الخميس، 11 أبريل 2019

الوظيفة الرقابية للبرلمان المغربي


نتيجة بحث الصور عن صور عن البرلمان المغربي











فهرس






مقدمة :

مع تراجع الدور التشريعي للبرلمانات في الأنظمة السياسية المختلفة  خاصة تلك التي تأخذ بمفهوم العقلنة البرلمانية كما صاغته التجربة الدستورية الفرنسية، زادت أهمية الدور الرقابي لمؤسسة البرلمان، بل ذهب أكثر الباحثين إلى اعتبار أن الوظيفة الأولى للمؤسسات البرلمانية هي مراقبة العمل الحكومي، حيث يرجع الأصل التاريخي لنشأت البرلمان إلى هذا السبب[1]،  فالإنجليز حينما ثاروا على أحد ملوكهم في أوئل القرن الثالث عشر ميلادي، أرادوا بذلك ألا تفرض عليهم أية ضريبة جديدة دون موافقة ممثلي الشعب الذين سيشكلون فيما بعد البرلمان حتى يتمكن من مراقبة النفقات الملكية.
و البرلمان عبر مراقبته للعمل الحكومي لا يهدف فقط مراعاة فاعلية السياسيات الحكومية بل  أيضا مدى ملاءمتها لتطلعات المواطنين ومدى احترامها لحقوقهم وحرياتهم بذلك احتلت دراسة العمل الرقابي للبرلمانات في السنوات الأخيرة  حيز كبيرا من اهتمامات الباحثين و الدارسين في مجال القانون البرلماني .
و يخضع الأداء الرقابي للبرلمان لعدة محددات متعلقة بطبيعة الأنظمة السياسية من حيث هي أنظمة ديمقراطية تعددية أو شمولية سلطوية كما يتأثر هذا الأداء بشكل تنظيم السلطات داخل الدولة بين النظام البرلماني و النظام الرئاسي، كما تؤثر طبيعة الجهاز القائم بالرقابة البرلمانية و قدر الوسائل و الأليات القانونية التي يحضى بها في تحديد أثار و نتائج الرقابة البرلمانية،  فما هي إذن مختلف هذه المحددات و كيف يمكننا تعريف الوظيفة الرقابية و أصلها التاريخي وما  هي النتائج التي يترتب عليها إعمال الأدوات الرقابية للبرلمان على السلطة التنفيذية، هذا ما سنعالجه في الفصل الأول من هذا البحث الذي خصصناه للجانب النظري.   
بعد التطرق للإطار النظري سنخصص الفصل الثاني من هذا البحث لدرس الإطار القانوني و الدستوري لرقابة البرلمانية في النظام السياسي المغربي خاصة المستجدات التي جاءت بها الوثيقة الدستورية الجديدة، حيث أن هذا الدستور استجاب لعدد من المطالب التي طالما نادت بها قوى سياسية مختلفة حول تعزيز المكانة المؤسساتية لمؤسسة البرلمان، و تقوية الدور السياسي للمعارضة البرلمانية و ربط المسؤولية بالمحاسبة ،مما أفرز في مجال الرقابة البرلمانية بروز عدد من الآليات الجديدة و تغيرات في الإطار العام لهذه الممارسة النيابية على  ضوء الدستور الجديد كما سجلت عدد من التغيرات في ما يخص الوسائل الرقابية سواء منها تلك التي تحدث أثرا سياسيا أو الوسائل التي لا يترتب عليها أثر سياسي. 







الفصل الأول:
الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية الإطار النظري


 










الفصل الأول:

الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية الإطار النظري .

المبحث الأول:

 تعريف الرقابة البرلمانية و أصلها التاريخي :


يختلف مفهوم الرقابة حسب الأنظمة الديمقراطية من نظام لأخر، و إذا أردنا أن نضع تعريفا لعملية الرقابة على أعمال الدولة و الإدارة العامة بوجه عام ، و عملية الرقابة البرلمانية بوجه خاص ، فإننا سنجد صعوبة في ذلك و يرجع هذا لشدة اتساع و تنوع مضامين الرقابة، بالإضافة إلى تداخل أهداف الرقابة و أنواعها و أساليبها تعود الصعوبة كذلك إلى اختلاف المفاهيم و الخلفيات الأيديولوجية و السياسية و الاقتصادية و العلمية.
و بالرغم من هذه الصعوبة فإننا يمكن أن نعرف عملية الرقابة على أعمال السلطة بصورة عامة : أنها تلك العملية التي تتضمن الإشراف على الأعمال السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية و القانونية و القضائية ، و كذا كافة الإجراءات و الأساليب و الوسائل و المعايير التي تضطلع بها المؤسسات و الهيئات و المرافق الدستورية و الشعبية و القضائية و الإدارية المختصة لتحقيق أهداف النظام الرقابي في الدولة بكفاءة و فاعلية لحماية المصلحة العامة و حقوق و حريات الإنسان و المواطن في نفس الوقت معا و في هذا الشأن يفرق د.حامد ربيع بين 3 أنواع من الرقابة [2]:
·        الرقابة الإعلامية، و يقصد بها الإشراف القائم من الإدارة أو السلطة السياسية في مواجهة عملية الاتصال الجماهيري، و هذا النوع من الرقابة هو تعبير عن إخفاق النظام الديمقراطي و هو يرتبط بالنظم الشمولية و الدكتاتورية.
·        الرقابة الإدارية، و هي رقابة ذاتية داخل السلطة السياسية، و هو حق الإدارة في ممارسة نوع من الضبط و الإشراف على قرارات الأجهزة الإدارية.
·         الرقابة السياسية ، و هي نوع من المحاسبة من جانب المحكومين إزاء الحكام . هذا النوع هو الذي تندرج ضمنه الرقابة البرلمانية التي هي أساس موضوع دراستنا.
أما الرقابة البرلمانية باعتبارها نوع مستقل قائم بذاته من أنواع النظام الرقابي في الدولة فيمكن تعريفها : أنها تلك الرقابة  المتخصصة التي تضطلع بها الهيئات البرلمانية المختصة دستوريا على أعمال السلطة التنفيذية "الحكومة "و الإدارة عامة بواسطة الوسائل الرقابية المقدرة في الدستور و المنظمة بموجب قوانين أساسية-( القوانين التنظيمية)- و في حدود الشروط و الإجراءات الدستورية و القانونية المقررة السارية المفعول و ذلك لحماية المصالح العليا و الحيوية للمجتمع و الدولة و حقوق و حريات المواطن من كافة أسباب و مخاطر و مظاهر البيروقراطية و الفساد السياسي و الإداري .
يعرف د. حامد ربيع الرقابة البرلمانية، أيضا بأنها صورة من صور الضبط، و كذلك الرقابة الذاتية الوظيفية. و هذا النوع من الرقابة تعرفه فقط النظم البرلمانية . و لعل ما يؤخذ على هذا التعريف، أنه لا يقر بوجود أي نوع من أنواع الرقابة البرلمانية في النظم السياسية الرئاسية[3].
رغم أن بعض تلك النظم يشهد درجات من الضبط ربما تفوق بكثير ما هو قائم في النظم البرلمانية. و قد سار على نفس النهج د فارس عمران. في أحد تعريفاته للرقابة البرلمانية . إذ يشير أن الرقابة البرلمانية  '' هي دراسة و تقييم أعمال الحكومة مقرونة بحق البرلمان في أن يصدر أحكاما قيمية عن هذه الأعمال  قد تقود إلى استقالة الحكومة إذا سحبت منها الثقة".    
فالرقابة البرلمانية إذن ذات طبيعة  سياسية بالأساس ، و يترتب على هذه الحقيقة أن هذه الرقابة  تتصل بمسألة تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات ، أي أنها تدخل في نطاق تنظيم العلاقات الدستورية بين مؤسسات دستورية سيادية قائمة على مبدأ التخصص و الاستقلال العضوي و التعاون الوظيفي المنظم دستوريا .
و عليه يجب أن تكون هذه الرقابة في ممارستها شرعية من الناحية الدستورية ، بمعنى أن يكون لها أساس دستوري ، يشمل كل وسيلة من وسائل هذه الرقابة ، كما يجب أن تنظم إجراءات ممارسة هذه الرقابة بموجب الأحكام دستورية أو بواسطة القوانين التنظيمية ، أو أن ينص عليها في الأنظمة الداخلية للمجالس النيابية ،  كما هو حال في  النظامين المغربي و الفرنسي.
ومهما اختلفت أنظمة الحكم في البلدان الديمقراطية بين النظام الرئاسي و نظام الجمعية و النظام البرلماني، فإن الرقابة البرلمانية تبقي قائمة و تحتل مكانة أساسية في النظام السياسي.
ففي النظام الرئاسي (النظام الأمريكي) نجد الرقابة البرلمانية قائمة من  خلال ما تباشره لجان  الكونغرس من إجراءات تحقيقات تتحرى فيها النظر في تنفيذ القانون  على وجه الصحيح  ، و من خلال هذا الإجراءات يتضح مظهر الرقابة بدقة .
كما أننا نجد الرقابة البرلمانية في نظام الجمعية في سويسرا، من خلال حق مراقبة الوزراء، كما يتعدى ذلك الأمر إلى حق الجمعيات التشريعية في إصدار تعليمات إلى المجلس التنفيذي بإلغاء قراراته و تعديلها.
أما بخصوص الأنظمة البرلمانية كما هو الحال بالمغرب فإن الرقابة البرلمانية يكون لها أوجه كثيرة و متعددة حيث أن آثارها قد تمتد إلى الحكومة ككل أو إلى وزير بمفرده و ذلك حسب الحالة.

الأصول التاريخية لمفهوم الرقابة البرلمانية :

يرتبط نشأة الرقابة البرلمانية ، تاريخية بظهور المسؤولية السياسية ، ف الرقابة البرلمانية كما سبق ذات طبيعة سياسية ، و هي قائمة على فكرة أن الجهة الخاضعة للرقابة ، مسؤولية سياسية كاملة ، فردية و تضامنية ، أمام هيئة البرلمان ، ولقد ظهرت المسؤولية السياسية بداية في شكلها الفردي ، قبل أن تنتقل إلى مسؤولية جماعية ، تضامنية لأفراد الحكومة أمام البرلمان .
و قد نشأت المسؤولية الفردية نتيجة تطور النظام الدستوري البريطاني، و بسبب الحكومة البرلمانية التي ظهرت بعد ثورة 1688 في بريطانيا ،  كان العمل يجرى في بريطانيا على أن الملك لا يستطيع أن يرتكب خطأ ، وهو غير مسؤول سياسيا عن أفعاله .
 لذلك كان  اللوم يقع على الوزير المسؤول الذي يصادق على الفعل مع تصديق الملك و كان الاتجاه في البداية إلى اللوم الجنائي للوزراء  the impeachment  غير أن إجراء اللوم الجنائي انقرض، و كان آخر لوم وجه إلى" لوليل" سنة 1842
و كانت نتيجة اللوم أن يفقد الوزير وظيفته عقابا على الأخطاء التي حدثت نتيجة إدارته. و لا يوجه إليه الاتهام بالفساد العام،  ثم أصبح على الوزير أن يستقيل كلما كان الخطأ السياسي أو الإداري قد انتقد بأغلبية البرلمانيين. ثم تبلورت أحكام المسؤولية السياسية الفردية للوزراء بعد ذلك[4].
المسؤولية الفردية هي مسؤولية الوزير عن أعمال وزارته. و قد يؤخذ بالمسؤولية الفردية للوزراء في تشريع دولة، دون المسؤولية التضامنية للحكومة.
أما المسؤولية الجماعية أو التضامنية هي مسؤولية الحكومة بأكملها أمام البرلمان ، و هي مسؤولية جماعية  بمعني  أن الحكومة إذا لم تحز الثقة الكاملة من البرلمان ، فيجب عليها أن تستقيل. أي يستقيل رئيس الوزراء أو الوزير الأول و أعضاء حكومته.
وقد وضحت معالم المسئولية التضامنية في الفترة من سنة 1780 إلى سنة 1832، كنظرية وواقع، و ذلك عندما ألمحت كندا في سنة 1829 أن تكون لديها حكومة ، و أن تكون هذه الحكومة مسئولة ، و إن كانت لم تحدد نوع هذه الحكومة المسئولة و كيفية المسئولية، لذلك فإن فكرة المسؤولية جاءت من ناحية كندا لا من ناحية بريطانيا.[5]
 و استقرت أحكام المسؤولية التضامنية في النظام السياسي البريطاني اعتبارا من عام 1830 و قد أكد "والبول " في فبراير سنة 1832 أن الوزير يجب أن يحاسب أمام البرلمان، و حينما انهزم في سنة 1842 أمام مجلس العموم و استقال.
 أما في فرنسا فقد ظهر مبدأ المسؤولية التضامنية في منتصف القرن التاسع عشر ، إذ أن الحكومات التي لم تكن تحظى بثقة المجلس التشريعي المنتخب على أساس الاقتراع العام لم يكن بإمكانها الإستمرار في الحكم ، و كما هو واضح أن المسؤولية التضامنية تجمع بين طرفين هما مجلس الوزراء من ناحية و البرلمان  من ناحية آخري.
أما في الوقت الحالي، فقد تطورت الرقابة البرلمانية، و أصبحت تطال جهات لم تكن خاضعة تقليديا لها.  و في هذا الشأن ، يفرق ''مايكل كول'' بين المحاسبة البرلمانية الرأسية و التي توجه للوزراء فقط، و المحاسبة البرلمانية الأفقية ،  التي توجه الجهاز الإداري الأول داخل الوزارات ومؤسسات الدولة . و هو يرى أن الاتجاه الحديث للرقابة أصبح يدخل هذه الجهات ضمن الأطراف الخاضعة للرقابة البرلمانية.




المبحث الثاني: 

أهداف الرقابة البرلمانية .


يتفق الدارسون للرقابة البرلمانية على أنها تتسم بانتقائية. ذلك يعنى أن القائم بالرقابة يختار الحدث الذي سيتولى من خلاله محاسبة السلطة التنفيذية. وعلى هذا الأساس، تصبح هناك أهداف محددة للقائم بالرقابة لتبني حدث معين و أسلوب رقابي محدد للممارسة حق الرقابة البرلمانية بغيت تحقيق الأهداف المتوخات وأهداف الرقابة البرلمانية متعددة و هي عموما  تنقسم إلى أربعة أنواع  الأول يرتبط بالرقابة على السياستين الداخلية و الخارجية. و نوع ثاني أهداف ترتبط بتحقيق مصالح الطرف القائم بالرقابة. و الثالث أهداف ترتبط بأعمال الدستور و القانون و تنقيح التشريعات رابعا أهداف ترتبط بالرغبة في تغيير السلطة التنفيذية أو الحد من نفوذها[6].

أهداف ترتبط بالرقابة على السياستين الداخلية و الخارجية.


قد يهدف الطرف القائم بالرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية الخاضعة للرقابة، إلى الرقابة على الأمور المرتبطة بالسياستين الداخلية و الخارجية، و تنقسم الرقابة في هذا الشأن إلى مراقبة الإنفاق، و مواجهة البيروقراطية، و الرقابة على السياستين الخارجية و الدفاعية.

أ-مراقبة الإنفاق:

يتمثل المحور العام للرقابة البرلمانية على الإنفاق، في الرقابة على الموازنة العامة للدولة التي تتضمن الإيرادات و النفقات العامة لمدة سنة، وكذلك الرقابة على خطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، التي تستهدف تحقيق معدلات نحو نمو خلال فترات زمنية طويلة.
من ناحية ثانية، فإن الرقابة البرلمانية على الإنفاق و التي تتم أحيانا من خلال الأجهزة المحاسبية التابعة للبرلمان، تهدف للمتابعة الدءوب لما تم إنجازه من خطط التنمية الاقتصادية في ضوء المستهدف. و على الرغم من أن كافة هذه الأمور تدخلها البرلمانات في صورة قوانين و ليس في صورة رقابة برلمانية ، إلا أن دور البرلمان هو الرقابة المستمرة عليها.


 ب-مواجهة البيروقراطية:

تستهدف الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية.مواجهة البيروقراطية و الإدارة الخاضعة للسلطة التنفيذية . وتكمن أهمية هذا الهدف في منع انتهاكات الإدارة للسياسات المقررة.و عدم الوقوف موقف سلبيا تجاه المظالم التي يتعرض لها المواطنون على يد الإدارة.
و قد عدد " هاريس" أهداف الرقابة البرلمانية في هذا الصدد كما يلي:
·        أولا تصحيح القصور في الإدارة .
·        ثانيا: تحديد ماهية البرامج التشريعية التي تنجز باستمرار لدعم الإدارة من قبل البرلمان، و إلى أي حد يحتاج ذلك لصدور تشريعات.
·        ثالثا : التحقق من أن القوانين تنفذ بشكل يحقق المصلحة العامة ، و تشجيع موظفي الإدارة على الكد و الاجتهاد.
·        رابعا: الكشف عن أية عيوب أو أفعال تعسفية، و عن الأخطاء الفاضحة لموظفي الإدارة.
·        خامسا : الكشف عن الأنظمة الداخلية للإدارة، ومدى جديتها من خلال متابعة مدى قيام موظفي الإدارة بمسئولياتهم تجاه الأموال العامة الموضوعة تحت تصرفهم .

 ج- الرقابة على السياستين الخارجية و الدفاعية:

 تقوم البرلمانات بالرقابة على كافة الأمور الاقتصادية الخارجية ، و على رأسها توجيه و استقبال القروض و المعونات . و كذلك وضع كل من الاستثمارات العاملة في الداخل أو الموجهة إلى الخارج. و العملة الأجنبية في الداخل و الوطنية في الخارج.و مما لا شك فيه. أن تدخل البرلمانات في هذه الأمور يعني تدخلها في صنع السياسة الخارجية للدولة[7].
 لذلك يلاحظ و جود درجات كبيرة من التفاوت بين النظم السياسية في معالجة هذه القضايا، التي يتم جميعها في إطار العلاقة بين السلطتين التنفيذية و التشريعية. و تهدف تلك المعالجة في الديمقراطيات الغربية إلى وضع القيود أمام السلطة التنفيذية بغية عدم الانفراد بصنع السياسة الخارجية.
 أما فيما يتعلق بالسياسة الدفاعية ، فهي تهدف إلى الرقابة على الجيش ، و ذلك ليس فقط من خلال التحكم في قرارات الحرب ، بل و أيضا في الموازنة العسكرية للدولة ، و التي من خلالها يتم التحكم المباشر في كافة الشؤون الدفاعية الخاصة بالتصنيع و التدريب العسكري، و تجارة السلاح  

أهداف ترتبط بتحقيق مصالح الطرف القائم بالرقابة:

يهدف القائم بالرقابة البرلمانية أحيانا من رقابته على السلطة التنفيذية الخاضعة للرقابة، إلى تحقيق بعض المصالح، و تنقسم إلى مصالح أو أهداف حزبية، و مصالح و أهداف شخصية.

تحقيق بعض المصالح أو الأهداف الحزبية

يهدف القائمون بالرقابة في الكثير من الأحيان إلى تحقيق مصالح أو أهداف حزبية، و يحدث ذلك في ظل النظم السياسية التي تعتبر الأحزاب السياسية ذات مكانة و تأثير في المجتمع[8]، و مما لا شك فيه، أن هناك أهداف حزبية رئيسية يسعى القائمون بالرقابة البرلمانية إلى تحقيق أحدها أو بعضها خلال ممارسة دورهم الرقابي، و هذه الأهداف هي كما يلي:
·        الحفاظ على المكانة المرموقة التي يكنها الآخرون للقيادة الحزبية البارزة القائمة بالرقابة البرلمانية   لما عرف عنها من الذود عن جماعة أو مبدأ أو خلافه.
·        دعم أو تنفيذ إيديولوجية محددة، و معلنة في البرنامج السياسي الذي رشح الحزب على أساسه العضو القائم بالرقابة، و إن تناقض ذلك مع رغبات العضو الشخصية. و في هذا الشأن ، يقول تشيرشيل ، أن عضو البرلمان في النظام البرلماني يجب أن يصوت لحزبه ، و لا يبالي بآرائه الشخصية أو بمطالب أبناء دائرته ، خشية أن يؤدي ذلك للمخاطرة بمستقبله في الانتخابات القادمة .  
·        السعي لمنافسة الأحزاب السياسية الأخرى داخل و خارج البرلمان ، بغية كسب المزيد من الشعبية
·        رغبة القائم بالرقابة البرلمانية في تحقيق بطولة أو مكانة مرموقة في مجال محدد من المجالات داخل البرلمان، بما يمكنه من أن يصبح قائدا حزبيا   في الانتخابات الداخلية اللاحقة داخل الحزب. 
·        سعى القائم بالرقابة البرلمانية من خلال دور رقابي مميز، إلى تحقيق مصلحة آجلة تتمثل في دعم أحد الأحزاب السياسية له في الانتخابات اللاحقة. و في  هذا الشأن يفرق بين أمرين . الأمر الأول ، رغبة العضو القائم بالرقابة في استمرار ترشيح الحزب له في مغازلة أحد الأحزاب السياسية داخل أو خارج البرلمان، من خلال نشاطه الرقابي ، بغية قبول ترشيحه على قوائم الحزب في الانتخابات اللاحقة، أو دعم الحزب له ، أو عدم إحداث مواجهة خلال الحملة الانتخابية بينه و بين الحزب المعنى.

 تحقيق  بعض المصالح أو الأهداف الشخصية

-         يرغب الكثيرون من أعضاء البرلمان من ممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية، في تحقيق مصالح أو أهداف شخصية، و ذلك على النحو التالي:
·        الاستعلام عن الأمور التي يجهلونها، أو يتشككون فيها بصفة شخصية، و التي تستطيع الحكومة بما تملكه من معلومات أن تبلغ بها القائمين بالرقابة.   
·        قيام عضو البرلمان لكسب المزيد من الشعبية داخل الدائرة الانتخابية ، بالسعي الدؤوب من خلال عضويته، لقضاء حوائج أبناء الدائرة ، بما قد يفيده إذا ما رغب في تجديد ترشيحه لعضوية البرلمان . 
·        قيام بعض أعضاء البرلمان بممارسة دور رقابي على السلطة التنفيذية، مقابل تلقيه خدمة مقابلة لذلك من قبل من يقدم من أجله الطلب الرقابي، أن هذا الإجراء لا يعد إجراء سويا من قبل عضو البرلمان.و هو على عكس ما يظن، أمرا قد يحدث من قبل عضو البرلمان في الديمقراطيات العريقة، بنفس درجة حدوثه في الديمقراطيات الناشئة.
·        قيام أعضاء البرلمان بنشاط رقابي سعيا للحصول على مكاسب من الحكومة مباشرة، و تتم هذه العملية بنجاح عند امتلاك عضو البرلمان لمعلومات قيمة، قد تهز أركان الحكومة أو أحد وزرائها. و في هذا الشأن، يعرض سحب موضوع الرقابة البرلمانية ، مقابل أداء خدمة أو منفعة شخصية للعضو مقدم طلب الرقابة


أهداف ترتبط بأعمال الدستور و القانون و تنقيح التشريعات

يهتم القائمون بالرقابة البرلمانية من أعضاء البرلمان بمراقبة خرق السلطة التنفيذية و البيروقراطية للدستور و القوانين ،  و من ثم يتوجب محاسبة السلطة التنفيذية بشان ذلك كي لا تنفرد و تستبد بالسلطة   كما يحدث ليس فقط في العديد من بلدان العالم الثالث، بل و أيضا في بعض البلدان الغربية.
من ناحية أخرى، فإن هدف الرقابة البرلمانية قد يصبح سعى القائمين بالرقابة لإثبات عجز الدستور أو تشريعات محددة على مواكبة العصر، و من ثم المطالبة بالإصلاح. صحيح أن عملية تعديل الدستور و صياغة تشريعات جديدة، تعد آلية مستقلة عن آليات الرقابة البرلمانية ، إلا أن القائمين بالرقابة يستطيعون بالإصرار على مواقفهم، من خلال وسائل الرقابة البرلمانية المختلفة ، تحقيق رغباتهم.

أهداف ترتبط بالرغبة في تغيير السلطة التنفيذية أو الحد من نفوذها

من الوارد أن يهدف القائمون بالرقابة البرلمانية من استخدام أدوات الرقابة المختلفة إلى المواجهة الشاملة مع السلطة التنفيذية ،بهدف بتغييرها أو على أقل تقدير الحد من نفوذها،وهذا الهدف يستلزم تكتل الكثير من أعضاء البرلمان، لذلك فهو أمر نادر الحدوث أو التكرار في كافة النظم السياسية و إن كان أثره  يختلف من نظام سياسي لأخر.
ففي النظم الديمقراطية في أوروبا الغربية و الولايات المتحدة ، يسير هذا الهدف دون حدوث أية تداعيات تؤدي إلى أزمة تهدد نظام الحكم. ففي النظم السياسية البرلمانية مثلا ، قد يفضي هذا الأمر إلى حل البرلمان و الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية جديدة بشكل عادي .  
 أما في أنظمة الحكم الديمقراطي الحديثة النشأة، و التي تميز الديمقراطيات في بلدان العالم الثالث، فإن طريق القائمين بالرقابة البرلمانية نحو تغيير الحكومات، أو هز أركان السلطة التنفيذية، يظل غالبا محفوفا بالمخاطر. إذ تصبح العملية الديمقراطية في هذه البلدان مهددة، إذا ما حاول البعض الانحراف عن إطار اللعبة التي حددها نظام الحكم سلفا[9].  




المبحث الثالث:

أبعاد و عناصر الرقابة البرلمانية . 


أولا : القائم بالرقابة البرلمانية

يتولى القائمون بالرقابة البرلمانية عملية الرقابة بشكل مستقل، أو من خلال الكثير من الوسائل المساعدة لذلك، يتناول هذا الجزء هذه الأمور على النحو التالي، دور القائم بالرقابة البرلمانية الأدوات المساعدة للقائم بالرقابة البرلمانية.

أ_ دور القائم بالرقابة البرلمانية :

يعتبر عضو البرلمان )النائب) محور عملية الرقابة التشريعية فمنه يتألف البرلمان، وهو الذي يقوم بتلك الوظيفة إلى جانب الوظائف الأخرى التي يطلع بها ''البرلمان'' و تتعدد الدراسات البرلمانية في النظم السياسية المختلفة التي تركز على طبيعة عضو البرلمان، حتى أن العديد من تلك الدراسات تميل إلى التركيز على الأعضاء أكثر من متابعتها للمخرج النهائي لعمل البرلمانات، رغم أن هذا العمل هو ناتج عمل الأعضاء .
ويختلف دور العضو البرلماني فيما يتعلق بالوظيفة الرقابية، وفق العديد من العوامل المتعلقة بتصوره لهذا الدور، إضافة إلى مهنته و سنه، و انتمائه السياسي، و نظام الحكم القائم، ووجود مناخ مساعد يتيح له توافر المعلومات [10].
تعتبر مهنة النائب البرلماني وسنه مؤشرا على طبيعة دوره الرقابي فمن ناحية المهنة ، يذكر أنه في ظل التعقيد المستمر لكافة مناحي الحياة، وزيادة التخصصات الفرعية للمجال الواحد، يتجه الأعضاء المتخصصون في مهن معينة للإدلاء بدلوهم في تخصصاتهم، بما يتضمن مراجعة الإدارة و الحكومة في أفعالها ، التي تدخل في نطاق هذا التخصص .
حتى أن البعض يشير إلى أن مؤشر مهنة العضو ربما يعمل في تناقض مع ميله أو نزعته الإيديولوجية داخل البرلمان ، و بطبيعة الحال ، فإن كافة هذه الأمور تنعكس على المخرجات الرقابية للبرلمان فعضو البرلمان من رجال القانون مثلا ، يهتم بإبراز النواحي القانونية في عمله الرقابي ،  أما من ناحية السن ، فإن عضو البرلمان في سن مبكرة  يتجه عادة لممارسة رقابية أكثر راديكالية ، بينما عضو البرلمان من سن متقدمة يتجه إلى ممارسة رقابية أكثر محافظة .

تأثير الإنتماء السياسي للعضو البرلماني :

الانتماء السياسي للعضو البرلماني يؤثر أيضا على دوره الرقابي داخل البرلمان ، و هو يتحدد من خلال عدة مؤشرات متكاملة ، منها طبيعة النظام السياسي القائم ، من حيت كونه ديمقراطيا أو شموليا أو سلطويا ففي النظام الديمقراطي ، يقوم المشرع بدوره الرقابي بحرية كاملة ، على الأقل من الناحية النظرية ،  حيث يدخل في شبكة من العلاقات السياسية المتشعبة تحدد سلوكياته و أهم عناصر هذه  تلك الشبكة، درجة التماسك الحزبي داخل الأحزاب السياسية القائمة، في المجتمع.
أما في النظام الشمولي ، يسعى عضو البرلمان لممارسة دوره الرقابي في ظل الوضع العام القائم على واحدية التنظيم السياسي ،  حيث يسود الحزب الواحد أو الحزب المهيمن ، و تعد قيم المساواة و حرية الرأي و التعبير و إستقلال القضاء مجرد شعارات، و من ثم تصبح الرقابة البرلمانية في هذا الصدد، جزءا من المعارضة داخل النظام السياسي، و السلطة التشريعية في هذا الشكل من أشكال الحكم سلطات محدودة ، فهي تخضع لما يلقنه الحزب المهيمن على السلطة بل أن أعضاء تلك السلطة جميعهم أو غالبيتهم من المنتمين إلى هذا الحزب، الأمر الذي يقوض الوظيفة الرقابية للسلطة التشريعية ، في مواجهة السلطة التنفيذية.
و حتى بالنسبة للنظم السياسية التي تحولت حديثا للتعددية السياسية ، فإن الميراث السياسي ، الشمولي لا زال يشكل أثرا سلبيا على الأداء الرقابي للعضو في البرلمان ، وفي هذا الشأن يشار إلى أن النظم السياسية التي تحولت من الحكم الشمولي ، إلى الحكم الديمقراطي في بلدان أوروبا الشرقية و الوسطى ، لا يمكن لحزب واحد أو إتلاف حزبي أن يراجع مسؤولية الحكومة عن سياستها .
أما في النظام السلطوي فتختفي الرقابة البرلمانية كليا في حالة وجود برلمان بالدولة ، و ربما يتعرض عضو البرلمان الذي يتجرأ بالجهر بها للنفي والإستبعاد، الذي قد يتخطى وجوده في البرلمان ، إلى مجمل دوره السياسي في المجتمع . 
ويعد ذلك نتيجة منطقية لوضع البرلمان القائم في الدولة، حيث يكون هذا البرلمان جزءا من الوضع العام للنظام السلطوي القائم على حكم الفرد. فسلطته محدودة ، لأنه كيان موروث من حيث الشكل من المستعمر دون مضمون حقيقي ، و تأثيره في الحياة السياسية يتسم بالضعف الشديد نتيجة لإفتقاده الدعم الإيديولوجي .

تأثير النظام الانتخابي:

من ناحية ثانية ، يحدد النظام الإنتخابي الدور الرقابي الذي يلعبه عضو البرلمان و ذلك من زاويتين ، فمن ناحية يحدد شكل النظام الإنتخابي (الفردي اللائحة ) ما إذا كان العضو ينتمي إلى حزب معين أم أنه مستقل ، ومن ثم هل سيمارس دورا رقابيا مستقلا، أم خاضعا بشكل أو بأخر لرغبات الحزب الذي ينتمي إليه، و إذا كان حزبيا فهل ينتمي إلى حزب معارض أم حزب حاكم ، فإذا انتمى إلى الحزب الحاكم ، فهل سيقوم العضو بأنشطة رقابية موجهة ضد حزبه ، أم سيخضع للتماسك الحزبي ، أما إذا انتمى العضو إلى حزب المعارض، فهل سيمارس دورا رقابيا مستقلا عن حزبه أم في إطار هذا الحزب. 
 من ناحية أخرى ، يحدد النظام الانتخابي أحيانا الفئات الاجتماعية التي ينتمي لها الأعضاء ، حيث تحدد بعض تلك النظم حصة لفئات اجتماعية محددة تمثل في البرلمان ، كالأقليات الدينية، أوالعرقية، أو المرأة ، أو العمال أو الفلاحين ، الخ ... و في هذا الشأن تبرز  العلاقة بين السلوك الرقابي لعضو البرلمان و انتمائه لهذه الفئة أو تلك ، بمعنى طرح السؤال هل ممارسة البرلماني لدوره الرقابي نابعة  عن دفاعه عن مصالح الفئة الإجتماعية التي ينتمي إليها ، أم هذا الإنتماء عنصرا محايدا في سلوكه الرقابي .

دور النظم السياسية المختلفة

 فيما يتعلق بنظام الحكم القائم (برلماني رئاسي) ، فيلاحظ أن هناك تباينا ملحوظا بين الدور الذي يؤذيه عضو البرلمان في النظام البرلماني، مقارنة بالنظام الرئاسي، ففي النظام البرلماني، يقوم العضو باستخدام العديد من الأدوات الرقابية المعروفة كالسؤال و طلب الإحاطة و الإستجواب وغيرها من الوسائل التي توجه مباشرة للحكومة .
أما في النظام الرئاسي فيتركز أداء العضو الرقابي على الرقابة على الميزانية بشكل رئيسي و التي من خلالها يمكنه الرقابة على الإدارة و السلطة التنفيذية[11].

دور المناخ السياسي و توفر المعلومات

و أخيرا يشار إلى أهمية وجود مناخ أو بيئة مساعدة لعضو البرلمان للقيام بوظيفته الرقابية على الوجه الأكمل وفي هذا الصدد ، يشار إلى أهمية توافر مصادر المعلومات، الكفيلة بأداء العضو مهامه الرقابية و كما يقول وولتر أو ليزك إنه لقيام المشرع بأداء دوره الرقابي فإن عليه أن يستمع إلى سيل من الشهادات و يراجع عددا كبيرا من التسجيلات، كما أن عليه ابتكار برامج جديدة ، و قد تعيق مؤسسات الدولة عضو البرلمان، في تجميع المعلومات لممارسة دوره الرقابي، و هو ما يحدث عادة في معظم بلدان العالم الثالث ، و على العكس قد تساعد مؤسسات البرلمان ذاتها العضو للحصول على هذه المعلومات كما يتضح في الحالة الأمريكية، إذ يحق لعضو مجلس النواب التقدم بمشروع قرار يخول إحدى اللجان طلب معلومات من رؤساء الإدارات التنفيذية .

 الأدوات المساعدة للقائم بالرقابة البرلمانية :

يقوم أعضاء البرلمان بأداء الوظيفة الرقابية من خلال العديد من الأدوات الداخلية التي تساعدهم في القيام بتلك الوظيفة ، ففيما يتعلق بالأدوات الداخلية تعتبر اللجان البرلمانية و الأمبودسمان (المفوض البرلماني) إحدى الوسائل الهامة في هذا الصدد من ناحية أخرى تستعين البرلمانات أحيانا بأدوات خارجية للمساعدة في إجراء الوظيفة الرقابية ، و هذه الأدوات هي تحديدا اللجان و الأجهزة المحاسبية و الرقابية المستقلة و التابعة للدولة.

 أولا: الأدوات الداخلية:

تنحصر الأدوات الداخلية المساعدة في القيام عضو البرلمان بالرقابة على السلطة التنفيذية في اللجان البرلمانية والأمبودسمان (المفوض البرلماني )

اللجن البرلمانية:

تعتمد البرلمانات على اللجن البرلمانية في أداء الوظيفة الرقابية و يتوقف مدى هذا الإعتماد من نظام سياسي لأخر، وكما يقول نورتن أن اللجن هي محور المؤسسية والبرلمانات الأكثر مؤسسية ، هي القادرة على تقيد الحكومات.
 و مما لا شك فيه، أن أحد مؤشرات قدرة اللجان البرلمانية على العمل، هو امتلاكها للمعلومات التي تستخدم في نقد السياسيات الحكومية. وهناك عدد قليل من النظم السياسية ، تكون الخشية فيها من كثرة قيام اللجان بمهام الرقابة ، و أعمال الفحص و غيرها من أشكال الإستعلام .
وترجع تلك الخشية من تضارب الأعمال الرقابية للجان بشكل يسبب الإرتباك وشرذمة الرقابة البرلمانية  وعامة فإن البرلمانات و هي بصدد القيام بوظيفة الرقابة البرلمانية ـ تعتمد على اللجان الدائمة، و اللجان المشتركة، و اللجان المؤقتة.
_ فيما يتعلق باللجن الدائمة يلاحظ أن تلك اللجن تعنى بالأمور الموضوعية المتخصصة كالزراعة و الطاقة و التعليم و المواصلات و الدفاع و الصناعة  وتضم تلك اللجان في عضويتها العديد من أعضاء البرلمان الأكثر إهتماما وربما تخصصا بموضوع اللجنة الأمر الذي يساعد أعضاء البرلمان على إنجاز المهام الرقابية المتعددة و التي ينخرط الكثير منها في موضوعات متخصصة تعنى بها لجان البرلمان .
و تقوم البرلمانات و هي بصدد القيام بالوظيفة الرقابية بتخويل إحدى لجان البرلمان الدائمة لمتابعة قضية محددة تدخل في نطاق تخصصها، تعد تقريرا مكتوبا يعرض على البرلمان مصحوبا عادة بتوصيات أو قرارات وفقا للسلطات المخولة للجن البرلمانية و التي تتباين من نظام سياسي إلى أخر ـ ليتخذ البرلمان ما يراه في هذا الصدد ، و عامة ـ فقد أسهبت الأدبيات في شرح عمل اللجان البرلمانية كمؤسسة مساعدة في القيام بوظيفة الرقابة التشريعية ، مركزة في هذا الشأن على دراسة الحالة الأمريكية أو الحالة البريطانية .
_ من ناحية أخرى قد تقوم البرلمانات بتشكيل لجان تحقيق خاصة و ظرفية للوقوف على متابعة الأداء الحكومي إزاء قضية ما عادة ما تكون من الأهمية من حيث أثرها على المجتمع أو طبيعة العجلة في دراستها أو عدم وجود لجنة دائمة من الممكن أن تختص ببحثها مما يتحتم معه قيام لجنة خاصة بمتابعها و تتشكل تلك اللجان من قيادة كفؤة و أعضاء من ذوي الخبرات في الموضوع محل البحث أو الفحص ، و هيكل إداري جيد و تعرض هذه اللجان بعد إستقصاء و بحث في الموضوع المكلفة به تقريرا على البرلمان يتضمن العديد من التوصيات أو القرارات أو الملاحظات ، ليتخذ البرلمان ماهو ملائم بشأنها و في الولايات المتحدة . و رغم أن الوظيفة الرقابية تقوم بها اللجان الدائمة، إلا أن تلك الوظيفة تنفد أيضا عبر لجان التحقيق الخاصة. [12]

  الأمبودسمان ( المفوض البرلماني ) :

الأمبودسمان أو المفوض البرلماني ـ هو جهاز يتلقى و يتحرى و يقدم تقريرا عن الشكاوى التي يرسلها له الأفراد عن تعسف الجهاز البيروقراطي.
و الأمبودسمان هي في الأصل كلمة سويدية تعني محام أو ممثل أو مفوض لذلك يفضل الكثيرون من مستخدميها في مجال الرقابة البرلمانية إلحاق كلمة برلماني بها أي الأمبودسمان البرلماني ويرى البعض أن هذه الوسيلة الرقابية ليست جديدة من وسائل الرقابة بقدر ماهي طريقة مستحدثة من طرق الرقابة التي تمارسها السلطة التشريعية ، على أعمال السلطة التنفيذية و الأجهزة الإدارية .

 ثانيا: الأدوات الخارجية:

تشمل الأدوات الخارجية المساعدة للقائم بالرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية في لجن التحقيق التنفيذية و لجن التحقيق المستقلة و الحكومية.

  لجن التحقيق التنفيذية:

تشكل السلطة التنفيذية أحيانا لجانا للتحقيق، و ذلك بغرض البحث في قضية محددة تشغل بال الرأي العام و تعرض تلك اللجان تقاريرها على البرلمان ليتخذ ما يراه بشأن ما توصلت إليه من تحقيقات .
و عادة ما لا تفضل الولايات المتحدة الأمريكية استخدام هذه الوسيلة الرقابية المساعدة أما الدولة الأكثر استعمالا لها فهي بريطانيا إذ يحق للحكومة البريطانية و التاج تشكيل لجن حكومية تعمل كعمل المحكمة تقوم بأعمال الفحص ، و تقدم نتائج عملها لمجلسي البرلمان ، و تشمل العضوية في هذه اللجنة بعض أعضاء البرلمان أحيانا ، وتتسم هذه اللجان بالنزاهة و الحيدة . [13]

 لجان التحقيق المستقلة و الحكومية:

هناك العديد من الأجهزة المحاسبية المستقلة أوالحكومية، تمارس نشاطها بالتعاون أو تحت سيطرة السلطة التشريعية ف النظام السياسي، و تتعدد هذه الأجهزة في النظم السياسية المختلفة في الدول المتقدمة و النامية، ويتركز نشاط معظمها حول الرقابة المالية على الجهاز البيروقراطي .
 في الديمقراطيات الغربية يشار في الحالتين الأمريكية و البريطانية إلى مكتب المحاسبة العام في الولايات المتحدة الأمريكية و هو المسؤول أمام الكونغرس ، ويختص بحساب الموازنة في الإدارات المختلفة ـ وتدقيق فحس الإدارات ، ووضع المقترحات في هذا الشأن . وفي بريطانيا ، هناك المراجع و المراقب العام  تخضع عملياته للجنة المحاسبة العامة بمجلس العموم ، ويتركز نشاطه في محاسبة الإدارة بعد الإنفاق ، كما يختص بالمراجعة المحاسبية للنفقات و المدفوعات ، ومراجعة الميزانية ، ويتطلب موافقته على كل القضايا ، إبتداء من الخزانة حتى حساب المخصصات .




ثانيا : الطرف الخاضع للرقابة البرلمانية .

يعتبر الطرف الخاضع للرقابة البرلمانية، الوجه الأخر في عملية الرقابة التي تتألف بالأساس من القائم بالرقابة و الخاضع لها، ويختلف الطرف الخاضع للرقابة البرلمانية من نظام سياسي لأخر، من ناحية أخرى فأن هناك العديد من الوسائل المساعدة للطرف الخاضع للرقابة، تهدف إلى تخفيف حدة الرقابة البرلمانية عليه، و المساهمة في محاولة خلق توازن مقابل مع الهيئة التشريعية تجاهه، ومما لا شك فيه أن كافة هذه الأمور تتم في إطار شبكة متسعة من العلاقات بين القائمين بالرقابة البرلمانية و الخاضعين لها ، ويتناول هذا القسم الطرف الخاضع للرقابة البرلمانية في النظام السياسي ـ على النحو التالي : طبيعة الخاضع للرقابة البرلمانية ، الأدوات المساعدة للخاضع للرقابة البرلمانية ثم العلاقة بين القائمين بالرقابة البرلمانية و الخاضعين لها .

أ_طبيعة الخاضع للرقابة البرلمانية.

 يعتبر تحديد الطرف الخاضع للرقابة البرلمانية ، أمرا في غاية الأهمية في الدراسات البرلمانية ، فمن خلال ذلك يتم بشكل دقيق تحديد الجهة التي تتولى الحكم بمفردها ، و لعل أيسر التصنيفات المحددة للطرف الخاضع للرقابة البرلمانية ، ذلك التصنيف الذي يفرق بين ما إذا كان هذا الطرف ، منصبا سياسيا أو وظيفيا، أو هيئة، بمعنى أن الخاضع للرقابة البرلمانية قد يكون شخصا يتولى منصبا محددا كرئيس دولة أو رئيس وزراء أو وزير كما قد يكون هيئة أو مؤسسة اعتبارية كالوزارة أوالجهاز البيروقراطي و الإداري في الدولة .
 على أننا سوف نحدد الطرف الخاضع للرقابة البرلمانية، وفق تصنيف أخر أكثر تعقيدا ، لكنه يتماشى بشكل أكبر مع طبيعة النظم السياسية في العالم المعاصر، و هذا التصنيف يقسم الخاضع للرقابة البرلمانية إلى أطراف خاضعة للرقابة البرلمانية في النظام البرلماني، وأطراف خاضعة للرقابة البرلمانية في النظام الرئاسي، مختتمين بجزء الخاص بالبيروقراطية، كطرف خاضع للرقابة البرلمانية في كافة الأنظمة السياسية.

طبيعة الخاضع للرقابة البرلمانية في النظام البرلماني .

 في النظام البرلماني ومنذ أن تحولت السلطة الرئاسية تدريجيا نحو البرلمان إثر تلاشي سلطة الملك في بريطانيا المصدر الرئيسي للسلطة في هذا النظام _ بدا لنواب البرلمان أنهم مصدر السلطات ، خاصة بعد أن أصبحت السلطة التنفيذية ، تخرج من عباءة البرلمان، و تحديدا من الأغلبية الحزبية، التي خلفها الإقطاع و قد أصبح للسلطة التنفيذية عامة في هذا النظام مقابل ذلك حق حل البرلمان، و الدعوة لإنتخابات جديدة .
وذلك كله وفق معادلة توازن السلطات ، التي أصبحت القاعدة العامة لكافة النظم البرلمانية ، بذلك أصبح الطرف الخاضع للرقابة في هذا النظام هو رئيس الوزراء و الوزراء وهم أعضاء في البرلمان ، إضافة إلى غيرهم من الوزراء الذين يختارون في أحيان قليلة من خارج البرلمان البرلمان ، كما في حالة ألمانيا الاتحادية على سبيل المثال، من ناحية أخرى ، يخضع أداء الجهاز البيروقراطي للرقابة البرلمانية ، أما رئيس الدولة أو الملك فهو حكم بين السلطات ، ومن ثم غير مسؤول أمام البرلمان .
وقد كان داخل هذا النظام حالة فريدة يتضح من خلالها عدم استقرار السلطة التنفيذية (الطرف الخاضع للرقابة) وهي فقط حالة وجود تشرذم حزبي واضح ، حيث تظهر الصراعات بين و ضمن الأحزاب السياسية القائمة ، وتتشكل حكومات أقلية في أغلب الأحيان كما هو واضح في أنظمة الحكم البرلمانية في العديد من الدول الإسكندنافية  كالدانمارك و النرويج. وفي حالات أخرى كإيطاليا ، و فرنسا (الجمهورية الرابعة) أدى تشرذم الحزبي إلى عدم الإستقرار على مستوى السلطة التنفيذية ، و السلطة التشريعية على حد سواء . على أن السمة العامة لهذا النظام ، هي إستقرار السلطة التنفيذية ، ليس فقط في ظل نظام الحزبين الكبيرين (حالة بريطانيا) بل و أحيانا في ظل التعدد الحزبي (ألمانيا الإتحادية)  في هذا النظام لا يصبح القائمون بالرقابة أعضاء البرلمان حريصين وحدهم على إستمرار الخاضعين للرقابة في مناصبهم التنفيذية إذ أن وجودهم قد يرتبط بوجود هؤلاء، بل أن السلطة التنفيذية ذاتها تكون حريصة على القائم بالرقابة (البرلمان) بإعتبار أنه على الأرجح يملك الأغلبية التي تستند لها الحكومة .  

طبيعة الخاضع للرقابة البرلمانية في النظام الرئاسي .

  بالنسبة إلى النظام الرئاسي فهو يتميز بوجود رئيس دولة منتخبا من الشعب مباشرة و من ثم يستطيع أن يوازن في قوته قوة البرلمان، فكلاهما من صنع الأمة صاحبة السيادة من ناحية أخرى فأن هذا النظام يضع كافة السلطات التنفيذية في يد الرئيس، و الوزراء مسؤولون أمامه ، و لا يسأل هو أو وزراؤه أمام البرلمان ، وهم ليسوا أعضاء فيه، على أن هذا الأمر لا يعني إطلاق يد هؤلاء فهم مقيدون من خلال هيمنة البرلمان  على الميزانية إضافة إلى ذلك ، فإن للبرلمان حق اتهام هؤلاء، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة أن لمجلس النواب والشيوخ في الولايات المتحدة الحق في اتهام الرئيس و نائبه و الموظفين الرسميين فمجلس النواب له وحده حق الاتهام، ومجلس الشيوخ يحاكم المتهمين .
وعلى هذا الأساس ، تكون الأطراف الخاضعة للرقابة أمام البرلمان في هذا النظام ، هي السياسات وليس الأشخاص (اللهم في حالة توجيه الإتهام للرئيس جنائيا) إضافة إلى البيروقراطية القائمة على تنفيذ تلك السياسات ، صحيح أن وراء تلك السياسات أشخاص مسؤولين ، إلا أن ما يحدث في النموذج الرئاسي المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، يشير إلى أن الرقابة التشريعية تثم على السياسات قبل و أثناء وبعد تنفيذها، بل أن الكونغرس الأمريكي يقوم في هذا الشأن بمهام تنفيذية واسعة النطاق، بمعنى أخر، فأن الرئيس الأمريكي و الإدارة الأمريكية المختلفة رغم عدم مسؤوليتهم أمام الكونغرس إلا أن خضوع سياسات الإدارة عامة للرقابة المستمرة ـ يجعل منهم طرفا خاضعا للرقابة التشريعية بشكل دائم ، إلى الحد الذي يجعل الرئيس في العديد من المرات يلجأ إلى توجيه الدعوات لأعضاء الكونغرس داخل البيت الأبيض و إغداقهم بالولائم لإستمالتهم لـتأمين موافقة الكونغرس على ما تطرحه الإدارة أمامه .
أما في ما يتعلق بالنظم السياسية المختلطة أو شبه الرئاسية فيبرز على سبيل المثال النظام السياسي الفرنسي ، كنظام حكم ينتمي للديمقراطيات الغربية، لكنه شبه رئاسي حيث يكون رئيس الوزراء و حكومته في هذا النظام خاضعين لرقابة الجمعية الوطنية ، فهو حائز على الأغلبية من الجمعية الوطنية ، ومن ثم مسؤولا أمماها . من ناحية أخرى ، فإن الوزير الأول يكون مدينا بالولاء لرئيس الدولة، غير المسؤول أمام الجمعية الوطنية بإعتباره منتخبا من الشعب بطريقة مباشرة ، على أن هذا الأمر لا يعني طغيان رئيس الجمهورية في فرنسا بشكل مطلق إذ أنه لا يستطيع عمليا أن يحكم مدة طويلة دون وجود حالة من الوفاق بينه و بين رئيس الوزراء و الوزراء .


الرقابة البرلمانية على البيروقراطية .

  في ما يتعلق بالبيروقراطية فالملاحظ بداية أن الجهاز البيروقراطي كطرف خاضع للرقابة البرلمانية في كافة الأنظمة السياسية ، يتميز بعدة سمات تفتقدها المؤسسة التشريعية القائمة بالرقابة،فهو يعتبر الجهاز   جهازا وظيفيا غير منتخب ، على عكس المؤسسة التشريعية المنتخبة من الشعب بشكل مباشر لذلك فأن الصفة الإدارية  تغلب  الصفتين القانونية و السياسية للجهاز البيروقراطي، و من ناحية أخرى يملك الجهاز البيروقراطي في الدولة بحكم ديمومته، و هيمنته على السياسات العامة، الكثير من المعلومات التفصيلية التي يندر أن يمتلكها ليس فقط البرلمان، بل أي من المؤسسات الدولة الأخرى، لذلك فأن طبيعة العلاقة بين البيروقراطية كطرف خاضع للرقابة البرلمانية و المؤسسة التشريعية كطرف قائم بالرقابة متغيرة عبر الزمن وعبر طبيعة المبادئ التي تحكم العلاقة بين الدولة والمجتمع في النظم السياسية من حيث مدى ديمقراطيتها ـ إظافة إلى ذلك فـإن البيروقراطية  تخلق حولها مصالح مستقلة من خلال طبيعتها المؤسسية، و من خلال علاقتها الخارجية ونظرا لأن السياسيين المنتخبين يسعون لتغير السياسات و لأن البيروقراطيين قد يكون لهم مصالح منفصلة فأنهم يسعون لتقويض أو مقاومة مطالب السياسيين المنتخبين وبالمقابل يسعى البرلمانيون لتصحيح أخطاء البيروقراطية و يحاولون سد الفجوة المعلوماتية بينهم و بين البيروقراطية بممارسة أنشطة الرقابة عليهم و يوقعون العقاب على البيروقراطية   في حالة إنحرافها أو ربما مكافئتها سعيا لإعادتها للطريق القويم أما البيروقراطية فتسعى من ناحية أخرى إلى إستمالة القائمين بالرقابة عليها ، من خلال الإستجابة لمطالبهم بتنفيذ مطالب أبناء الدائرة كما يحدث في حالة الكونغرس الأمريكي .
وواقع الأمر أن إحدى أهم الفوائد التي يمكن جنيها من خضوع البيروقراطية للرقابة البرلمانية تكمن في الرغبة في تنفيذ القانون و عدم سطوة الإدارة حتى أن البعض يرى أن الرقابة الضعيفة على البيروقراطية أو غير المكتملة قد تؤدي إلى أن تصبح الإدارات التنفيذية تسيء فهم مقصد التشريع، و  من ثم تتصرفون بشكل تعسفي و غير قانوني .  

 لأدوات المساعدة للخاضع للرقابة البرلمانية:

يمتلك الطرف الخاضع للرقابة  البرلمانية العديد من الوسائل التي ربما تحميه نسبيا من تداعيات الرقابة البرلمانية ، أو تخفيف وطأتها عليه، تلك الوسائل المساعدة تختلف من نظام سياسي لأخر ، فحق السلطة التنفيذية في وضع الميزانية ، وحقها في الهيمنة على السياسة الخارجية ، و إصدار القرارات بتعيينات الموظفين العموميين و الهيمنة على شؤون الجيش، و الحصول على التفويضات، كل هذه الأمور مع بعض الاختلافات في التفاصيل تتشابه في العديد من النظم السياسية بشكل عام، وحدها حل البرلمان و إمتلاك فيتو رئاسي على قرارات السلطة التشريعية ، حقان أساسيان للسلطة التنفيذية في النظام البرلماني   و حق الفيتو التنفيذي ، هو حق لرأس السلطة التنفيذية في النظام الرئاسي ، بناء على ما سبق سوف يتناول هذا الجزء  كافة الوسائل المساعدة للخاضع للرقابة البرلمانية ، دون التمييز فيما بينها وفقا لأي معيار .

السيطرة على الميزانية :

تتناقش أكثر البرلمانات في الميزانية العامة للدولة، وعادة ما تبدأ لجنة الموازنة بتلك المناقشة ثم تعرض لجنة الموازنة ما توصلت إليه بشأنها على البرلمان لإقرارها. و لأن الميزانية تؤسس على تقديرات عامة ، ترتبط بالسياسات الإجتماعية، ولأنها تمثل ما هو تطبيقات حكومية حقيقية، فأن عمليات نقاش الموازنة بالبرلمان تظهر كشكل إحتفالي، و عادة ما يترك للسلطة التنفيذية هامش واسع من الحركة في تحديد ما تأمله حقيقة في تطبيقه بالميزانية، وأكثر البرلمانات ليس لها سلطة تعديل الموازنة بدون اتفاق مع السلطة التنفيذية، ورغم ذلك فقد ترفض البرلمانات الموازنة بأغلبية مطلقة ، وإن كان هذا الأمر نادر الحدوث، فرغم أن الميزانية تظهر على أنها في كافة البلدان الديمقراطية، حجر الزاوية في الرقابة البرلمانية على الإدارة، إلا أن هيمنة الحكومات عليها ربما تجعل من هذه الحقيقة مجرد رمز على أنه لا يجب أن تؤخذ تلك المقولة على أطلاقها فالسلطة التنفيذية في النظم السياسية المختلفة تتباين في درجة تعاملها مع الهيئة التشريعية فيما يتعلق بالميزانية، ففي فرنسا تبقى للحكومة السلطة في التصويت داخل البرلمان على المشروعات القوانين، و لايسمح  للبرلمان بإجراء تعديلات على الميزانية سواء بالنقض أو بالزيادة طالما أن هذا التعديل لم يزد أو يخفض من النفقات و المداخيل .

الفيتو التنفيذي:

تسن الهيئة التشريعية مشروعات القوانين، و عادة ما تعرض القوانين على السلطة التنفيذية بعد سنها للموافقة أو ممارسة حق الفيتو عليها ، و في هذا الشأن ، يفرق ، بين حق السلطة التنفيذية في التصديق على القوانين و حقها في الإعتراض عليها، فحق التصديق حق مساو لحق ممثل الأمة في سن القانون ، فهو حق تشريعي، تمنحه بعض الدساتير للرؤساء، فتخولهم حقوقا مساوية لحقوق البرلمان.
أما حق الإعتراض فهو حق فيتو توفيقي ، بمعنى أنه حق تنفيذي، يمنح لرئيس السلطة التنفيذية في معظم النظم الرئاسية ، يوضح من خلاله للبرلمان وجود بعض المساوئ المترتبة على سريان القانون، و عادة ما يكون البرلمان حرا في الأخذ بما يراه في هذا الشأن .
وتتعدد صيغ الفيتو التنفيذي  الذي تصدره السلطة التنفيذية على مشروعها القوانبن التي تسندها السلطة التشريعية من الناحية الإجرائية ، على أنها تتفق جميعها في وضع أغلبيىة خاصة للبرلمان للتغلب على الفيتو الرئاسي، ففي الولايات المتحدة يحق للرئيس الإعتراض على مشروعات القوانين التي يسنها الكونغرس . و تفسر الأوراق الفيدرالية المتعلقة بنشأة الإتحاد هذا الحق ، بأنه وسيلة من وسائل حماية الرئيس لسلطته ضد أي إعتداء تشريعي، و يتيح حق الفيتو للرئيس منع تنفيذ قوانين غير مناسبة تنجم عن السرعة أوالإهمال، كما ويحق للكونغرس إبطال الفيتو التنفيذي الذي يصدره الرئيس بأغلبية الثلثين ، على  أن هذا الأخير نادرا ما ينجح في ذلك[14] .



حجب المعلومات :

تقوم السلطة التنفيذية في الكثير من الأحيان بحجب المعلومات عن العامة، كما تحجب المعلومات عن المؤسسة التشريعية أيضا ، و تبرر ذلك على أن المصلحة العامة تقضي  حجب المعلومات ، و عدم الإفصاح عنها ، حتى أمام ممثلي الشعب ، ومما لا شك فيه أن السلطة التنفيذية تركز في  قضايا حجب المعلومات على بعض الأنشطة الجيش و الإستخبارات و شؤون التسليح و الدعم العسكري لبعض الأطراف الخارجية .
وتسعى البرلمانات في أحيان كثيرة للتغلب على حجب المعلومات ، من خلال إستدعاء القادة العسكريين و توجيه الأسئلة لهم و قد تستعين في هذا الشان بخبراء عسكريين لمعاونتهم .

حق حل البرلمان :

تقوم السلطة التنفيذية بحل البرلمان في الأزمات السياسية و يعتبر هذا الحق الدستوري حقا ممنوحا لها في النظم البرلمانية و ليس النظم الرئاسية ، اللهم إلا في الحالات الإستثانئية ، كما هو الحال في النظام البرلماني الإيطالي، على أن الوضع السائد يتمثل في حق رئيس السلطة التنفيذية في الأنظمة البرلمانية في حل البرلمان ، ففي بريطانيا على سبيل المثال ، يحل البرلمان نتيجة إقالة أو إستقالة الحكومة أو هزيمتها بشكل مباشر  في البرلمان نتيجة سحب الثقة منها ، أو بسبب رغبة الحكومة في الحصول على تفويض من الشعب كما كان يحدث تاريخيا في بريطانيا في حالة الخلاف بين الحكومة و البرلمان ، أما في النظم الرئاسية فإنه وفق لمبدأ فصل السلط لا يحق للسلطة التنفيذية حل البرلمان بإعتباره مؤسسة منتخبة شعبيا بشكل منفصل عن إنتخاب رأس السلطة التنفيذية ، كما لا يحق للبرلمان عزل الرئيس و حكومته . غير أنه رغم ذلك ، فأن هناك العديد من النظم السياسية غير البرلمانية يخول فيها للرئيس حق حل البرلمان ، ويرتبط حق الحل في تلك النظم بضعف عملية التطور الديمقراطي ، و الذي يظهر في الرغبة في الجمع بين صلاحيات السلطة التنفيذية في النظاميين البرلماني و الرئاسي معا .

حق تعيين الموظفين العمومين :

تقوم السلطة التنفيذية بتعيين الموظفين العمومين ، و عادة ما تأخد رأي السلطة التشريعية في هذا  الشأن   و هذا الإجراء غالبا ما يكون خطوة روتينية .
و تختلف نظم الحكم فيما بينها في هذا الأمر. ففي النظم الرئاسية تراقب البرلمانات التعيينات (في الولايات المتحدة الأمريكية ،يقوم الرئيس الأمريكي بتعيين الموظفين العمومين ، و تخضع تعييناته لموافقة مجلس الشيوخ بشكل نمطي ، على أن هناك بعض الحالات الاستثنائية التي يرفض فيها مجلس الشيوخ إقتراحات الرئيس بتعيين الوزراء و الإداريين[15] ،  أما في النظم البرلمانية ، فعادة ما يكون رئيس الوزراء حرا في إختيار و تعيين الوزراء رغم ذلك فربما يتوجب موافقة البرلمان في بعض الدول على هذا الإختيار .




المبحث الرابع :

نتائج الرقابة البرلمانية


يتناول هذا القسم نتائج الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية وهو مخصص، لمخرجات الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية أي ناتج أو مردود العملية الرقابية داخل البرلمان.و تجدر الإشارة هنا إلى أن نتائج الرقابة على السلطة التنفيذية، تختلف جذريا عن أهداف الرقابة ، التي سبق و أن تناولناها في المبحث الثاني ، وهذا الاختلاف يرجع إلى أن الأهداف قد تترجم أو لا تٌترجم إلى نتائج ، بمعنى أخر  فإن الحديث عن الأهداف، هو حديث عن آمال ورغبات،أما النتائج فهي المحصلة الفعلية للرقابة البرلمانية، والتي قد تتضمن جزءا أو كل الأهداف أو أكثر من الأهداف المخطط لها بداية.[16] 
وبعد أن تطرقنا في المباحث السابقة لأهداف الرقابة  و طبيعة القائمين عليها سوف نستعرض في هذا الجزء أهم النتائج التي تمكن القائم بالرقابة البرلمانية أن يحصدها بالفعل من جراء استخدام الوسائل الرقابية المختلفة ، سنقسم هذه  المحددات لجزأين الجزء الأول  يتطرق للسمات العامة لنتائج الرقابة البرلمانية على أعمال التنفيذية ، و الجزء الثاني لطبيعة نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية.
تتسم نتائج الرقابة على السلطة التنفيذية بالعديد من الصفات التي يمكن إجمالها فيما يلي:
أ ـ تتباين نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية بتباين النظم السياسية سواء كانت ديمقراطية أو شمولية أو سلطوية. ففي النظم الديمقراطية ، يتوقع إن تصل نتائج الرقابة إلى حد تغيير السلطة التنفيذية، وإزاحة ممثليها، ومحاكمة رؤسائها ، والدعوة لإجراء انتخابات جديدة. أما في النظم الشمولية ، فإن نتائج الرقابة البرلمانية محدودة التأثير إذ يتمثل الأثر الرقابي الأبرز في هذا النظام في الرقابة الذاتية لرأس السلطة التنفيذية وأداتها الإستخباراتية المعلوماتية على الحكومة والإدارة والمواطنين، أما فيما يتعلق بالنظم السلطوية، فتضمحل نتائج الرقابة لبرلمانية على السلطة التنفيذية إلى أدنى درجاتها، وتأخذ عادة طابعا شكليا، فاقد كل التأثير فعلياَ.
ب - تختلف نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية باختلاف نظم الحكم، ففي النظام البرلماني، يوجد مبدأ المسئولية الوزارية سواء بشكل فردي أو جماعي، ومن ثم قد تنتهي الرقابة البرلمانية بحجب الثقة عن الحكومة أو أحد أركانها، أو الدعوة الانتخابات عامة جديدة ، أما في النظام الرئاسي، فإن الحكومة ليست مسؤولة أمام البرلمان، على أن هناك إجراءات أخرى لمحاسبة رئيس الدولة، قد تصل إلى عزله من منصبه.
ج ـ إن نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية. تختلف باختلاف النظام البرلماني المتبع من حيث كونه نظاما أحادي المجلس أو ثنائها. وفي هذا الصدد يشار إلى أن معظم البرلمانات ذات النظام الثنائي، تعطى للغرفة الأدنى ( الغرفة الأولى في المغرب ) بها سلطة رقابية أكبر من الغرفة الأعلى (الغرفة الثانية)  خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الوزارية، ومن ثم تتباين نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية بين المجلسين.
د ـ قد تتداخل نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية مع عملية التشريع، وذلك في الكثير من النواحي فمن ناحية قد تفضي نتيجة الرقابة البرلمانية لسن تشريع ما. ومن ناحية ثانية، تربط بعض الأنظمة السياسية بين رفض برلمان لتشريع أو للموازنة العامة للدولة، وبين الثقة، ومن ثم تنهار هذه السلطة بمجرد رفض التشريع أو رفض الموازنة.
هـ ـ ترتبط نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية بأمور إجرائية محددة، لا يمكن للقائم بالرقابة البرلمانية تجازوها، وذلك كله وفق الأنظمة الإجرائية المتبعة داخل البرلمان المقننة في الدساتير والقوانين، وهي كما هو معروف إجراءات تختلف من نظام سياسي لأخر وبمعنى أخر أن الأنظمة الإجرائية للبرلمانات تنظم من الناحية الموضوعية والناحية الزمنية كيفية الوصول إلى النتائج المتوقعة للرقابة البرلمانية، وذلك بغض النظر عن طبيعة تلك النتائج.
و ـ تختلف نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية، حسب طبيعتها، وذلك بغض النظر عن توقف تلك النتائج على كل من نظام الحكم أو النظام السياسي كما سبق ذكر وفي هذا الصدد، قد توجد نتائج تكتفي بلفت نظر البيروقراطية لبعض المثالب التي يجب تلافيها، أو وضع مقترحات لها أو اتهام أحد الوزراء بالتقصير عقب تحقيق برلماني، أو هز مكانة السلطة التنفيذية بأي من الأساليب المتبعة.
زـ ترتبط نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية، بحجم العضوية بالبرلمان بين الأغلبية والمعارضة وفي هذا الصدد يشار إلى أنه كلما كانت المعارضة بالبرلمان ممثلة تمثيلا كبيراَ، كلما كان يتوقع أن تحصد نتائج لا بأس بها من جراء ممارسة الرقابية بالبرلمان ومما لا شك فيه، أن كافة هذه الأمور ترتبط بدرجة التماسك الحزبي داخل البرلمان، سواء بين أحزاب الأقلية وأحزاب الأغلبية. فكلما كانت المعارضة أكثر تماسكاَ ـ إضافة إلى كثرة عددها ووحدة هدفها كلما أدى ذلك إلى ترجمة أهدافها في صورة نتائج وكلما كانت الأغلبية أكثر تماسكاَ، كلما أدى ذلك إلى هزيمة مقترحات المعارضة . 

  طبيعة نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية

تتعدد نتائج الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية، وتختلف تلك النتائج باختلاف البيئة المحيطة بالرقابة البرلمانية كما سبق أن أسلفنا، وهذه النتائج ترتبط بعضها البعض، الأمر الذي يجعل الفصل فيما بينها هو فقط من أجل الدراسة. وعلى أية حال،فإنه ممن الممكن رصد ست نتائج  رئيسية  للرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية، كما يلي:

  اثر الرقابة على الأداء الإداري.

تؤثر الرقابة البرلمانية  على الإدارة، اذ أنه على الرغم من أن الرقابة البرلمانية توجه بشكل رئيسي إلى الحكومة ووزراء الحكومة ، إلا أن البيروقراطية والجهاز الإداري هم ضمن الأهداف الخاضعة للرقابة البرلمانية ، فوزراء الحكومة هم في نهاية الأمر، المشرفون على الجهاز الإداري في الدولة. إذ أن هناك كيانات قيادية إدارية ثابتة لهذا الجهاز، تتولى القيام بمهام إدارية معروفة بغض النظر عن الحزب المسيطر على السلطة في تلك الدولة.
حيث يكون وجود هذا الحزب هو فقط مؤثرا على الإدارة من زاوية تنفيذ السياسة المنتخب على أساسها.
ولعل أحد أهم الأمور في صلة أعضاء البرلمان المباشرة بالإدارة، تكمن في لجوء الأعضاء للبيروقراطية وهم في غمرة تقديم الخدمات لأبناء الدائرة الانتخابية. ومما لا شك فيه، أن الأعضاء وهم يقومون بتلك المهمة يصطدمون بالعديد من المشكلات الإدارية، التي ربما يتعرفون عليها للمرة الأولى. ولذلك يرى ''جوهانيس'' أن تقديم الخدمات لأبناء الدائرة يساهم في الرقابة الداخلية بالوكالات والمؤسسات الإدارية، ومن ثم العمل الدؤوب على تصحيح الأخطاء والمثالب الإدارية.
وتكمن أكثر الأمثلة بروزا في تلمس نتائج الرقابة البرلمانية على الإدارة، في الجهاز البيروقراطي في الولايات المتحدة [17]، نظرا للصلة المباشرة بينه وبين الكونجرس والتي تتجاوز في أحيان كثيرة الوزارات المعنية ، إلى حد يرى فيه البعض في تلك الصلة تدخلا مباشرا يصعب التغلب عليه.

  تأثير الرقابة البرلمانية على الأداء التشريعي.

تؤدي الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية في إحدى مراحلها، إلى قيام الخاضعين أو القائمين بالرقابة البرلمانية بالتقدم بمشروعات(مقترحات) قوانين، تعالج المشكلات التي برزت خلال قيام المؤسسة التشريعية بالرقابة على السلطة التنفيذية، وذلك سواء من خلال تعديل القوانين القائمة لتلافي تلك المثالب أو إصدار تشريعات جديدة تعالج القضايا أو المشكلات المستجدة.وعلى هذا الأساس ، ترتبط الوظيفة التشريعية بالوظيفة الرقابية .
 ومما لا شك فيه أن التشريع الناتج عن ممارسة الوظيفة الرقابية، يتركز بشكل رئيسي في أنظمة الحكم الديمقراطية  بمعنى أخر، أنه لا يوجد ارتباط في الأنظمة السياسية الشمولية والسلطوية بين وجود تشريع    و بين الرقابة برلمانية، وذلك لمحدودية فرص الرقابة البرلمانية بالنظامين الأخيرين .

  طبيعة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية:

لعل إحدى أهم النتائج المترتبة على أداء الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية في النظم السياسية المختلفة، التي تقر بهذا النوع من الممارسة البرلمانية يكمن في تأثر العلاقة بين السلطتين التنفيذية
والتشريعية بين الإيجابية والسلبية.و هناك ثلاثة أشكال مختلفة ومميزة لهذه العلاقة على النحو التالي:

  وجود علاقة غير سلبية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

قد تؤدي ممارسة الوظيفة الرقابية على السلطة التنفيذية داخل البرلمان إلى وجود نوع من العلاقات غير السلبية بين طرفي العملية الرقابية ، هذا النوع من العلاقة يكون ثمرة الخلل في التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لصالح الأولى، وهذا الخلل ليس بالضرورة ناتج عن طبيعة الممارسة الديمقراطية حديثة العهد في النظم السياسية  التي استطاعت مؤخرا أن تنتقل من النظام السلطوي و الشمولي إلى النظام الليبرالي، بل قد تكون ناتجة عن عدم وجود معارضة واضحة للسلطة التنفيذية داخل البرلمان حتى في الأنظمة السياسية الديمقراطية العتيقة سواء في النظم السياسية البرلمانية أو النظم السياسية الرئاسية. إذ إنه في هذه الحالة تختفي الرقابة البرلمانية، ويصبح مال الوسائل الرقابية المختلفة التي تحاول أن تمسك الأقلية المعدودة داخل البرلمان بتلابيبها، الفشل والسقوط وبالتالي تصبح العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية علاقة لا يسودها التوتر[18].  

  وجود علاقة غير تعاونية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.   

تتضح علاقة عدم التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كنتيجة من نتائج الرقابة البرلمانية، من خلال وجود أقلية ذات وزن مميز داخل البرلمان. في مواجهة أغلبية غير كاسحة، وكذلك وجود تباين في سياسيات و إيديولوجيات الجانيين، وخلاف واضح على سلوك وتوجهات السلطة التنفيذية (على افتراض وجود تكتلين فقط للحكم والمعارضة، وعلى افتراض تولي الأغلبية الحكم كما في النظام البرلماني) ولعل المظهر الأساسي لهذه الخلافات يرجع لمحاولات المعارضة إظهار فشل الأغلبية في السياسات وتوضيح مساوئ تطبيقها، وقيام السلطة التنفيذية بحجب المعلومات عن البرلمان ...الخ.  

  وجود علاقة صدام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

تساهم الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية في بعض الأحيان في حدوث صدام في العلاقة بين الطرفين، وذلك في كافة النظم السياسية. على أنه لا يتوقع أن يؤدي كل نقد موجه من البرلمان لهزيمة الحكومة، كما لا يتوقع بالنسبة للنظام البرلماني تحديدا أن تؤدي هزيمة الحكومة بالضرورة إلى استقالتها أو حلها. من ناحية أخرى، بالمقابل لا تستطيع القوة السياسية في المجتمع، إدراك أثار نقد سياسيات الحكومة في البرلمان دون الرجوع للانتخابات. وهذا الأمر لا ينفي بالطبع حقيقة أن الرقابة البرلمانية على المؤسسة التنفيذية، قد تؤدي إلى حكم تيارات سياسية جديدة مؤسسة على عقد انتخابات، وتعيين  مسئولين سياسيين ، تكون سياساتهم محلا للرقابة أيضا.
وعلى هذا الأساس، فإن علاقة الصدام بين السلطتين التشريعية التنفيذية، هي أمر متوقع في كافة أنظمة الحكم الرئاسية والبرلمانية وشبه الرئاسية.

 د ــ اثر الرقابة البرلمانية على الميزانية.

تعتبر الرقابة على الميزانية العامة، أحد أهم المؤشرات الحاكمة في علاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقد سبق وأن بينا كيف أن هناك صعوبة لدى معظم البرلمانات في العالم في رفض الموازنة العامة للدولة، أو تعديلها بما يتناقض مع رغبة الحكومة، رغم أن تلك الموازنات لها علاقة مباشرة بالسياسات الاجتماعية.ونظرا لان البرلمانات قد تأسست بداية للرقابة على الأوضاع المالية في الدولة،وحتى لا يستبد الحكام في احتكار الأمور الخاصة بالنفقات والإيرادات، بما قد يتولد معه درجات مختلفة من الفساد، فإن أثر الرقابة البرلمانية على موازنات الدول، يبدو في غاية الأهمية ضمن هذا السياق.
 وعلى صعيد متابعة تنفيذ الميزانية، فربما باستثناء الكونجرس الأمريكي، لا يوجد أي من البرلمانات يقوم بأعمال الفحص والمتابعة الدقيقة للموازنة داخل الوكالات و الإدارات المختلفة. وتتركز معظم متابعات البرلمانات على قراءة ما تطرحه الحكومة على البرلمان من حساب ختام الموازنة السنوية للدولة.ويقول 'بقليني' أنه نتيجة لذلك، فإن هناك حاجة إلى تصحيح هذا الخلل، من خلال دعم قدرات البرلمانات في دراسة الموازنة باباَ باباَ، ودعم قدرتها الرقابية لمتابعة تطبيقها[19].








الفصل الثاني:
الرقابة البرلمانية في المغرب من خلال دستور  2011


 












الفصل الثاني:

الرقابة البرلمانية في المغرب من خلال دستور  2011

المبحث الأول:

الإطار العام و مستجدات للرقابة البرلمانية في الدستور الجديد


شكل مطلب تقوية دور مؤسسة البرلمان و تعزيز مكانته  في البنية السياسية و المؤسساتية المغربية مطلبا أساسيا، ضمن مطالب الإصلاح السياسي و الدستوري التي نادت بها مختلف القوى السياسية و الحزبية الوطنية .
و شكلت مرحلة الربيع العربي فرصة لعودة هذه المطالب بقوة إلى الساحة الوطنية بالتزامن مع الحراك السياسي و الاجتماعي الذي عرفته المنطقة العربية في ذلك الحين.
و بالفعل جاء الجواب الملكي المتضمن في خطاب 9 مارس ليقدم تصورا متكاملا للإصلاح الدستوري، يقدم من خلال مرتكزات أساسية تقوم على تمكين البرلمان من مكانة مهمة في الهندسة الدستورية و المؤسساتية، وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية .
مع إعطاء المعارضة النيابية مكانة خاصة و تكريس أدوارها الدستورية، و قد تقدمت مختلف الأحزاب السياسية و النقابات و الجمعيات المهتمة بمذكرات تضمنت رؤيتها للإصلاح الدستوري، و رغم تفاوت المطالب المضمنة في هذه المذكرات بخصوص إصلاح مؤسسة البرلمان،هيكلة واختصاصا فإنها التقت في جورها من حيث سعيها للإرتقاء بالبرلمان ليصبح مؤسسة تشريعية فعلية تحضى بالمصداقية و لها من السلط التشريعية و الآليات الرقابية ما يؤهلها للقيام بدورها الطبيعي كما هو حال البرلمانات في أعرق الأنظمة الديمقراطية.
 وبخلاف النصوص الدستورية السابقة استجاب نص دستور2011 بشكل كبير لمطالب الإصلاح لذى هذه الأحزاب و التيارات السياسية، فيما يتعلق بمؤسسة البرلمان، و سنتطرق في هذا المبحث للمبادئ العامة المؤطرة لوظيفة الرقابة البرلمانية التي جاء بها دستور2011 في مجال الرقابة البرلمانية للعمل الحكومي [20].
 على ان  نفرد المبحثين التاليين للحديث عن آليات الرقابة البرلمانية في دستور 2011 بشقيها المنشئ للأثر السياسي و الغير المنشئ للأثر السياسي بتفصيل أكبر.

أولا : توسيع صلاحيات البرلمان الرقابية :

بما أن الدور الرقابي للبرلمان عرف قصور و مكامن ضعف في ما كان مكرسا في دستور 1996،  فقد تم تدارك ذلك من خلال التعديل الدستوري الذي عرفه المغرب سنة2011،  حيث قامت الوثيقة الدستورية بتوسيع مجال الرقابة البرلمانية لتشمل تقيم السياسات العمومية وهذا الأمر يقتضي إخضاع أطراف لم تكن خاضعة في السابق لهذا النوع من الرقابة، كما يفترض وضع آليات رقابية أكثر قوة تمكن العضو البرلماني ومن خلاله مؤسسة البرلمان، من القيام بهذه المهمة، حيث نصت الفقرة الثانية من الفصل سبعين على ما يلي ''يصوت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيِّم السياسات العمومية ''.
  فالبرلمان إذن من صلاحياته تقيم السياسات العمومية أي أنه لم يعد مؤسسة تصادق على القوانين و على تمويل البرامج الحكومية فقط  وإنما إنتقل دوره إلى تقييم تلك البرامج في إرتباطها بالأهداف المحددة لها و مناقشة ثغرات تنفيذها، و إعطاء توصيات من أجل تجاوز الإختلالات و تجويد السياسيات المقرة فيها .
إن أمر تقييم السياسات العمومية من طرف البرلمان يطرح صعوبات كبيرة يمكن حصرها في مستويين   الأول مرتبط بالطرف الخاضع لهذا النوع من الرقابة، فالحكومة تقليديا هي التي تشرف حسب نص الدستور على تنفيذ السياسات العمومية باعتبارها السلطة التنفيذية، غير أن دستور2011 وسع من   دائرة الأطراف المساهمة في إعداد و تنفيذ هذه السياسات، و هنا الحديث عن جمعيات المجتمع المدني في إطار الديمقراطية التشاركية التي جاء بها الدستور، كما أن واقع التدبير العمومي في المغرب يوضح أن الحكومة كسلطة تنفيذية ليست هي الوحيدة القائمة على تطبيق السياسات العمومية، فالإدارة تساهم بشكل كبير في هذه العملية، كما أن المؤسسات و المقاولات العمومية تلعب دورا كبيرا إذا لم نقل الدور الأهم في هذه العملية، ووعيا من المشرع الدستوري بصعوبة هذه المهمة، نص الدستور على إدخال أطراف أخرى تحت السلطة الرقابية للبرلمان،  لم تكن تقليديا خاضعة للرقابة البرلمانية حيث ينص الفصل 102 من الدستور على أنه يمكن للجان البرلمان أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء المعنيين وتحت مسؤوليتهم، وهذا يساعد البرلمان على القيام بمتابعة مرحلية و تقييم دقيق لأداء هذه الأجهزة والمؤسسات في مجال تدبير الشأن العام .
إن توسيع مجال الرقابة البرلمانية، يفرض خلق آليات جديدة تمكن البرلمان من مراقبة الحكومة في تنفيذها للسياسات العمومية، إضافة للآليات التقليدية كالأسئلة الكتابية والشفوية والملتمسات جاء الدستور المغربي بآليتين جديدتين هما آلية الأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة المتعلقة بالسياسات العمومية (فصل 100)[21] والجلسة البرلمانية السنوية لمناقشة و تقييم السياسات العمومية (الفصل 101)[22]   سيتم التطرق لهاتين الآليتين بتفصيل في المبحث الثالث . 
أما المستوى الثاني فهو مرتبط بالطرف القائم بالرقابة أي مؤسسة البرلمان، فدراسة الأداء الرقابي للبرلمان في ظل التجارب الدستورية السابقة كانت دائما تضع الباحثين أمام حقيقة ضعف هذه الرقابة بسبب غياب الكفاءات والخبرات اللازمة لدى مؤسسة البرلمان للاضطلاع بمهمتها الرقابية وكذا صعوبة ولوج الفاعل البرلماني إلى مصادر المعلومات والتقارير الخاصة بأنشطة مختلف أجهزة الدولة التنفيذية، فرغم نص دستوريي 92 و96 على لجان تقصي الحقائق كآلية لتقصي و جمع المعلومات فإنها كانت  تصطدم بحجب الحكومة لبعض المعطيات و المعلومات المهمة، و من أجل تجاوز هذه الصعوبات أعطى الدستور الجديد البرلمان إمكانية  اللجوء إلى مساعدة المجلس الأعلى للحسابات في ما يخص مجالات مراقبة المالية العامة ولتقديم الأجوبة والاستشارات المرتبطة بوظائف التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية، حيث نصت الفقرة الأولى من الفصل 148على أن " يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة، ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية"وعليه يكون المشرع قد كرس إلزامية المجلس الأعلى للحسابات بالتفاعل مع البرلمان في جميع المجالات المتعلقة بمراقبة المال العام، والرد على أسئلة واستشارات البرلمان، من خلال الوظيفة القضائية للمجلس الأعلى، كذلك نصت الفقرة الأخيرة من المادة  نفس الفصل من على أنه: "يقدم الرئيس الأول للمجلس عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، ويكون متبوعا بالمناقشة، و في إطار مسلسل تدعيم دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية هناك آلية أخرى مساعدة  تقوم بدور استشاري، يتمثل في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث ينص الفصل 152 من الدستور على أنه: " للحكومة ولمجلس النواب والمستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في جميع القضايا، التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي"وبالتالي يمكن لهذه الاستشارات أن تنير الطريق أمام البرلمان لتتبع وتقييم السياسات العمومية التي تنجزها الحكومة والأجهزة التابعة لها .
و في نفس الإطار دستور 2011 هيئات ومؤسسات مستقلة تهتم بالحكامة الجيدة، وتستفيد من دعم أجهزة الدولة  جاء تفصيلها في الفصول161إلى 170فيما نص الفصل 160على ضرورة تقديم هذه المؤسسات  تقريرا عن أعمالها مرة واحدة في السنة على الأقل، يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان وهذا يوسع قاعدة البيانات والمعطيات التي يعتمدها البرلمان من أجل القيام بمهمة الرقابة على أحسن وجه.[23]
عموما فإن دستور 2011 إنتقل بالرقابة البرلمانية من مراقبة الحكومة إلى مراقبة الحكامة أي أنه إنتقل من مراقبة الوسائل، إلى مراقبة النتائج.





 تعتبر تقوية مجلس النواب على مجلس المستشارين من بين الإصلاحات الهيكلية التي جاء بها دستور 2011 فخطاب 9مارس باعتباره المحدد الأساس لمرتكزات الإصلاح الدستوري، نص على ضرورة وجود  برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، هذه المكانة المتقدمة لا يمكن أن تكرس إلا من خلال كون الحكومة المنتخبة منبثقة عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، تحظى بثقة أغلبية مجلس النواب.[24] حيث جاء الدستور الجديد بمقتضيين هامين يعبران عن هذا التوجه هما مسألة التنصيب البرلماني للحكومة الذي أضحى، وحصر الأليات الرقابية المثيرة للمسؤولية السياسي على مجلس النواب فقط .
 ووفقا لمقتضيات الدستور الجديد  لم تعد الحكومة مُنصَّبةً  بمجرد تعيينها من قبل الملك، كما تواتر العمل بذلك على امتداد الدساتير السابقة، بل غدت، بمقتضى الدستور، في حاجة إلى غطاء أو رداء برلماني، ما يعني أن شرعيتها الدستورية لا تتوقف على التعيين الملكي وحده، وإن اعتبره الفصل السابع والأربعون من الدستور حقاً حصرياً للملك، بل تكتمل بمصادقة البرلمان على البرنامج الحكومي الذي يعقُب عملية التعين، كما نص على ذلك صراحة الفصل الثامن والثمانون [25].
حيث يُشرط من رئيس الحكومة، حسب الدستور الجديد وهو يقود حكومة مسئولة، أن يكون مسنوداً بأغلبية برلمانية، تُقوي مكانته، وتُعزز العمل الجماعي لحكومته، خصوصاً أن ديباجة الدستور الجديد ربطت، بين المسئولية والمساءلة والمحاسبة.
و في نفس هذا المنطق اتجه المشرع الدستوري إلى حصر تلك الآليات التي تثير المسؤولية السياسية أي تلك التي ينتج عن إعمالها الإطاحة بالحكومة (ملتمس الرقابة طلب الثقة) في يد مجلس النواب دون مجلس المستشارين تعبيرا عن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فمجلس النواب الذي منح تقثه للحكومة هو الجهة الوحيدة المخول لها سحب تلك الثقة بنص الدستور مما سيكرس صدارة الغرفة الأولى و أولويتها بإعتبار مجلس النواب منتخب بالإقتراع العام المباشر.
وهكذا حاولت وثيقة دستور2011 تجاوز بعض الجوانب السلبية في تجربة نظام الغرفتين،  
وإعادت صياغة المقتضيات الناظمة للثنائية المجلسية في البرلمان  المغربي  وفق منطلقات جديدة  





شكل إصلاحات مؤسسة البرلمان في شقها المرتبط بتوسيع صلاحياته في المجال الرقابي و تقوية مجلس النواب على مجلس المستشارين إصلاحات هيكلية، من المؤكد أنها ستعزز مكانة مؤسسة البرلمان في النسق السياسي و الدستوري المغربي، غير أن هذه الإصلاحات تبدو ناقصة إذا لم يواكبها تعزيز لمكانة المعارضة البرلمانية فالحكومة كما أسلفنا يجب أن تكون مسنودة  أغلبية برلمانية، تدعمها في برمجها، وقراراتها و من الصعب (في الظروف العادية) أن تساهم هذه الأغلبية في الإطاحة بالحكومة وهنا تبرز أهمية دور المعارضة البرلمانية في القيام بالنقد والتقييم والرقابة لدائمة على أعمال الحكومة باستخدام الآليات الرقابية التي خولها لها الدستور، فالمعارضة البرلمانية تشكل الأقلية  التي تمثل قطاعا من المجتمع و تدافع عن مصالحه وعليه يجب أن يتم الاستماع إليها وأن تحترم آرائها. 
وقد عرفت حقوق المعارضة البرلمانية في المغرب تقييدا من طرف المشرع الدستوري على مدار التجربة الدستورية طيلة ما يقارب النصف قرن، ابتدءا من دستور 1962 حتى دستور 1996، أما في ظل دستور 2011 فقد  تم الارتقاء بحقوق المعارضة البرلمانية ودسترتها، ومنحها المكانة الدستورية التي تستحقها،و ذلك من خلال من عدة فصول في الدستور، خاصة الفصل العاشر منه الذي ضمن للمعارضة حقوقا كثيرة تمكنها من الاضطلاع بمهامها الدستورية و المجتمعية كحق الرأي والتعبير و حقها في الحصول على وسائل العمل الكافية  وحق الاستفادة من مصادر التمويل العمومي  و وتوفير الفضاء الإعلامي على أساس تكافؤ الفرص .
أما فيما يتعلق بمجال الرقابة فقد نص ضمن الفصل العاشر من الدستور، للمعارضة البرلمانية حق المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق. كما أشار هذا الفصل إلى أن ممارسة المعارضة للحقوق الدستورية يحدد حسب الحالة، بموجب قوانين تنظيمية أو قوانين أو بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان ، و في هذا السياق عمد المشرع الدستوري إلى خفض نصاب قبول ملتمس الرقابة من توقيعه من طرف ربع الأعضاء في الفصل 76 من دستور 1996، إلى الخمس في الفصل 105 من دستور 2011 ، مما سيمكن  المعارضة البرلمانية داخل مجلس النواب من استعمال هذا الحق وممارسة دورها الرقابي، حتى وإن كانت مسألة الحصول على الأغلبية البرلمانية لإسقاط الحكومة صعبة التحقيق عمليا بفعل عامل الأغلبية، فإيداع ملتمس الرقابة يضم في طياته نوعا من التصرف والموقف المهم، حتى وإن لم تتم المصادقة عليه من طرف الأغلبية المطلقة للأعضاء،لأنه عمل رسمي تعبر المعارضة من خلاله عن رفضها للسياسة الحكومية في مجملها،إنه عمل يعني الكثير بالنسبة لتصرف المعارضة داخل البرلمان[26].
 أما المعارضة البرلمانية في مجلس المستشارين فقد منحها  الدستور الحالي  إمكانية تقديم ملتمس المساءلة (فصل106) الذي يقابل آلية ملتمس توجيه التنبيه[27] الذي كان ينص عليه الفصل 77 من دستور 1996 ، حيث يشترط دستور 2011 توقيع خمس أعضاء المجلس على طلب تقديم ملتمس المساءلة قبل طرحه على التصويت في جلسة عامة و ذلك بدل الثلث في دستور 1996.
 و هذا في حد ذاته تعبير عن منح المعارضة إمكانية الضغط على الحكومة والمساهمة في ضبط عملها
تعزيز الدور الرقابي للمعارضة البرلمانية في دستور 2011 يتجلى أيضا في إعطائها حق التقدم بطلب  تشكيل لجان تقصي الحقائق ، فبخلاف الدساتير السابقة، عمد الدستور الحالي في فصله 67 إلى خفض عدد البرلمانين اللازم توقيعهم للتقدم بطلب تشكيل هذه اللجان إلى الثلث عكس 1996، الذي كان يشترط توفر الأغلبية، وهذا فيه دلالة على إمكانية تقديم المعارضة البرلمانية طلب لتشكيل لجان تقصي الحقائق، مما سيفعل من دور المعارضة في الرقابة والضغط على الحكومة . 
أما في ما يرتبط  باللجان النيابية الدائمة فلا شك أن في حرص الدستور على منح رئاسة لجنة أو لجنتين على الأقل  للمعارضة، خاصة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب من شأنه أن ينأى بعمل اللجان عن هيمنة توجهات الأغلبية، مما  يساهم في إحداث نوع من التوازن، إذ تعتبر اللجان الدائمة بمثابة برلمانات مصغرة وعلى قدر أهمية العمل داخل اللجان البرلمانية فانه يجب الحرص على إشراك المعارضة في أعمال اللجان ويتم هذا الإشراك في الديمقراطيات المتقدمة عادة عبر إعطاء المعارضة [28] نسبة من المناصب الرئيسية في اللجان مثل رؤساء، مقرري اللجان توازي نسبة المقاعد النيابية التي تحتلها في المجلس، وينطبق هذا بصورة خاصة على اللجان الدائمة التي تضطلع بمراقبة الموازنة،.
ويبقى التأكيد على إن مجال الرقابة البرلمانية بواسطة الأسئلة هو المجال الأنسب للمعارضة لإبراز قدراتها ومدى جديتها في تتبع ومراقبة العمل الحكومي ، بحكم مرونة إجراءاتها وتوظيفاتها.








 



المبحث الثاني: 

 الآليات  الرقابية التي تثير المسؤولية السياسية .

وسائل الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية  تتميز بالكثرة و التنوع  وتختلف من حيث الشدة أي من حيث الأثر السياسي المترتب عن إعمالها ، فنجد وسائل ذات أثر سياسي محدود (موضوع المبحث الثالث) و آليات تؤدي إلى إثارة المسؤولية السياسية للسلطة التنفيذية أمام البرلمان وهي تعبر أخطر الآليات الرقابية التي يتمتع بها البرلمان في مواجهة السلطة التنفيذية، قد يتم من خلالها عزل السلطة التنفيذية أو سحب الثقة منها.
وفي هذا السياق جاء دستور فاتح يوليوز 2011 متضمنا لمجموعة من هته الآليات التي يتمتع بها البرلمان في مجال الرقابة على العمل الحكومي منها ما هو مستجد كآلية التنصيب البرلماني و منها ما كان منصوص عليه في دستور 1996 كملتمس الرقابة و طلب الثقة. هذه الآليات تأتي في مقابل ما يتمتع به رئيس الحكومة من إمكانية حل مجلس النواب بمرسوم يتخذ في المجلس الوزاري ضمانا لمبدأ فصل السلط و توازنها .
 و فيما يلي تفصيل لهذه الآليات كما نص عليها الدستور الحالي للمملكة.

1 _ التنصيب البرلماني:

يعتبر التنصيب البرلماني للحكومة، كترجمة لفكرة المسؤولية السياسية أهم ملامح البعد البرلماني في الأنظمة الدستورية والسياسية الديمقراطية ، وفي المغرب  شكل التنصيب البرلماني إحدى المطالب التاريخية للأحزاب السياسية ، حيث دعت المذكرة المشتركة لحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المرفوعة بتاريخ 9 أكتوبر 1991، للملك الحسن الثاني، إلى "ربط تقديم الوزير الأول المعين من جلالة الملك للبرنامج الحكومي أمام المجلس ( مجلس النواب) بالتصويت عليه وحصوله على الأغلبية المطلقة ، واستمراراً لنفس المنطق، نجد تقريبا نفس التصور في المذكرات عدد من الأحزاب الوطنية المقدمة إلى اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة الدستور[29]. 
 ويعد  دستور 2011 ترجمة لمبدأ المسؤولية المنصوص عليه في الفصل الأول وتنزيلا للمرتكز الرابع من الخطاب الملكي لتاسع مارس 2011 الذي تحدث عن قيام "حكومة منتخبة" بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، والتي تحظى بثقة أغلبية مجلس النواب.
 فمنطوق الفصل 88 من الدستور يلزم رئيس الحكومة بالتقدم بعد تعيين الملك لأعضاء حكومته أمام مجلسى البرلمان مجتمعين و يعرض البرنامج الحكومي الذي يعتزم تطبيقه  لأنه بمثابة إعلان عن نوايا الحكومة بخصوص السياسة الحكومية المزمع تطبيقها و يجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني ، و بالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية و الاجتماعية و البيئة و الثقافية و الخارجية .
يناقش البرنامج الحكومي أمام كلا المجلسين و يعقبه تصويت في مجلس النواب و يجب أن يحصل هذا البرنامج على ثقة الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، لم تعد الحكومة أذن منصبة مباشرة بعد تعيينها من طرف الملك بل أصبحت  مع دستور 2011 في حاجة إلى إجراء ثان بعد تعيين الملك لها إلا وهو'' تنصيب البرلمان'' .
ويري الأستاذ كريم لحرش أنه إذا كان التنصيب البرلماني إجراء دستوريا إلا انه  من الناحية العملية يبقي شكليا مادامت الحكومة قد حظيت  بالثقة الملكية و منبثقة أصلا من الأغلبية داخل مجلس النواب . إلا أن التأويل الديمقراطي لدستور 2011 يفترض أن ألا تبدأ الحكومة الجديدة في ممارسة مهامها الدستورية إلا بعد الحصول على ثقة مجلس النواب[30].

 2_ ملتمس الرقابة:

يعرف ملتمس الرقابة  بأنه وسيلة برلمانية يتم من خلالها حجب الثقة عن الحكومة ، بسبب ما يعتبره البرلمان سياسيات خاطئة تستدعي سحب  تفويض البرلمان لها، الأمر الذي يؤدي لإرغامهم على ترك مواقعهم في السلطة التنفيذية .
و تستخدم تلك الوسيلة الرقابية في نظم الحكم البرلمانية وبعض النظم شبه الرئاسية ، لكنها لا تستخدم في نظم الحكم الرئاسية ، إذ يفترض أن السلطة التنفيذية نابعة من البرلمان في النظام الأول و أحيانا الثاني ، بينما هي مستقلة عنه   بينما هي مستقلة في النظام الثالث .
و قد نصت الدساتير المغربية المتعاقبة من 1962 إلى 1996 على آلية ملتمس الرقابة ، كآلية رقابية في يد البرلمان لمواجهة السلطة التنفيذية و في نفس الاتجاه نص  دستور2011 على هته الآلية و جعلها  حكرا على مجلس النواب دون المستشارين و ذلك بخلاف ما كان عليه الأمر في دستور 1996 الذي كان يمنح لمجلسي البرلمان الحق في تقديم ملتمسات رقابة في مواجهة الحكومة.  
بناءا على منطوق الفصل 105 من الدستور الذي يطرح أن " الفصل 105" : لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها ، بالتصويت على ملتمس الرقابة ، و لا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم.
لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، و تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية .
إذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس أمامه، طيلة السنة" ، فإعمال ملتمس الرقابة وفق الشروط المنصوص عليها أعلاه قد يترتب عليه فراغ سياسي خطير يتجلى في انهاء الوجود القانوني للحكومة ، حيث تكون هذه الأخيرة ملزمة من الناحية الدستورية  بتقديم استقالة جماعية.
 يمر ملتمس الرقابة بأربعة مراحل أساسية حتى يستوفي الشروط القانونية لتي نص عليها الدستور و النظام الداخلي لمجلس النواب.

المرحلة الأولى: التوقيع:

 يقصد بالتوقيع تلك العملية الشكلية التي يقوم بها أعضاء البرلمان لمساءلة الحكومة سياسيا كلما اتضح أن هناك قصورا أو ثغرات أو ضعف في العمل الحكومي على مستويات معينة وعملية التوقيع تعتبر  بداية في مسار آلية ملتمس الرقابة ، لذلك أكد المشرع الدستوري في الفقرة الأولى من الفصل 105 على ضرورة  توقيع الملتمس من طرف خمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.

المرحلة الثانية : الإيداع

لا يكفي التوقيع على ملتمس الرقابة من طرف مجلس النواب من الناحية الشكلية لتحريكه وتفعليه إذ لابد من عملية الإيداع ، ويقصد بالإيداع تلك العملية التي بموجبها يتم تسليم مستند إلى رئيس المجلس في جلسة عامة يسمى ملتمس الرقابة، وهذا الإيداع  يمثل المرحلة الثانية في عملية تحريك المسؤولية السياسية للحكومة بعد عملية التوقيع.
والإيداع يوضح بصورة أكيدة رغبة المجلس في وضع الحكومة أمام مسؤوليتها السياسية. ولذلك فإن عدم إيداع ملتمس الرقابة في الجلسة العامة وتسلميه إلى رئيسها بعد كأن لم يكن، على اعتبار أن هذه العملية تبين القصد الحقيقي للنواب في المرور المراحل التالية.
وقد نظم المشرع البرلماني عملية الإيداع بشكل مرتبط بالتوقيع بحيث أنها لا تتم الإ بعد أن يوقع على مستند يضمن فيه أسماء الموقعين على ملتمس الرقابة، لينشر هذا الأخير بأمر من الرئيس في المحضر ونشرة المجلس الداخلية وموقعه الإلكتروني.
ولا يجوز لنائبات ونواب المجلس أن يوقعوا أكثر من ملتمس رقابة واحد في الوقت نفسه ، ويمنع منعا كليا بعد إيداع ملتمس الرقابة أن يضاف أو يسحب منه أي توقيع، إن تحريك الجوانب الشكلية المتعلقة بملتمس الرقابة لا تقتصر على التوقيع والإيداع، بل لا بد من المرور إلى  مناقشة محتوى المتلمس.

المرحلة الثالثة: المناقشة

لم ينص المشرع الدستوري المغربي على مسألة المناقشة المتعلقة بملتمس الرقابة بعد توقيعه وإيداعه في الجلسة العامة غير أن المشرع البرلماني في النظام الداخلي الأخير[31] نظم المناقشة نظرا لأهميتها السياسية، إذ تسمح لأعضاء البرلمان بالتعبير عن وجهة نظرهم السياسية  وعن الأسباب التي دفعت الجهاز التشريعي لتقديم ملتمس الرقابة خصوصا المعارضة البرلمانية ، كما تسمح المناقشة للحكومة  ببسط دفعاتها السياسية للرد على أطروحات أعضاء البرلمان.
وعملية المناقشة تنصب أساسا على ملتمس الرقابة و لا تمتد إلى قضايا أخرى، وبالتالي لا يمكن قبول تدخل أحد أعضاء البرلمان إلا إذا كان محتواه يندرج في إطار معالجة القضايا التي طرحت في الملتمس. وتتيح المادة 182 من النظام الداخلي لمجلس النواب لمكتب هذا الأخير تحديد تاريخ مناقشة ملتمس الرقابة إذ يجب أن تقع المناقشة على أبعد أجل في اليوم السابع من تاريخ إيداع الملتمس. هذا ويمكن لفرق المعارضة أن تقترح على مكتب مجلس بعد مضي ثلاثة أيام على إيداع الملتمس تاريخ الجلسة وموعدها المخصص للتصويت والحصة الزمنية بالنسبة لها وفقا لما نصت عليه المادة 24 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وتنظم المناقشة  في حالة تعدد ملتمسات الرقابة مع إمكانية مناقشتها دفعة واحدة إذا قرر الكتب ذلك شريطة أن تقع التصويت على كل ملتمس رقابة على حدة.
فإذا شرع المجلس في مناقشة ملتمس الرقابة فلا يمكن سحبه،  إذ يجب تستمر المناقشة إلى أن يقع التصويت وبمجرد إدراج ملتمس الرقابة في جدول أعمال المجلس فإنه يبلغ ذلك إلى رئيس الحكومة وذلك لإخباره بموعد المناقشات البرلمانية وإلى رؤساء اللجن  ورؤساء الفرق والمجموعات النيابية وإلى النواب غير المنتسبين لأي فريق في المكان المخصص لمراسلاتهم، ويبقى التساؤل المطروح ، هو لماذا يجب أن تقع المناقشة على أبعد أجل في اليوم السابع من تاريخ إيداع الملتمس؟
 يجيب الأستاذ عبد الغني أعبيزة أن الهدف من هذا الآجل هو السماح للمتدخلين بإعداد وتهيئ  مداخلاتهم التي يجب أن تكون مؤسسة ومبينة بشكل موضوعي ومقنع سواء في جانب المعارضة البرلمانية أو في جانب الأغلبية البرلمانية أو الحكومية ومرور أسبوع كامل مدة كافية لكل الأطراف المتدخلة لبسط أرائها حول ظروف تقديم الملتمس وكذا توضيح المتوخى منه. كما تعتبر الفترة مناسبة لإنشاء تحالفات سياسية جديدة لمحاولة إسقاط الحكومة أثناء مرحلة التصويت[32].

المرحلة الرابعة: التصويت.

تعتبر عملية التصويت من أهم الخطوات القانونية التي نص عليها المشرع البرلماني في مسألة ملتمس الرقابة ، وذلك لخطورتها السياسية و الآثارالتي يمكن أن تترتب عنها خصوصا في حالة نجاح مجلس النواب في التصويت الإيجابي على الملتمس ويقصد بالتصويت تلك العملية التي يقوم بها البرلمان أثناء انتهاء المناقشات السياسية برفع اليد تعبيرا عن القبول أو رفض الملتمس، وهي تهدف إلى وضع الحكومة بصفة فعلية وواقعية أمام مسؤوليتها السياسية.
ولا تصح الموافقة على الملتمس الرقابة من طرف مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لإمضاء الذين يتألف منهم المجلس ، وأكد المشرع الدستوري والبرلماني على ضرورة انصرام  ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس حتى يقع التصويت ولا تحسب إلا الأصوات المؤيدة لملتمس الرقابة.
و ما الهدف من التنصيص على هذه المدة الدستورية إلا تكريس لثقافة المساومة السياسية بين الفاعلين السياسيين و بالتالي كل طرف يحاول أن يلعب بأوراقه السياسية بقراءة لما يتوفر عليه الطرف الأخر حتى تبقى عملية المساومة السياسية متواصلة إلى موعد التصويت.
إن عملية التصويت حلقة جوهرية في المسطرة الدستورية التي تبناها المشرع المغربي، إذ على ضوئها يتحدد المصير السياسي للحكومة. حيث تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية، وفي حالة وافق مجلس النواب على ملتمس  الرقابة فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طلية سنة.
وعلى الرغم من أهمية ملتمس الرقابة فإن الشروط القانونية الواجب احترامها لإعماله تعد شروطا معقدة من الصعب أن لم يكن من المستحيل توفرها، ما عدا في حالة وجود انقسام حاد وغياب انسجام داخل   الأغلبية الحكومية، وهذا ما جعله لم يستعمل سوى مرتين فقط في التاريخ الدستوري المغربي سنة 1964 وسنة 1990 ولكنه لم ينجح وذلك لعدم توفر الشروط القانونية المنصوص عليها في الدستور.









 آلية طلب الثقة:

وإذا كان ملتمس الرقابة يأتي بمبادرة من مجلس النواب فإن المشرع الدستوري المغربي نص على آلية طلب الثقة كإحدى أدوات الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية وتتم هذه الآلية بمبادرة من رئيس الحكومة.
 تهدف ألية طلب الثقة إلى التأكد من مواصلة الأغلبية البرلمانية في دعمها للعمل الحكومي ، إذ خول الدستور المغربي الجديد رئيس الحكومة إمكانية ربطه لدى مجلس النواب مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت على منح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع يخص السياسة العامة ،أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه ، طلب الثقة إذن يكون بمبادرة من رئيس الحكومة ولكن الموافقة عليه تكون فقط أمام مجلس النواب.
و بما  أن الدستور المغربي الجديد أكد على أولوية مجلس النواب المنبثق عن الأقتراع العام المباشر في تنصيب الحكومة ، المعينة من طرف الملك  فإن رئيس الحكومة  يطلب ثقة من مجلس النواب فقط  في حالتين:
·        أثناء عرض تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة.
·        أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه .
 و يعتبر الأستاذ كريم لحرش أن واقع الممارسة العملية في تاريخ العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية  أتبث ممارسة الحالة الأولى فقط، أي طلب الثقة من خلال تقديم التصريح حكومي، أثناء تشكيل الحكومة وبعد تعيينها من طرف الملك وعادة ما يمنح البرلمان الثقة للحكومة حتى وإن لم تكن  منبثقة منه جزئيا أو كليا ، ولم يترك الدستور الجديد الفرصة تفوت للتنصيص على شروط   صحة التصويت على طرح الثقة بموجب التصريح الحكومي أو بموجب النص المحددة دستوريا فيما يلي[33] :
·         لا يمكن سحب الثقة من الحكومة او رفض النص بالأغلبية المطلقة لأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.
·         لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاث أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة، سحب الثقة يترتب عنه استقالة الحكومة بشكل جماعي وهو ما يجعل من اللجوء الى طلب الثقة أمر خطير جدا.
·        تترتب على طلب  مسؤولية سياسية كبيرة لكن في واقع الممارسة العملية ومادام أمر طلب الثقة أمر اختياري ، فإن رئيس الحكومة لن يلجأ عمليا إلى طلب الثقة إلا أذا كان متأكدا من موافقة الأغلبية المطلقة الأعضاء مجلس النواب على التصريح أو النص الذي يتقدم به أمام المجلس.







         المبحث الثالث:

 الآليات التي لا تثير المسؤولية السياسية للحكومة.


تمثل هذه الوسائل نوع من الرقابة السياسية الأكثر استعمالا نظرا لسهولة اللجوء اليها من طرف البرلمانيين ، وكذلك لاعتبارها أداة لجمع المعلومات والمعطيات الضرورية لاستغلالها، فيما بعد ، لتحريك المسؤولية السياسية للحكومة.
وتتمثل هذه الوسائل الرقابية في، الأسئلة البرلمانية بما فيها الجلسة السنوية لمناقشة وتقييم  السياسات  العمومية، واللجن البرلمانية الدائمة والمؤقتة (لجن لتقصي الحقائق) تم أخيرا ملتمس المساءلة.

أ_الأسئلة البرلمانية: 

إن السؤال كما هو الشأن بالنسبة للعديد من مكونات القانون البرلماني يجد أصل نشأته في بريطانيا [34]. فقد شكلت الأسئلة أداة مستقلة لمراقبة العمل الحكومي ابتداء من سنة 1849 حيث تم تحديد جزء من الجلسة العمومية لدراسة ما عرف آنذاك بالساعة المخصصة للسؤال ((question time  و سنة 1902 أنشأ نظام الأجوبة الكتابية للبرلمانيين الذين يطلبون ذلك أو في حالة عدم التمكن من التوصل بالجواب عن سؤال شفوي بسبب ضيق الوقت . على الرغم من أن السؤال لا يؤدي إلى إثارة المسؤولية السياسية للحكومة ، إلا أنه يمكن من مراقبة نشاط الإدارة ، و يكشف التجاوزات و يلتمس عبرة من السلطات العمومية التدخل لمعالجتها ، كما أنه يشكل أداة لجمع المعلومات و يمكن المعارضة أيضا من تسليط الضوء  على نقط ضعف الحكومة .
يعرف السؤال بكونه الفعل الذي بمقتضاه يطلب عضو برلماني من وزير إيضاحات حول نقطة معينة ، و لا يتضمن هذا الفعل جزءا سياسيا، أي أنه لا يثير المسؤولية للحكومة، مما يميزه عن باقي و سائل المراقبة كملتمس الرقابة و الاستجواب .
 و فيما يتعلق بتوقيت طرح الأسئلة، الشفوية فغالبا ما يتم تحديده في الدستور أو يترك تنظيمه للنظام الداخلي للبرلمان. وهذا التوقيت قد يحدد في بداية كل جلسة (كما هو الشأن في بريطانيا و النمسا و مجلس الشيوخ الإسباني) أو في بداية عدة جلسات كل أسبوع (ثلاث مرات كل أسبوع في غرفتي البرلمان الإيرلاندي) أو في جلسات خاصة تتراوح مدتها ما بين نصف ساعة و يمكن أن تمتد اليوم بأكمله ، و قد تكون مرتين في الأسبوع  ( إيطاليا، الجمعية الوطنية الفرنسية ) و قد تكون مرة أو مرتين في الأسبوع حسب عدد الأسئلة (السويد)  .
 ونظرا للأهمية التي تحضى بها الأسئلة البرلمانية، فقد نص المشرع الدستوري المغربي على الأسئلة البرلمانية باعتبارها أداة لمراقبة البرلمان للحكومة، إلا أنه لم يميز في الفصل 100 من الدستور الجديد  بين الأسئلة الشفهية و الكتابية، في حين ميز بين الأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة المتعلقة بالسياسات العامة ، وتلك الموجهة لباقي الوزراء، حيث نص نفس الفصل على أنه تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة على ان تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال عليها ، وتقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة ، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتقدم الأجوبة عنها أمام المجلس  الذي يعينه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة ، يجب أن يتميز السؤال بوحدة الموضوع، وأن لا يهدف إلى خدمة أغراض شخصية أو يتضمن توجيه تهمة، شخصية إلى الوزراء الموجه إليهم السؤال.
 وتنطوي القوانين والأنظمة الداخلية لكل من مجلسي النواب والمستشارين على تدقيقات للأحكام الدستورية الخاصة بالأسئلة إذ ميز النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب بين عدد من أنواع الأسئلة النيابية جاء كالتالي:

الأسئلة الشفهية.

تنص المادة 189 من النظام الداخلي لمجلس النواب ، على أنه تخصص جلسة كل يوم الثلاثاء  للأسئلة النائبات و النواب و أجوبة الحكومة، حيث يقوم مكتب المجلس بتسجيل الأسئلة الشفهية الجاهزة في جدول الأعمال، ويوزع عدد الأسئلة حسب التمثيل النسبي على أن لا تقل الحصة المخصصة للمعارضة عن نسبة تمثيليتها داخل المجلس، على أن توزع قائمة الأسئلة المبرمجة قبل تاريخ الجلسة ب 24 ساعة على الأقل، و من اجل تجاوز مشكل تغيب الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية أتجه المشرع البرلماني إلى تنظيم هذه الجلسات و ذلك بنصه على ضرورة وضع برمجة شهرية للقطاعات الحكومية التي ستشملها الأسئلة كل أسبوع، ويمكن تحويل السؤال الشفهي الذي له طابع شخصي او محلي إلى سؤال كتابي بعد إشعار صاحب السؤال بذلك كتابة، ليعلن هذا الأخير داخل اجل 8  أيام موافقته او رفضه، وفي حالة عدم جوابه يعتبر ذلك موافقة منه، و تقوم الفرق و المجموعات النيابية بتحديد المدة الزمنية التي خصصتها لكل سؤال، و تخبر بذلك رئاسة المجلس 24 ساعة قبل بداية الجلسة، على أن لا تقل مدة السؤال عن دقيقة واحدة و في حالة عدم إخبار رئاسة المجلس في الأجل السالف الذكر تحدد تلقائيا دقيقتان لكل سؤال، مع تخصيص نفس الحصة لأعضاء الحكومة ، وتجيب الحكومة داخل اجل 20 يوما من تاريخ إحالة السؤال من لدن المجلس إذا تعلق الأمر بالأسئلة القطاعية.

الأسئلة التي تليها مناقشة.

 نصت على هذا النوع من الأسئلة، المادة 194 من النظام الداخلي لمجلس النواب حيث أكدت على حق النائبات والنواب في أن يتقدموا'' بأسئلة شفهية تليها مناقشة''، وعندما يتم إدراج هذه الأسئلة  في جدول أعمال الجلسة يبلغ الرئيس، الفرق والمجموعات، النيابية والنواب غير المنتسبين ويفتح لائحة الراغبين في المشاركة في المناقشة، ويخبر الحكومة بذلك.
تنظم المناقشة خلال هذه الجلسة  بالتناوب بين الأغلبية والمعارضة وعلى أساس قاعدة التمثيل النسبي، تحدد الحصص الزمنية للمشاركة من طرف الفرق والمجموعات النيابية والنائبات والنواب غير المنتسبين، على أن لا يخل ذلك بالشروط المنصوص عليها في مقتضيات المادة141  من النظام الداخلي و تخصم ، من الحصة الإجمالية، وتنص نفس المادة على ضرورة تبليغ إلى رئيس المجلس لائحة الراغبين في المناقشة أربعة وعشرين ساعة قبل بداية الجلسة.
الأسئلة الآنية .
 إذا كانت الأسئلة التي يطرحها أعضاء البرلمان تهدف إلى الحصول على بيانات أو معلومات، أو ممارسة نوع من الرقابة البرلمانية، فإنه يجب إلا نغيب أن المدة التي تستغرقها الإجابة على هذه الأسئلة قد تكون طويلة نسبيا، وعامل الوقت يمكن أن يكون قاتلا، واستنادا لذلك فإن هناك بعض الأسئلة لا تحتمل أي تأخير لا في وقت طرحها ولا في مدة الإجابة، فهي ترتبط بقضايا ظرفية تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني وتستلزم تسليط الضوء عليها باستعجال من قبل الحكومة،عن طريق مجلس النواب، و تنص المادة 195 من النظام الداخلي الأخير لمجل النواب على أنه يمكن للنواب أن يتقدموا بأسئلة شفهية آنية .
 و إن هذه الأسئلة الآنية تتعلق، بالقطاعات الحكومية المحددة في برنامج عمل الدورة المنصوص عليه في المادة 188 فتجري عليها المقتضيات الواردة في المادتين 189 و 193 من النظام الداخلي، أما الأسئلة الآنية الموجهة، للوزراء غير المعنيين بالبرمجة السالفة الذكر فإنها تنظم و فق النظام الداخلي على النحو التالي '' لا يمكن أن يتجاوز عدد الأسئلة الآنية  ثلاثة أسئلة وتخصص دقيقتان  لكل سؤال ونفس الحصة للحكومة '' و يبلغ رئيس مجلس النواب السؤال الآني إلى الحكومة و يتفق عند الإقتضاء مع الوزراء المعنيين على برمجة السؤال الآني و الجواب عنه في أول جلسة قادمة للأسئلة الشفهية الأسبوعية ، ويعتبر الأستاذ أمحمد المالكي أن أهمية الأسئلة النيابية الشفوية قد ازدادت  مع التطور الحاصل في ثورة الاتصال الرقمي، حيث أصبحت تلعب دورا واضحا في التسويق السياسي لصورة أعضاء البرلمان لدى الرأي العام، لاسيما في البلدان التي أحدثت قنوات تلفزيونية خاصة بمؤسساتها التشريعية ، أو التي تحظى تغطية أعمال البرلمان بحيز مهم في البث التلفزي العمومي .

الأسئلة الكتابية:

السؤال المكتوب عبارة عن طلب مكتوب يوجه من طرف أحد البرلمانيين إلى عضو من أعضاء الحكومة أو رئيس الحكومة.ذ
والأسئلة المكتوبة يرجع تاريخها في فرسا إلى قرار اتخذ سنة 1909، وأدخلت هذه التقنية على مجلس الجمعية الوطنية، وثم تبناها مجلس الشيوخ سنة 911 ، وهذا النوع من الأسئلة بالنسبة للبرلمانيين مصدر ثمين للمعلومات من أجل حل المسائل العديدة المعروضة عليهم من قبل ناخبيهم  
و قد خصص الفرع الرابع  من النظام الداخلي لمجلس النواب المادتين 200 و 201  للأسئلة الكتابية ، حيث تنص المادة 200 منه على ضرورة إعلان الرئيس (رئيس المجلس)  في بداية الجلسة المخصصة للأسئلة الشفهية عن عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها وعدد الأسئلة التي تمت الإجابة عنها وتلك التي بقيت بدون جواب بعد مرور الأجال القانونية المنصوص عليها في الفصل 100 من الدستور. أما المادة  201  فتنص على وجوب نشر الأسئلة الكتابية، وأجوبة أعضاء الحكومة عنها في الجريدة الرسمية للبرلمان، و كما هو الحال بالنسبة للأسئلة الشفوية فأن الأنظمة الداخلية للبرلمان نصت على لا يمكن أن تتضمن الأسئلة الكتابية توجيه آية تهمة شخصية إلى الوزراء الموجه إليهم السؤال احترام الأخلاق السياسة التي من المفترض أن تتميز بها العلاقات السياسية بين الفاعلين السياسيين، والسؤال الكتابي وإن كان ذو طابع شخصي أو محلي، يبقى أداة من أدوات المراقبة البرلمانية.

الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة .

تطبيقا للفقرة الثالثة  من الفصل 100 من دستور2011، أكد النظام الداخلي لمجلس النواب في المادة 184 منه  على حق لكل نائبة أو نائب في توجيه أسئلة كتابية أو شفهية إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة وتحدد باتفاق مع الحكومة جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، وتقدم الأجوبة عنها خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة
 و تعتبرهذه الآلية من بين الآليات الرقابية الجديدة التي جاء بها الدستور الجديد. والتي قوت الوظيفة الرقابية لمجلس النواب على العمل الحكومي، و قد أثار تطبيق مقتضياتها جدل سياسيا و قانونيا بين الأغلبية و الحكومة و المعارضة ، وصل حد الصراع ، وتركز الخلاف بصفة خاصة على توزيع الحصة الزمنية بين الطرفين وطريقة طرح الأسئلة إلى جانب تعدد القراءات والتأويلات للفصل 100 من الدستور .
وقد ظل هذا الصراع قائما بين الطرفين إلا أن ثم حسمه في النظام الداخلي الأخير لمجلس النواب كما أقره المجلس الدستوري حيث نصت المادة 206 منه على تخصيص غلاف الزمني  يتراوح بين ساعة وساعتين لجلسة الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة  الموجهة لرئيس الحكومة .
 أما المادة 207 فنصت على توزيع هذا الغلاف الزمني بالشكل التالي، نصف الحصة الزمنية الإجمالية لرئيس الحكومة و النصف الأخر يوزع مناصفة بين الأغلبية والمعارضة. حيث توزع الحصة الزمنية المخصصة لفرق ومجموعات الأغلبية على أساس قاعدة التمثيل النسبي فيما بينها و توزع الحصة الزمنية المخصصة لفرق ومجموعات المعارضة فيما بينها بحسب تمثيليتها النسبية كذلك ، مع مراعاة حقوق النواب غير المنتسبين في هذا التوزيع.

أما بخصوص نوعية الأسئلة التي يتم طرحها في جلسة الأسلة الموجهة لرئيس الحكومة فقد نصت المادة 204 على  إمكانية تضمن جدول أعمال هذه الجلسة على نوعين من الأسئلة ، اولا الأسئلة المحورية التي لا يمكن أن يتعدى عددها اثنان و يخصص ثللثي الغلاف الزمني الإجمالي من الجلسة كما نصت على ذلك المادة 206 ، و ثانيا  أسئلة أخرى متعلقة بالسياسة العامة يخصص لها ثلث الغلاف الزمني الإجمالي حسب المادة 206  .















الجلسة السنوية لتقيم السياسات العمومية .

 وسع دستور 2011 سلطات البرلمان لتشمل تقيم السياسات العمومية، إذ نص الفصل 70  في فقرته الثانية على أن البرلمان ،"يصوت على القوانين و يراقب عمل الحكومة، و يقيم السياسات العمومية   بذلك أسند الدستور صلاحيات أساسية للبرلمان في مجال الرقابة على السياسات العمومية ،  فعلى مستوى العلاقة  بين المؤسسة التشريعية و السياسات العمومية ، فالبرلمان فضلا عن مهمتي التشريع و المراقبة أصبح مكلفا بمهمة التقييم، بهذا الصدد نص الفصل 101 من دستو على أنه : "يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين ، كما  تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية و تقييمها"     
إذا كان الدستور قد دعا البرلمان لتخصيص جلسة سنوية لتقييم السياسات العمومية، فإن النظام الداخلي[35] لمجلس النواب، قد أفرد الباب السابع منه لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، ونصت المادة 211 منه تخصيص مجلس النواب جلسة سنوية خلال النصف الأول من دورة أبريل لمناقشة السياسات العمومية ، وتقييمها ، حيث يهدف تقييم السياسات العمومية، حسب النظام الداخلي ، إلى التعرف على نتائج السياسات، والبرامج العمومية وقياس تأثيراتها على الفئات المعنية وعلى المجتمع ومدى تحقيقها للأهداف المتوقعة ، وتحديد العوامل التي أدت إلى بلوغ هذه النتائج ، و ذلك من خلال إجراء أبحاث وتحاليل
 وتجدر الإشارة إلى أن التقييم البرلماني للسياسات العمومية شكل مطلبا أساسيا في الإصلاح الدستوري المغربي من قبل مختلف الفاعلين، على اعتباران تقييم السياسات العامة من المرتكزات الأساسية لنظام الحكامة الجيدة انطلاقا من كونه يشكل حلقة وصل بين المعرفة العلمية والقرار السياسي والنقاش العمومي، ومن خلال ذلك يتم اللجوء إلى أسلوب التقييم كمؤشر قوي يعكس حقيقة بناء مجتمع حديث مبني على قيم الشفافية والمسؤولية والفعالية ، وأكيد ان تقييم السياسات العمومية يظل مكونا أساسيا لكل فعل تحديثي للتدبير العمومي، وهي معطيات تجعل من مهمة البرلمان في ظل الدستور المغربي الجديد، لا تنتهي بمجرد منح الثقة للحكومة وتنصيبها. وانما يستمر عمله من خلال الرقابة على مدى التزامها بما سبق ان تقدم به رئيسها امامه في اول جلسة عمومية يعقدها البرلمان مباشرة بعد تعيين رئيس وأعضاء الحكومة.




   اللجان البرلمانية

 نظرا لكثرة عدد البرلمانيين تحتاج  المؤسسة النيابية إلى تشكيل لجان ذات عدد محدود  تعد أداة رئيسية للعمل البرلماني، وإن كانت مساعدا للبرلمان حتى يؤدي وظائفه فإنها طبعا لا تستطيع تعويضه . وتنقسم اللجان البرلمانية إلى لجان دائمة و أخرى مؤقتة وتشكلان معا أداة فعالة لممارسة الرقابة البرلمانية غير المباشرة و اللاحقة على عمل الحكومة.   

أولا : اللجان النيابية الدائمة.

تمثل اللجان الدائمة ألية الرقابة المستمرة على العمل الحكومي ، فهي تكون  متخصصة في مجال محدد و يستمر عملها طيلة مدة الولاية التشريعية ، فأشغالها تستمر حتى بين الدورتين، و لكل لجنة رئيس يتكلف بتوجيه اشغالها و يتسلم هذا المنصب عن طريق الإنتخاب أو التعيين حسب الأنظمة القانونية المختلفة، وتوزع رئاسة اللجان بين تشكيلات الأغلبية و الأقلية البرلمانية حسب التمثيلية النسبية للفرق، و يمكن للجنة أن تضع تحت تصرفها بعض الموظفين الإداريين كما يمكن أن تستدعي بعض الخبراء[36].
و قد أنشئت اللجان الدائمة أساسا للدراسة التحضيرية لمشاريع و مقترحات القوانين، وبهذه المناسبة فهي تصبح على علاقة مستمرة بالوزارات، ويتميز أعضاؤها بالخبرة و التجربة نتيجة إنتخابهم لعدة مرات سابقا، وبذلك فهم يقدمون أرائهم و اقتراحاتهم للوزراء حول مجالات تخص هذه اللجان. و على هذا الأساس ينشأ تعاون بين اللجان والوزرات، وهي بذلك تشكل أفضل أنواع الرقابة الوقائية، وفي هذا الإطار تأخذ الرقابة طابع المشاركة، في العمل الحكومي عبر اللجان الدائمة
وعيا بأهمية الدور الرقابي الذي تقوم به اللجان الدائمة اتجه المشرع الدستوري في كل الدساتير المغربية و الأنظمة الداخلية للمجالس البرلمانية إلى اعتماد هذه الألية في منظومة الوسائل الرقابية المخولة للبرلمان ولقد خصص النظام الداخلي الأخير لمجلس النواب الباب الثامن منه لعددها و تنظيمها و اختصاصاتها وطرق انتخاب مكاتبها وكيفية سير أشغالها،حيث تنص المادة 55 منه على أن عدد اللجان البرلمانية الدائمة بمجلس النواب يبلغ تسع لجان وهي:
1.     لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج عدد أعضائها: 44
2.     لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة عدد أعضائها: 44
3.     لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان عدد أعضائها: 44
4.     لجنة المالية والتنمية الاقتصادية عدد أعضائها: 44
5.     لجنة القطاعات الاجتماعية عدد أعضائها: 44
6.     لجنة القطاعات الإنتاجية عدد أعضائها: 44
7.     لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة عدد أعضائها: 44
8.     لجنة التعليم والثقافة والاتصال عدد أعضائها: 44
9.     لجنة مراقبة المالية العامة عدد أعضائها: 43
وتطبيقا  للفصل 62 من الدستور نصت المادة 58 من النظام الداخلي على أن المجلس ينتخب رؤساء اللجن الدائمة عن طريق الاقتراع السري في مستهل الفترة النيابية ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة ، تعزيز لدور المعارضة نصت نفس المادة على أن  أنأن
يخصص المجلس رئاسة لجنتين على الأقل للمعارضة تكون من بينهما وجوبا اللجنة المكلفة بالتشريع وفقا لأحكام الفصلين10 و 69 من الدستور، ولا يحق الترشح لرئاستهما إلا لنائبة أو نائب من المعارضة .ومن أجل تقوية دور اللجان النيابية في مراقبة عمل السلطة التنفيذية و من أجل زيادة فعاليتها، نصت المادة 56 من النظام الداخلي ضرورة تتوفر كل لجنة دائمة على مكاتب وقاعة للاجتماعات خاصة بها وطاقم إداري كفء منظم في إطار مصلحة تحت إشراف رئيس اللجنة، تخصص لها كل الوسائل الكفيلة بالنهوض بأعمالها.
كما جاء الدستور الجديد بمقتضى عام يعزز من الدور الرقابي للجان الدائمة، حيث نص الفصل 102 منه على إمكانية  المتاحة للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء المعنيين وتحت مسؤوليتهم، ولا يترتب على طلب الاستماع جزاء سياسي، إلا انه يمكن ان يتطور الى تحريك ورسائل رقابية أخرى بعد الاطلاع على معطيات تفيد ذلك.
 ويمكن كذلك للجان الدائمة بالمجلسين أن تقوم بزيارات ميدانية مشتركة إلى بعض المواقع بغاية التعرف عن قرب على حقيقة أحوالها:
ü      مثال :
·         زيارة ميدانية لميناء طنجة المتوسطي وميناء طنجة المدينة.
·         زيارة ميدانية للمجمع الشريف لفوسفاط بمدينة خريبكة.

ثانيا : اللجن النيابية لتقصي الحقائق أو اللجن المؤقتة.

إذا كانت اللجان البرلمانية تستمر طيلة الولاية التشريعية فأن اللجان المؤقتة تشكل لدراسة قضية محددة و تنتهي مهمتها بإيداع تقريرها تعد لجان تقصي الحقائق لجان مؤقتة وذلك بالنظر لمحدودية اختصاصاتها و امتدادها الزمني و يعتبر حق البرلمان في تقصي الحقائق مسطرة مستوحاة جزئيا من الإجراءات القضائية، إلا أنها استعملت لخدمة وظيفة غير قضائية و هي إعلام المؤسسة النيابية ، فلجان تقصي الحقائق تشكل أداة للكشف عن الحقيقة يمتلكها البرلمان، لقد نشأت لجان تقصي الحقائق أول مرة في فرنسا ـ خلال وجود النظام الملكي بها و تطورت مع تطور النظام البرلماني بفرنسا و مع بداية الجمهورية الخامسة سنة 1958 وقع التمييز بين نوعين من اللجان المؤقتة و لجان المراقبة حيث كانت تشكل لجان تقصي الحقائق من أجل جمع معلومات حول وقائع معينة و تقدم نتائج عملها للغرفة البرلملنية التي أنشأتها أما لجان المراقبة فكانت تكلف بدراسة التسيير الإداري والمالي أو التقني للمقاولات الوطنية بهدف إعلام الغرفة التي أنشأتها إلا أن قانون عشرين يوليوز ألف 1991 ألغى هذه الازدواجية و دمج نوعي اللجان السالفة الذكر تحت إسم موحد هو لجان تقصي الحقائق.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد ظهرت لجان تقصي الحقائق سنة 1792 و قد تطورت خصوصا في عهد الرئيس فراكلن روزفلت و تتوفر هذه اللجان على اختصاصات مهمة خاصة في غياب وسائل مهمة لمراقبة الكونغرس للجهاز التنفيذي ، و قد وجهت عدة إنتقادات للجان تقصي الحقائق التي شكلت من قبل مجلس النواب أو مجلس الشيوخ الأمريكيين و ذلك بسبب طرق إشتغالها التي جعلت منها تنافس المساطر القضائية ،



اما في المغرب فقد تراوحت دساتيره بين استبعاد التنصيص عليها تارةً (1962_1972)،  ودسترتها منذ   المراجعة الدستورية لرابع سبتمبر1992.تارة أخرى، فهكذا جاءت دساتير 62_ 70_ 72 خالية من أية إشارة إلى لجان تقصي الحقائق[37]، مما جعل موضوع لجان تقصي الحقائق ،من القضايا التي أثارت جدلاً سياسياً،و فقهياً كبيرا طيلة الثلاثين سنة التي أعقبت صدور أول دستور (1962).
وقد وضع  دستور 1992 حداً للتجاذب بين غياب التنصيص الدستوري الصريح على لجان تقصي الحقائق وتشكليها من الناحية الواقعية ، حين نص في فصله الأربعين على أحقية البرلمان في إحداثها ، وعاود التأكيد على ذلك في المراجعة الدستورية للثالث عشر من شتنبر سنة 1996.
و في نفس الإتجاه سار دستور 2011 في تأكيده على  آلية لجان تقصي الحقائق و ذلك في الفصل67 منه  الذي ينص على :'' يجوز ان تشكل بمباردة من الملك ، او ببطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب او ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة أو بتدبير المصالح أو المؤسسات أو المقاولات العمومية، و إطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها " و من تجاوز أي تعارض بين عمل اللجان النيابية و الإجراءات القضائية نص نفس الفصل على مايلي : '' لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية مادامت هذه المتابعات جارية و تنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي حول الوقائع التي إقتضت تشكيلها "  
 
وجدير بالذكر أن القانون التنظيمي رقم 05-95 المنظم للجان النيابة لتقصي الحقائق أصبح متجاوزا ويتضمن مجموعة من الإشكالات الدستورية تتمثل بالأساس في تعارض  قاعدة التمثيل النسبي وحقوق المعرضة المنصوص عليها في )الفصل10(  كما ان تدخل الحكومة في توقيف عمل اللجنة عبر تحريك المتابعة القضائية يبقى أهم الإشكالات، فضلا عن تناقض سرية عمل اللجنة والحق في الوصول إلى المعلومة الذي سار بدوره حقا دستوريا ( فصل 27 ) وفي هذا السياق ينتظر أن تتم مراجعة بعض الأمور من خلال المصادقة على قراءة ثانية للقانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق النيابية لتقصي الحقائق.







 ملتمس المساءلة.

في مقابل ملتمس الرقابة الذي يمارس بشكل حصري من قبل مجلس النواب و الذي تمت الإشارة إليه في المبحث السابق، أعطى المشرع الدستوري لمجلس المستشارين الحق في تقديم ملتمس لا تترتب عنه اية مسؤولية سياسية، هو ملتمس المساءلة، الذي نص عليه  الفصل 106 من الدستور و جاء فيه أن لمجلس المستشارين أن يسائل الحكومة بواسطة ملتمس يوقعه على الأقل خمس أعضائه، لا يقع التصويت عليه بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداعه إلا بالأغلبية المطلقة لأعضاء هذا المجلس .
ويبعث رئيس مجلس المستشارين على الفور بنص ملتمس المساءلة إلى رئيس الحكومة، ولرئيس الحكومة اجل 6 أيام ليعرض أمام هذا المجلس جواب الحكومة، يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت.
واستنادا إلى هذه المقتضيات الدستورية فملتمس مجلس المستشارين، لا يمكن أن تترتب عنه استقالة الحكومة، حيث لا يكون متبوعا بتصويت، ويرجع السبب في ذلك حسب ذ،كريم لحرش لكون هذا المجلس لا يشارك في تنصيب الحكومة ومنحها الثقة، وبالتالي فلا يمكنه أن يسحب منها الثقة، كما انه حتى مجرد إعمال هذا الملتمس، لا يعد أمرا سهلا، وذلك بالنظر للأغلبية الواجب توفرها في المصادقة على تقديم هذا الملتمس وهي الأغلبية المطلقة.
و تجدر الإشارة إلى انه إذا كان ملتمس مجلس النواب (ملتمس الرقابة) يترتب عنه استقالة الحكومة، دون أن يكون لملتمس مجلس المستشارين ذات الأثر، فان ذلك يوضع بجلاء قوة الوسائل التي يتمتع بها مجلس النواب في إطار الرقابة على العمل الحكومي مقارنة بمجلس المستشارين في الدستور الجديد، وذلك على خلاف دستور سنة  1996، الذي كان يمنح لمجلسي البرلمان الحق في تقديم ملتمسات رقابة في مواجهة الحكومة   [38]










خاتمة :

 على سبيل الختم و جب التأكيد على أن تعزيز الوظيفة الرقابية للبرلمان  و تجويد أدائه يكتسي أهمية خاصة في أفق تقوية مركز المؤسسة التشريعية وتمتين مكانتها، حيث أن الوظيفة الرقابية هي أحد الوظائف المركزية للبرلمان في الأنظمة السياسية المعاصرة  في ظل تراجع الدور التشريعي،
و من الأكيد أن دراسة الإطار القانوني و الدستوري للوظيفة الرقابية في النظام السياسي المغربي في ظل الدستور الجديد، ستظل ناقصة إن لم ترافقها دراسة ميدانية للأداء الوظيفي للبرلمان و للحصيلة و الأثر السياسي الذي يمكن أن يترتب عن هذا الأداء من أجل الوقوف على طبيعة التأثيرات المختلفة في الدور الرقابي للبرلمان ، و الوقوف على نجاعة مختلف الأدوات والوسائل التي يتمتع بها النواب من أجل القيام بوظيفتهم  على أحسن حال .




 إنجاز الطالب: محسن كمكوم











 مراجع :

·        الرقابة البرلمانية في النظم السياسية دراسة في تجربة مجلس الشعب المصري ، د:عمر هشام ربيع ، منشورات مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الأهرام .
·        د.ايهاب زكي سلام الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني (رسالة دكتوراه) 1983 كلية حقوق القاهرة .
·         وفاء الفيلالي : البرلمان في النظام السياسي المغربي على ضوء الولاية التشريعية الخامسة من 1993 إلى 1997، أطروحة (مطبوعة)  لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، 2001-2002.
·        كريم لحرش :" الدستور الجديد للمملكة شرح و تحليل "، سلسلة العمل التشريعي و الاجتهاد القضائي،عدد 3، مكتبة الرشاد،2012 .
·        امحمد مالكي: الدستور وتنظيم السلط، منشورات الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، يناير 2014. 
·        عبد الغني اعبيزة ، المراقبة البرلمانية على الأداء الحكومي ، دراسة نظرية و تطبيقية لملتمس الرقابة بالمغرب ،
دراسات و مقالات :
·        الإطار القانوني للرقابة البرلمانية على الحكومة : في مصر، الجزائر، المغرب ،مورتانيا تونس ، د : أمحمد مالكي تقرير ورشة عمل إقليمية ـ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي .
·        أحمد مفيد: الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي في الدستور المغربي الجديد، مقال منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، الدستور الجديد للمملكة المغربية، دراسات مختارة عدد 82، الطبعة الأولى، 2013.
·        الأسئلة البرلمانية رقابة للحكومة و تقييم للحكامة ، د : زكرياء أقنوش . دراسة منشورة في مجلة مسالك العدد الثامن.
·        دور اللجان البرلمانية الدائمة في تقييم السياسات العمومية في تقييم السياسات العمومية بالمغرب ،عبد الغني السرار،دراسة منشورة في مجلة مسالك العدد 25_26 عدد مزدوج 2014 .
·        الوظيفة الرقابية للبرلمان في دستور 2011 : من رقابة الحكومة إلى رقابة الحكامة ، دراسة منشورة في مجلة مسالك العدد 25_26 عدد مزدوج 2014.
·       مكانة البرلمان في النظام السياسي والدستوري المغربي ، مطالب الأحزاب وأجوبة الوثيقة الدستورية  الاستاذ سعيد خمري ، ملخص مداخلة  بملتقى التطوير البرلماني 2012 منشور بموقع جامعة  سيدي مرباح ورغلة الجزائر ، http://manifest.univ-ouargla.dz/
 
·        جديد المعارضة البرلمانية في دستور 2011 ذ: نجيم مزيان  مقال منشور بموقع نادور سيتي الرابط www.nador.nadorcity.com   .
·        الأغلبية  المعارضة والدستور: ملاحظات حول مسألة التنصيب البرلماني للحكومة مقال منشور بموقع هيسبريس : الرابط http://www.hespress.com/writers/45541.html
نصوص قانونية :
·        الدستور المغربي  2011
·        الدستور المغربي 1996
·        النظام الداخلي لمجلس النواب كما أقره مجلس النواب في جلسته المنعقدة يوم الخميس فاتح غشت 2013 وجلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2013 وكما قضى به المجلس الدستوري في قراره رقم 924/2013بتاريخ 22غشت 2013/  وقراره رقم 929/2013بتاريخ  19نوفمبر 2013


[1] : وفاء الفيلالي : البرلمان في النظام السياسي المغربي على ضوء الولاية التشريعية الخامسة من 1993 إلى 1997، أطروحة (مطبوعة)  لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، 2001-2002.
[2] : الرقابة البرلمانية في النظم السياسية دراسة في تجربة مجلس الشعب المصري ، د:عمر هشام ربيع ، منشورات مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الأهرام . ص: 24

: المرجع السابق ص:31[3]
[4]: د.ايهاب زكي سلام الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني (رسالة دكتوراه) 1983 كلية حقوق القاهرة ، ص : 185
: المرجع السابق ص :156 [5]
[6]:الرقابة البرلمانية في النظم السياسية دراسة في تجربة مجلس الشعب المصري ، د:عمر هشام ربيع ، منشورات مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الأهرام . ص :65
[7]  المرجع السابق ص: 67
 المرجع السابق ص: 68 [8]
 المرجع السابق ص: 69 [9]
: المرجع السابق ص: 29[10]
 المرجع السابق ص: 42[11]
[12] : و لعل أهم اللجان التي شكلها الكونكرس في هذا الشأن تلك اللجان التي إهتمت تحديدا بوضع رئيس الدولة ، و من خلال العقود الثلاثة الأخيرة تشكلت لجنتان في هذا الصدد ـ الأولى شكلت لبحث قضية ولتر غيت و التي إتهم فيها الرئيس ريتشارد نيكسون جمهوري بالتجسس على الحزب الديمقراطي في ميني ووتجين وهو بصدد الإعداد لحملته الإنتخابية ، وكانت تلك اللجنة قد إتهمت الرئيس بعرقلة العدالة خلال التحقيقات حول فضيحة و إساءة إستخدام السلطة  ، و إزدراء الكونغرس  لرفض تسليم الأشرطة المسجلة  لمحادثاته التيلفونية مع أتباعه , و التي تؤكد تورطه في الفضيحة ، و الثانية شكلت عام 1998 عندما واجه الرئيس بيل كلينتون إتهامات بشأن إقامة علاقة جنسية مع إحدى متدربات البيت الأبيض ، و محاولة تضليل العدالة و الحنث باليمين ـ في شهدات سابقة حول نفس القضية .

[13]  شكلت إحدى هذه اللجان عام 1992 ، إذ أقدمت حكومة حزب المحافظين ، على تشكيل لجنة تحقيق برئاسة القاضي ريتشارد سكوت و ذلك للكشف عن أبعاد بيع الحكومة أسلحة بريطانية للعراق خلال الحرب الخليج الأولى و رغم الحظر المعلن وقد قدم القاضي سكوت تقريره لمجلس العموم ، إتهم فيه وزير الخارجية بالكذب على مجلس العموم بتأكيد ثبات سياسة الحظر ، كما أشار إلى فشل الحكومة في عدم تقديمها إجابات دقيقة للبرلمان حول هذه القضية ، و قد فازت حكومة رئيس الوزراء جون ميجور بالثقة بفارق صوت واحد عند طرح التقرير أمام مجلس العموم في فبراير 1996 ولم يستقل أي من وزرائها .

[14]  : المرجع السابق ص: 56
 : كما حدث في رفض مجلس الشيوخ إقتراح الرئيس كلنتون تعيين بوبي لي إينمان وزير للدفاع سنة 1994 [15]
: المرجع السابق ص :99[16]
[17]    : و هي أهمية قائمة حاليا في إزعاج الجهاز البيروقراطي خاصة من أذرع الكونغرس المتمثلة في مكتب المحاسبة العام general accounting office
[18]  : المرجع السابق ص : 104
[19]  : والواقع أنه باستثناء الحالة الأمريكية، لا يوجد أثر رقابي يعتد به من قبل البرلمانات إزاء الموازنة العامة للدولة، ففي الولايات المتحدة تعدل الموازنة العامة وتنقح من خلال عمليات استماع تجرى داخل للجان المختصة بالكونجرس الأمريكي
[20]  : مكانة البرلمان في النظام السياسي والدستوري المغربي ، مطالب الأحزاب وأجوبة الوثيقة الدستورية
 الاستاذ سعيد خمري ، ملخص مداخلة  بملتقى التطوير البرلماني 2012 منشور بموقع جامعة  سيدي مرباح ورغلة الجزائر ، http://manifest.univ-ouargla.dz/
 

[21] : ينص في فقرته الثالثة على أنه: " تقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة  وتخصص لهذه  الأسئلة  جلسة واحدة كل شهر، و تقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة."

[22]  : نص الفصل 101 من دستور 2011 على أنه : "يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين ، كما  تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية و تقييمها

[23] : جديد المعارضة البرلمانية في دستور 2011 ذ: نجيم مزيان  مقال منشور بموقع نادور سيتي الرابط www.nador.nadorcity.com 
[24] أنظر نص الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011

[25] : امحمد مالكي: الدستور وتنظيم السلط، منشورات الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، يناير 2014، ص: 34
[26]  : جديد المعارضة البرلمانية في دستور 2011 ذ: نجيم مزيان  مقال منشور بموقع نادور سيتي الرابط www.nador.nadorcity.com 

[27]  : الإطار القانوني للرقابة البرلمانية على الحكومة : في مصر _الجزائر_المغرب_مورتانيا_تونس ، د : أمحمد مالكي تقرير ورشة عمل إقليمية ـ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي .ص:29
[28]  : جديد المعارضة البرلمانية في دستور 2011 ذ: نجيم مزيان  مقال منشور بموقع نادور سيتي الرابط www.nador.nadorcity.com
[29] : حسن طارق ، الأغلبية  المعارضة والدستور: ملاحظات حول مسألة التنصيب البرلماني للحكومة مقال منشور بموقع هيسبريس : الرابط http://www.hespress.com/writers/45541.html
[30]  : كريم لحرش :" الدستور الجديد للمملكة شرح و تحليل "، سلسلة العمل التشريعي و الاجتهاد القضائي،عدد 3، مكتبة الرشاد، 2012 ص: 112

[31]: النظام الداخلي الأخير لمجلس النواب كما  أقره المجلس الدستوري 929  2013 بتاريخ 15 من محرم 1435 المواقف ل 19 نوفمبر 2013  
[32]  : عبد الغني اعبيزة ، المراقبة البرلمانية على الأداء الحكومي ، دراسة نظرية و تطبيقية لملتمس الرقابة بالمغرب ، ص: 36

[33]  : كريم لحرش :" الدستور الجديد للمملكة شرح و تحليل "، سلسلة العمل التشريعي و الاجتهاد القضائي،عدد 3، مكتبة الرشاد، 2012 ص:  126

[34]: وفاء الفيلالي : البرلمان في النظام السياسي المغربي على ضوء الولاية التشريعية الخامسة من 1993 إلى 1997، أطروحة (مطبوعة)  لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، 2001-2002.


[35]  : و كان القانون الداخلي لمجلس النواب كما تم إقراره يوم 12 يناير2012 قد وسع من تأويل هذا الاختصاص المتعلق بالتقييم، حيث جعل من صلاحية  اللجان الدائمة لمجلس النواب أن تخصص اجتماعات لتقييم السياسات العمومية للقطاعات التي تدخل ضمن اختصاصات (الفصل 48 من القانون الداخلي)   لكن المجلس الدستوري في قراره رقم 829-12 [20] ، اعتبر أن هذه الصلاحية الممنوحة للجان مخالفة للدستور، على اعتبار أن   قراءة الفصل (101) يستفاد منه  أن مناقشة و تقييم السياسات العمومية يتم من قبل مجلسي البرلمان في جلسات عمومية تعقد في نفس الفترة و ليس في نطاق اللجان البرلمانية الدائمة
[36]  : وفاء الفيلالي : البرلمان في النظام السياسي المغربي على ضوء الولاية التشريعية الخامسة من 1993 إلى 1997، أطروحة (مطبوعة)  لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، 2001-2002.

[37] وإن سعى مجلس النواب في ظل دستور 1972 إلى التنصيص عليها في قانونه الداخلي، لولا اعتراض الغرفة الدستورية وإبطالها الأحكام ذات الصلة، ومع ذلك أحدثت لجنتان، تعلقت الأولى بالبحث والتقصي في قضية الزيوت المسمومة، وخصت الثانية الفيضانات التي أضرت ببعض المناطق المغربية. وقد جددت الغرفة الدستورية منعها إنشاء لجان تقصي الحقائق سنة 1977، حين قضت بعدم دستورية المواد 101_102_103_ من القانون الداخلي لمجلس النواب ، ومع ذلك شكلت لجنة للبحث والتقصي في قضية تسرب امتحانات الباكالوريا عام 1979، وعاودت الغرفة موقفها عام 1985 ، حين قضت بعدم دستورية الفصل 44 من النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي أجاز إنشاء لجان للتحقيق والتقصي ، ومرة أخرى أحدثت لجنة للتحقيق في الأحداث الدموية التي عرفتها كل من مدينة فاس وطنجة في 14 ديسمبر كانون الأول 1990 ، غير أن الأمر هذه المرة جاء عبر اللجوء إلى التحكيم الملكي  (أنظر أمحمد المالكي، الإطار القانوني للرقابة البرلمانية على الحكومة في : مصر _الجزائر_المغرب_موريتانيا_تونس_)

[38]  :    حمد مفيد:(الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي في الدستور المغربي الجديد وسلسلة العمل التشريعي والاجتهادات القضائية العدد 3-2012 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آثــار إثبــات البنـوة والنسـب على ضــوء مقتضيات قانون مدونة الأسرة الجديد 70.03                            الجزء الأول   مقدمة ع...