهمية { مثل وضع الاقتصاد الوطني، حالة الاستثمار، معدل النمو السكاني}. إضافة
الى الاحداث المحلية و العالمية{ مثل المؤتمرات العامة، الانتخابات النيابية في
العالم} وتحليلات لموضوعات مثارة في البرلمان.
بالإضافة الى المستجدات التي تهم صناعة القرار العمومي
مع دستور 2011، التي يجب ان تتسم بالنجاعة والفعالية والجودة المطلوبة ، وليس فقط
الامر مرتبط باتخاد قرار وصرف نفقات من اجله، بل اصبح ما يسمى بالسياسة المبنية على
النتائج.
ذلك ان القيام بصياغة مقترحات القوانين يتطلب تقنية
وفنية واسعة سواء من خلال مفردات اللغة القانونية وطريقة صياغة مقترحات القوانين،
بالإضافة الى ضرورة الإحاطة بمختلفة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
المرتبطة بهذا المقترح، خصوصا وان هذا التعقيد والصعوبة في صياغة اقتراحات
القوانين هي التي تكون في غالب الاحيان وراء نفور اعضاء البرلمان عن المبادرة
التشريعية وخفوت دورهم التشريعي وتجعلهم دائما في حالة انقياد وانتظار لما قد تجود
به الحكومة من مشاريع القوانين، حيث مهمة البرلماني تقف عند التصويت الايجابي او
السلب دون القدرة على المبادرة.
كما ان عضو البرلمان لايمكن ان يمارس وظيفته الرقابية
بفعالية الا اذا كان يتوفر على قنوات تسهل عليه جمع المعلومات و البيانات التي
بدونها لايكون نشاطه الرقابي على قدر من النجاعة، فغالبية الموضوعات المطروحة
للرقابة ذات طابع تقني محض، خصوصا مايتعلق بالجانب المالي، وبالتالي الحصول على المعلومات
تمكن عضو البرلمان من الالمام بمختلف الأمور التقنية خصوصا اذا كان يتوفر على قدرة
غير متناهية وحسن توظيف واستعمال هذه المعلومات و تحليلها وفق مايفيد واجبه الرقابي،
والمعلومات قادرة على تعبئة حماس أعضاء البرلمان وامتلاك الجرأة الكافية لإثارة
مختلف المواضيع على اختلاف تعقيداتها.
وعلى اعتبار ان الانتخابات التشريعة او الجماعية لاتفرز
دائما نوابا دو كفاءة علمية او تقنية او على الخصوص دو تقافة و معرفة بالمجال
القانوني او مجال صياغة النصوص القانونية.
فالفصل 30 من الدستور ينص : لكل مواطنة ومواطن الحق في
التصويت و في الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية و التمتع بالحقوق
المدنية و السياسية ".
ولهذا فان ضعف
أداء العضو البرلماني هو راجع الى عدة أسباب من بينها قصور الخدمات المعلوماتية
المقدمة لعضو البرلمان في المغرب الى جانب استئثار الحكومة بالنصيب الاكبرمن المعلومات .
تعتبر الخزانة البرلمانية المورد الأساسي و الأهم،
فبالنسبة للتجربة المغربية، فهو يتوفر على خزانة لكنها لاترقى الى المستوى
المطلوب، ولا تلبي كل الاحتياجات فالمنطق يوجب ان تكون الخزانة البرلمانية توفر
اكبر عدد ممكن من الابحات والدراسات والمراجع لتسهيل عمل النائب البرلماني والرفع
من جودة العمل البرلماني.
فالخزانة البرلمانية تتميز بضعف الإمكانيات المادية
والبشرية الموضوعة رهن إشارة البرلماني، أي ضعف قدرتها في توفير المعلومات لأعضاء
البرلمان، ذلك ان ماتتوفر عليه الخزانة مثلا من منشورات ومؤلفات ودوريات لايساير
التطورات التي عرفها المغرب وبقية دول العالم في مجال الإنتاج الفكري المتعدد
الأنواع والفروع كما ان تسيير خزانة من مستوى خزانة البرلمان يتطلب الموارد
المالية و البشرية الكافية والمؤهلة([4]).
المحورالثاني: التجارب المقارنة بخصوص الحصول على
المعلومة البرلمانية
فبخصوص الحصول على المعلومة البرلمانية تعتبر مكتبة
الكونغرس الأمريكي بمثابة الخزانة الوطنية في الولايات المتحدة الامريكية وتشغل
اكثر من 3000 شخص وقد احدتث لدى تلك المكتبة مصلحة خاصة بالبرلمان واعضائه تسمى"مصلحة
المراجع التشريعة، وقد أنشأت المؤسسة التشريعية الامريكية هيئة بحوث
الكونغرس" وذلك في اطار سعيها الدائم الى تأكيد استقلاليتها عن المؤسسة
التنفيذية ، فيما يتعلق بالحصول على المعلومات اللازمة لقيامها بدورها التشريعي.
اما النمودج الكندي في سنة 2000 وفي اطار تنويع وتطوير
مصادر المعلومات بالنسبة لأعضاء البرلمان ، قام مكتب التسيير الداخلي لمجلس العموم
بتخصيص مبلغ 9 مليون دولار ولمدة سنتين توخى من خلاله استعمال تكنولوجيا متطورة
بخصوص مجال الصوت والفيديو وتبادل المعلومات والانترنت وطريقة تسيير و تدبير المعلومات،
بالإضافة الى احداث بنك المعلومات
المتعلقة بالمناقشات البرلمانية ومختلف القرارات التي تم اتخادها، وبالتالي فضرورة
تطوير العمل البرلماني في المغرب يستدعي الاستفادة من هذه التجارب المقارنة.
ومن خلال استقراء نمودجي كندا وامريكا بالنسبة للخزانات
البرلمانية يتضح حجم الهوة الشاسعة بينهما وبين خزانة البرلمان المغربي سواء من
حيث امكانيتها وحجم المعلومات التي تقدمها لأعضاء البرلمان، فهذا الاشكال يساهم
بشكل اوبآخر في زرع روح السلبية وعدم الاهتمام لدى البرلمانيين حول العملية
التشريعية و الوظيفة الرقابية.
ان البرلمان المغربي بحاجة ماسة الى تطوير قدراته
الذاتية في مجال توفير المعلومات لأعضائه من خلال احداث مكتبة برلمانية تفي بالغرض
خاصة بعدما اصبح المشرع بحاجة الى قدر متزايد من المعلومات الجيدة الموثقة
والمحللة حيث بات المصدر الأساسي لهذه المعلومات هو المكتبة البرلمانية في معظم
المجالس التشريعية .
يجب ان تشهد هذه المكتبة تحديث تقني، تتضمن تطوير
الإجراءات الإدارية من خلال استخدام المعايير الحديثة لمكننة المكتبات.
ومن خلال مكتبة الاعمال المكتبية وخدمات المعلومات
والبحوث وان يعمد البرلمان أيضا الى انشاء نظم متكاملة لخدمات المعلومات والبحوث،
على نحو ما فعله البرلمان المكسيكي النظام المتكامل للمعلومة والتوثيق وربما ربط
هذه النظم بشبكة أوسع من مصادر المعلومات الوطنية.
كما فعل برلمان استونيا حيث ترتبط شبكة معلوماتية
برلمانية بأهم المكتبات الوطنية او احداث إدارة للمعلومات البرلمانية كما هو معمول به في مجلس
الشورى السعودي ، حيث تقوم هذه الإدارة ببناء شبكة معلوماتية ترتبط بالبرلمانات
والهيئات الدولية وقواعد البيانات وغيرها من الروابط ذات العلاقة بالمجلس.
ان القيام بمختلف هذه الإجراءات والتدابير التي تصب كلها
في اتجاه خلق أجهزة داخل البرلمان لتوفير المعلومات للتوافق مع رهانات العصر
الحاضر، إلا انها تبقى غير كافية اذا لم يتم تدعيمها بأجهزة أخرى ومؤسسات يصطلح
عليها بيوت الخبرة البرلمانية او مراكز الخبرة البرلمانية([5]) .
المحور الثالث: الحاجة الى بيوت الخبرة البرلمانية او مراكز
الخبرة البرلمانية
تجدر الإشارة الى ان بيوت الخبرة البرلمانية ومراكز
الخبرة البرلمانية وجهان لعملة واحدة، والهدف منها هو تحقيق نجاعة العمل البرلماني
ودعم العضو البرلماني في أداء المهام الموكولة له على احسن وجه.
فبيوت الخبرة البرلمانية تعني مستودع التفكير وهو مصطلح
يتم استخدامه على نطاق واسع، وهو يشير الى مؤسسات بحثية ذات طبيعة خاصة بدأت تنتشر
في الولايات المتحدة الامريكية بعد الحرب العالمية الثانية ، وبيت الخبرة يختلف عن
المؤسسات البحثية الأخرى في انه يركز على المسائل التي ترتبط بوضع السياسات و تتلخص
اعمال بيت الخبرة في بحث السياسات العامة، عن طريق وضع السياسات وتقديم البدائل
والحلول والخيارات امام صانع القرار وذلك عن طريق اتاحة المعلومات الدقيقة
واللازمة لعملية اتخاد القرارت وتوفير البرامج والدورات التدريبية لأعضاء المجالس
التشريعية والعاملين فيها وتعريفهم بالدور الهام الذي يمكن لتكنولوجيا المعلومات
الحديثة ان تلعبه للارتقاء بمستوى أدائهم بصفة خاصة.
لامناص من ان ضعف المعلومات يضعف الأداء البرلماني
وبالتالي يضعف قدرات أعضاء البرلمان ويضيق من هامش تحركاتهم، وبالتالي فان السلوك
البرلماني بحاجة دائمة الى دعم مستمر ومواكبة واحسن سند له في أداء دوره بنجاعة
وفعالية هو وجود مثل هذه البيوت او
المراكز التي تمول من ميزانية الدولة وتلتزم عنصر الحياد وتركز في عملها على
التخصص و الخبرة و تجديد المعلومات بصورة مستمرة تواكب مختلف التطورات
العلمية و التشريعية و القانونية و الاقتصادية
و الاجتماعية، وتكون خير معين للعضو البرلماني([6])
وبالنظر الى واقع الحال بالمغرب نجد كما سبقت الإشارة
اليه عدم تكافئ بين الحكومة والبرلمان فيما يخص الحصول على المعلومات، حيث تملك الحكومة
وسائل دعم لوجستيكية تتمثل بالخصوص في الأمانة العامة للحكومة، وهي جهاز دائم
للتنسيق في المجال القانوني، وتعتبر مستشار الحكومة، وليس البرلمان فيما يخص اعداد
القوانين و المراسيم التطبيقية، بالإضافة الى توفرها أيضا على وسائل بشرية تتمثل
في الخبراء و التقنيين و المستشارين والمكلفين بالدراسات والذين تتظافر جهودهم
فيما يخص التصورات و الصياغة وتقنيات اعداد النصوص .
لقد بات من الضروري احداث بيوت خبرة برلمانية لتجاوز
إشكاليات الحصول على المعلومة التي من شأنها ان تمد أعضاء البرلمان بمجموعة من
الخبرات والمهارات و المعارف ووجهات النظر المختلفة المرتبطة بالعمل البرلماني.
ان تفعيل وتحفيز السلوك البرلماني والأداء بحاجة ماسة
الى خلق واحداث بيوت الخبرة البرلمانية التي تقوم بوظيفتي امداد أعضاء البرلمان بالمعلومات اللازمة، والقيام بدورات تدريبية و
تكوينية لأعضاء البرلمان من اجل تطوير قدراتهم في طرق صياغة النصوص والأسئلة
ومقترحات القوانين و كيفية تحليل المعلومات المتوفرة وكيفية الاستفادة منها اثناء
المناقشات البرلمانية.
لاشك ان البديل الناجح لمعالجة اشكال ضعف أنشطة المشورة
والمساندة اللازمة لعضو البرلمان في جمع وتحليل المعلومات وتقديم البدائل و الاقتراحات
وتحليل السياسة العامة هو تطوير القدرات الذاتية للبرلمان {تطوير الخزانة
البرلمانية، احداث بنك المعلومات تحت
اشراف لجنة مكونة من برلمانيين ومتخصصين في العمل البرلماني}.
بالإضافة الى فتح شراكات وعلاقات تعاون بين المؤسسة
البرلمانية ومراكز الأبحاث والجامعات ، بالإضافة الى إمكانية التعاقد مع خبراء
متخصصين في العمل البرلماني.
بالرجوع الى دستور 2011 خاصة المقطع الأخير من الفصل 69
نجده ينص على نجاعة العمل البرلماني، وهذه النجاعة تجد جواب لها في النظام الداخلي
لمجلس النواب سنة 2017 ، عنون فرعه الثاني بالمركز البرلماني للأبحاث والدراسات .
وبتصفح المادة 351 نجدها تنص على انه يحدث مركز برلماني
للأبحاث والدراسات بقرار من مكتب مجلس النواب، ويقوم هذا المركز بتدعيم الاداء
البرلماني من خلال المساهمة في تعزيز دور مجلس النواب بالقيام بمهامه التشريعية
والرقابية، وتشير المادة 352 الى ان هذا المركز يقدم خدماته بطلب من مكتب المجلس
او اللجان النيابية، او مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة والتي نجد أساسها في
الباب العاشر من النظام الداخلي المعنون بمجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة حيث
تنص المادة 126 على انه يضع مكتب المجلس الوسائل المادية و البشرية الللازمة، بما
في ذلك الخبرات و الاستشارات المطلوبة، رهن إشارة مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة
التي يحدثها من اجل مساعدتها على انجاز المهمة المسندة اليها في احسن الظروف.
وكذلك يقدم المركز خدماته للفرق و المجموعات النيابية،
كما يمكن ان يقدمها لأعضاء المجلس بشكل فردي.
وبالنسبة نوع الخدمات التي يقدمها مركز الأبحاث و
الدراسات فقد تطرقت له المادة 353 من نظام
الداخلي لمجلس النواب حيث يقدم هذا المركز الدراسات و الأبحاث المتخصصة وكذلك
الأوراق التقنية و المعطيات بخصوص السياسات العمومية، ودراسات تحليلية للتشريعات،
ودراسات الأثر للنصوص التشريعية، وكذلك دراسات حول قضايا رقابية بالإضافة الى
أوراق تقنية تهم العمل الدبلوماسي لمجلس النواب، في الجانب المالي نجد ان هذا
المركز يقدم دراسات حول الانعكاس المالي {الفصل 77 من الدستور} والتشريعي { الفصل
79 من الدستور} للنصوص التشريعية وفي الأخير تقديم دراسات حول المالية العمومية و
التقييم المالي.
إضافة الى احداث مركز الدراسات و الأبحاث البرلمانية
ونوع الخدمات المقدمة من طرفه تنص المادة 354 على انه يحدث خط هاتفي مباشر في خدمة
أعضاء المجلس لتقديم الاستشارة و المعلومات الفورية لفائدتهم.
يتضح ان مراكز الخبرة لها اثر واضح وفعال في تطور العمل
التشريعي و الرقابي، فمركز الأبحاث والدراسات البرلمانية الذي خصص له 5 مواد من
النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2017، من شأنه تجويد العمل البرلماني ومساعدة
أعضاء البرلمان في القيام بمهامهم، الا ان الاشكال المطروح هو انه رغم وجود مقتضى
قانوني بشأن هذا المركز في النظام الداخلي الذي مر على تطبيقه سنة ونصف لم تفعل كل
مقتضياته ومن بينها احداث المركز البرلماني، حيث ان هذا المركز لم يرى النور بعد،
بالرغم من ان المادة 255 تشير ان هذا المركز تخصص له الاعتمادات المالية من
ميزانية المجلس، فهذا التماطل في التفعيل لايساهم في الرفع من مستوى العمل
البرلماني.
فعلى سبيل التجارب المقارنة فيما يخص بيوت او مراكز
الخبرة البرلمانية على الخصوص في مجال تزويد البرلمان ببيان لتقييم السياسات
العمومية، فهمناك المكتب البرلماني لتقييم السياسات العمومية بفرنسا حيث يشمل عمل
هذه المؤسسة تقييما بعديا و استباقيا بشكل يقارب الى حد كبير التجربة الإيطالية
الممثلة في الجهاز البرلماني لمراقبة الإدارة و الذي يقوم بالتقييم على قاعدة
مبسطة من المعايير تتمثل في الشرعية و الملائمة و المردودية والفعالية.
كذلك الدور الذي تضطلع به منظمة خدمات البحوث البرلماني
المعنية بالبحوث التشريعية في الهند التي كان الغرض من انشائها سنة 2005 توفير
بحوث موثوقة مستقلة و عالية الجودة لأعضاء مجلس الشعب "لوك سابها" مما
ساهم في تحسين الأداء البرلماني بشكل متميز، وفي ظل الحديث عن أدوات و مستلزمات
التأهيل البرلماني و الرفع من مستوى الأداء التشريعي و الرقابي و الدبلوماسي
للنائب البرلماني في المغرب ، بات من الضروري التوجه نحو احداث بيوت الخبرة
البرلمانية لتجاوز الاختلالات و الاكراهات على مستوى القدرات الذاتية للنائب
البرلماني([7])
خاتمة:
يمكن القول بأن أي محاولة تهدف الى الارتقاء بالاداء
العام للبرلمان المغربي الى المستوى المرغوب فيه، لايمكن ان تتم دون احداث مراجعة
شاملة لنظام المعلومات واحداث نوع من التكافئ بين المؤسسة البرلمانية والحكومة
وتطوير القدرات الذاتية للبرلمان في مجال اتاحة المعلومات لأعضائه، وذلك من خلال
تمكينهم من مختلف الموارد المادية و البشرية و الموارد المتخصصة التي تعمل وتسهر
بصورة دائمة ومسترسلة لتوفير بيئة معلوماتية صالحة ترتكز في اشتغالها على
الاستفادة من التطورات التكنولوجية بالإضافة الى احداث بيوت الخبرة او مراكز
الخبرة البرلمانية وذلك بالاستعانة بالتجارب البرلمانية الرائدة في هذا المجال.
من انجاز الطلبة الباحثين :
-
محمد رزقي
-
كمال المساوي
-
شفيق هورش
[2]) شمس الدين العجلاني،
المعلوماتية و الاعلام و المجالس النيابية العربية، موقع الكتروني: www.rezga.com/debdt/snow/drt.dspp
[3]) عادل او زهرة،
التنمية التكنولوجية في مصر، اهمير المعرفة و المعلومات وانتاجها، موقع الكتروني: www.2lpps.ahram.org
[4]) الحبيب الدقاق،
العمل التشريعي للبرلمان، مقاربة نقدية للقانون البرلماني والممارسة بالمغرب، ص:
193
[5]) عثمان الزياني،
السلوك والأداء البرلماني بالمغرب، الولاية التشريعية السادسة 1997-2002، مجلة
الحقوق المغربية، الطبعة الرابعة، 2011 ص: 324-325-326
[7]) زكرياء اقنوش، المجلس الدستوري المغربي و ضبط سير المؤسسة البرلماني، منشورات
مجلة العلوم القانونية الطبعة الأولى، سنة 2015 ص: 313
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق