الأربعاء، 10 أبريل 2019

مقال تحت عنوان " لماذا تأخر دستور 1962"



نتيجة بحث الصور عن الملك الحسن الثاني ملك المغربنتيجة بحث الصور عن دستور 1962













المقدمة:

    شكل مشروع دستور 8 أكتوبر 1908 الذي قدمه علماء المحسوبين على البيعة المشروطة للمولى عبد الحفيظ، والذي نشرته جريدة لسان المغرب، التي كان ينشطها سوريون ولبنانيون بمدينة طنجة، أول محاولة حقيقية لإقامة نظام دستوري ديمقراطي في المغرب، تفوض فيه السلطة التقريرية إلى مجلس منتخب، ويحتفظ السلطان من خلاله بصلاحية التصديق على القرارات.
    كما كان هذا المشروع الدستوري سباقا إلى طرح جملة من القضايا الأساسية التي أصبحنا نتبناها اليوم داخل ترسانتنا الدستورية، كالأخذ بمسألة احترام حقوق الإنسان. لكن هذا المشروع أقبر وأزيح من التداول. لكن أهمية هذا المشروع برزت في كونه سلم فكرة الدستور إلى رواد الحركة الوطنية من أجل تبنيها والدفاع عنها، بل وجعلها مدخلا للإستقلال عن فرنسا، وهو ما تبلور فعليا في ورقتي " مطالب الشعب المغربي " المؤرخة بتاريخ 1 دسمبر 1934 ، و " المطالب المستعجلة للشعب المغربي " في 25 أكتوبر 1936، اللتين تقدم بهما قادة الحركة الوطنية برئاسة علال الفاسي و محمد بلحسن الوزاني و أحمد بلافريج لسلطات الحماية الفرنسية.
    وبعدما أحرز المغرب على استقلاله النسبي، ظهرت إلى العلن التناقضات الداخلية التي كانت كامنة بين مكونات الحركة الوطنية في مرحلة ما قبل الاستقلال، وظهر توجه قوي لدى حزب الإستقلال نحو إقامة نظام الحزب الوحيد بالمغرب، وسط معارضة شديدة من أحزاب: الشورى والإستقلال، لحزب الإستقلال، والحركة الشعبية، والأحرار المستقلين المتهم من طرف حزب الإستقلال على أنه صنيعة القصر، وأخيرا حزب الوحدة المغربية. ولكون الملك الراحل محمد الخامس، لم يكن هو الآخر، راضيا عن محاولة الإستقلاليين الهيمنة على المشهد السياسي المغربي، فقد قام بإفشال مسعاهم عبر خطوتين: أولا إصداره لأول وثيقة دستورية تحت اسم " العهد الملكي " في 8 ماي من سنة 1958، والتي حدد فيها طبيعة نظام الحكم على أنه ملكية دستورية، ذات نظام سياسي تعددي، وثانيا عبر إصداره لقانون الحريات العامة في 15 نوفمبر 1958 الذي وضع الإطار القانوني لتأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية.
إذن خطوة العهد الملكي لم تكن تشكل استجابة طبيعية لتطلع الشعب نحو نظام ديمقراطي، بقدر ما شكلت إجابة على واقع سياسي معين، غلب عليه منطق الصراع على السلطة بين الفرقاء السياسيين    (( القصر، أحزاب الحركة الوطنية، جيش التحرير والمقاومة))، والذي نجد إحدى تجلياته واضحة في الخطاب التاريخي الذي ألقاه زعيم حزب الإستقلال علال الفاسي بطنجة سنة 1956 ، ومما جاء فيه   (( ليس في المغرب من قوة إلا قوات ثلاث: أولا قوة حزب الإستقلال، وقوة جيش التحرير وثالثها قوة القصر، وإذا اعتبرنا جيش التحرير قوة من الحزب وإليه، كانت في المغرب قوتان لا ثالث لهما: قوة حزب الإستقلال وقوة القصر أو العرش)) "[1]
وفي عام 1960 عين الملك محمد الخامس مجلسا دستوريا مكونا من جل ألوان الطيف السياسي المغربي، باستثناء حزبين رفضا الدخول فيه مطالبين بانتخاب مجلس تأسيسي للدستور عن طريق الإقتراع العام وهما: الحزب الشيوعي المغربي المحظور آنذاك منذ 1959 والإتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان قد انفصل لتوه عن حزب الإستقلال، وأوكل لمجلس الدستور المُعين مهمة وضع دستور دائم للبلاد، وتقديمه للملك قصد المصادقة عليه قبل شهر دجنبر 1962، لكن المجلس فشل في مهامه بعد انسحاب الكثير من أعضائه المحسوبين على أحزاب الحركة الشعبية بقيادة المحجوبي أحرضان، والدستور الديمقراطي بقيادة محمد حسن الوزاني، والأحرار المستقلين بقيادة أحمد رضى اكديرة، وذلك احتجاجا على تعيين علال الفاسي زعيم حزب الإستقلال رئيسا عليه، ليتم إقبار فكرة " مجلس الدستور ".
وفي 7 ديسمبر سنة 1962 أوفى الملك الحسن الثاني بوعد أبيه الذي كان قد وعد بوضع دستور للبلاد قبل انتهاء 1962، ولم يمنعه من ذلك سوى موته المفاجئ إثر عملية جراحية بسيطة على الحنجرة في 27 فبراير 1961، وطرح مشروع دستور ممنوح على الاستفتاء الشعبي، دون أخذ رأي المعارضة فيه أو العودة إلى إحياء فكرة مجلس الدستور، لتُحسم بذلك معركة الدستور والسلطة التأسيسية لفائدة الملك. وتم الاستفتاء على الدستور، رغم دعوة أحزاب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والدستور الديمقراطي والحزب الشيوعي المغربي إلى مقاطعته واستبداله بانتخاب مجلس تأسيسي للدستور. لكن أحزاب الإستقلال والحركة الشعبية والأحرار المستقلين صوتوا لصالح الدستور، والنتيجة الرسمية للإستفتاء كانت بالإيجاب بنسبة 84 في المائة. هذا مادفعنا إلى معالجة هذا الموضوع من خلال طرح الإشكال التالي :
لماذا تأخر دستور 1962؟
إلا أن هذا السؤال الرئيسي في الإشكالية يلزمنا بطرح مجموعة من الأسئلة الفرعية قصد مناقشتها في مباحث هذا العرض وهي كالأتي :
·        من هم الفاعلين السياسيين الذين تمخضت عنهم فترة مابعد الإستقلال؟
·        ماهي طبيعة العلاقة التي حكمت المؤسسة الملكية والحركة الوطنية ؟
·        ماهي آليات العلاقة بين المؤسسة الملكية والفاعلين الآخرين ( الحركة الوطنية)؟
·        كيف تم تدبير الحكم في مرحلة (1956_1962)؟
·        كيف تم الاهتداء إلى دستور 1962؟ 
منهجية البحث:
    خطوات البحث العلمي تقتضي توظيف بعض المناهج، ونحن إعتمدنا في عرضنا على المنهج التاريخي ،وذلك بإستحضار الوقائع والأحداث التاريخية التي ساهمت في ظهور دستور 1962، والمنهج التحليلي من خلال الوقوف على تأثير مجموعة من الأحداث التي لعبت دورا أساسيا في بروز أول دستور للدولة المغربية.
تصميم العرض :
ـ المقدمة.
ـ   المبحث الأول : مراحل التأسيس للدولة المغربية الحديثة والمعاصرة.
  ـ المطلب الأول : مرحلة ما قبل الاستقلال وعهد الحماية.
  ـ المطلب الثاني : مرحلة المطالبة بالاستقلال وعودة محمد الخامس من المنفى.
ـ المبحث الثاني : المسألة الدستورية، وإشكالية تدبير الحكم في المغرب  فترة مابين 1956 ــــــ 1962.
  ـ المطلب الأول : مرحلة الصراع السياسي حول الحكم .
       ـ الفقرة الأولى : حزب الاستقلال .... ومطلب الملكية المقيدة.
       ـ الفقرة الثانية : الملكية .... والتطلع نحو ملكية تنفيذية.
  ـ المطلب الثاني : المبادرات المؤسساتية الأولية في اتجاه حسم السلطة التأسيسية لصالح الملكية.
       ـ الفقرة الأولى : تجربة المجلس الوطني الاستشاري .
       ـ الفقرة الثانية : إقبار المجلس التأسيسي ( مجلس الدستور ).
       ـ الفقرة الثالثة : القانون الأساسي للمملكة.
المبحث الأول : مراحل التأسيس للدولة المغربية الحديثة والمعاصرة.
  ـ المطلب الأول : مرحلة ما قبل الاستقلال وعهد الحماية. دستور 1908.
مضت اكثر من مئة سنة على مشروع دستور 1908 الذي كان وراء اعداده نخبة من دعاة الاصلاح ومجموعة من العلماء والوطنيين من خريجي جامعة القرويين الذين كانوا يعيشون واقعهم ويتفاعلون معه، نجحوا الى حد بعيد في فهم المعوقات المؤسساتية التي كانت وراء تراجع هيبة الدولة وموقعها على المستوى الدولي والاقليمي، وتقدموا بمشروع دستور يحاول تقنين ممارسة السلطة في المغرب منطلقين من فهمهم الصحيح للاسلام الذي لا يقبل توظيف الدين لبناء شرعية سياسية، ومنفتحين على ما توصلت اليه البشرية من اليات لمحاصرة الاستبداد ومنطق الاستفراد بالسلطة.
ان مشروع دستور 1908 كان امتدادا للبيعة المشروطة للسلطان عبد الحفيظ، حيث كان العلماء لايتصورون البيعة كتفويض مطلق للسلطة كما يحاول ان يجتهد البعض اليوم، وانما هي تعاقد حقيقي بين الحاكم والمحكوم يحدد حقوق وواجبات كل واحد منهم.[2]
لقد لعبت مجموعة من العوامل دورا مهما  في تشكيل وعي سياسي ودستوري لذى النخبة بداية القرن العشرين في مغرب ما قبل العهد الكولونيالي، وهذا الوعي يمكن ان نلمسه على مستويين اثنين:
المستوى الاول: يتجلى في الاطلاع على ما وصلت اليه اوروبا من تطور وازدهار على المستويات السياسية والثقافية والحضارية عموما، اذ ان " اصداء الثورة الفرنسية بدأت تتردد في العالم الاسلامي اواخر القرن الماضي (القرن التاسع عشر)، نتيجة الاتصال بين الشرق والغرب،فالنخبة المغربية المتكونة اساسا من " مجموعة من العلماء الوطنيين من خريجي جامعة القرويين، كانوا يواكبون كل المستجدات من كتب ومنشورات خاصة ما كان يصلهم من " كتابات الجيل الاول من الرواد الاصلاحيين الذين اعتنوا بالمسألة الوطنية والنظام السياسي، في سياق عناية اجمالية بالمسألة السياسية.
المستوى الثاني: يرتبط اساسا بالوضع الداخلي السائد بعد الهزيمة التي لحقت المغرب من جراء معركة ايسلي 1844 ضد الجيش الفرنسي، وحرب تطوان 1860 ضد الجيش الاسباني، فهزيمتين اثنتين في ظرف عقدين من الزمن كانتا كافيتين لاحداث رجة قوية في ضمير ووعي النخبة المغربية بكافة شرائحها الفكرية والاجتماعية[3].
كما تباينت  مواقف الباحثين المغاربة حول الاسباب والخلفيات التي كانت وراء ظهور  العديد من المشاريع الدستورية خلال الفترة الممتدة من سنة 1906 الى غاية سنة 1914 ففي الوقت الذي ارجع فيه د. عبد اللطيف اكنوش سبب بروز هذه الافكار الجديدة  داخل الوسطين الاجتماعي والسياسي الى ظهور عدة انقلابات سياسية بين سنتي 1906 و1912. فان احمد جديرة  يرجع بروز هذه المطالب الاصلاحية الى ظهور الاطماع الاستعمارية الفرنسية والاسبانية قصد احتلال المغرب، ثم القضاء على سيادته: وعجز الحاكمين عن الوقوف ضد هذه الاطماع بسبب تدهور دواليب النظام، وامتناع السلطات عن التعامل مع قيادات الجبهات الوطنية التي كانت تقود حركة الرفض لكل تسرب اجنبي، حيث برزت معارضة ذات مرجعية دينية ضد هذا التوجه خصوصا بعد عودة الشيخ محمد الكتاني من الشرق سنة 1904 والذي اعطى سندا قويا لمعارضي السلطان المولى عبد العزيز، اذ وقف هذا الشيخ ضد الاصلاحات الاجنبية، داعيا الى التوجه نحو تركيا المسلمة، وهو مطمئن الى ان المانيا لن تختفي امام فرنسا في المغرب.[4]
مشاريع دساتير مغرب ما قبل  الحماية
بالرغم من تعدد هذه المشاريع الاصلاحية الا انها توحدت حول مطلبين اساسيين اولهما السعي نحو دمقرطة الايالة الشريفة، وثانيهما  محاولة الانعتاق من التكالب الاجنبي الذي يحكم قبضته على المغرب.
ظهر في هذه الفترة وقريبا منها ثلاثة مشاريع دستورية، وكان اولها هو الذي اقترحه مواطن من سلا: الحاج علي زنيبر.
بينما كان الثاني من وضع وافد سوري اقام بفاس طويلا: الشيخ عبد الكريم مراد.
اما التالث: فلا يزال واضعه او واضعوه غير معروفين بالضبط، وقد تأخر ظهوره الى اوئل العهد الحفيظي، مما يطرح ان لا تتناوله –لان- هذه الدراسة، حيث تقف عند نهاية ايام العاهل العزيز[5]
مذكرة الحاج علي زنيبر
 لم تأت مذكرة  الحاج زنيبر باي جديد يميزها عن المطالب التي سبقتها، كما انها لم تشر لا من بعيد ولا من قريب الى لفظ الدستور و كرست مذكرة الحاج علي زنيبر عدم اهتمام اصحاب هذه المطالب الاصلاحية بالجانب الشكلي، حيث جاءت  هذه المذكرة بصياغة تقليدية يغلب عليها الطابع الفقهي الى  جانب  غياب تنظيم محكم لمقتضياتها، فقد اتت في شبه مذكرة سماه "حفظ الاستقلال ولفظ سيطرة الاحتلال" يتحدث فيها عن معنى الاستقلال والدول التي فقدت استقلالها كالجزائر  وتونس.
مشروع دستور الشيخ عبد الكريم الطرابلسي
في السنة 1906 حل بالمغرب عالم  سوري يدعى الشيخ عبد الكريم الطرابلسي ليعرض على السلطان المولى عبد العزيز وثيقة تضمنت المطالبة بجملة من الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وباستقراء لمضمون هذه الوثيقة نلاحظ انها تمحورت حول ثلاثة مجالات اساسية المجال التشريعي: المجال المالي: والمجال العسكري.
ان ابرز ملاحظة يمكن تسجيلها على هذا المشروع كونه افتقر الى تنظيم محكم بين ابوابه الثلاث اذ نجد تداخلا ملحوظا بين المجالين التشريعي والمالي.[6]
مشروع دستور جماعة لسان المغرب
كان السيد فرج لله نمور يصدر بطنجة جريدة اسبوعية تحت اسم لسان المغرب وقد نشرت هذه الجريدة في سنتها الثالثة اربعة اعداد متتابعة، تضمنت مشروع  دستور والملاحظ ان محرري هذا المشروع عمدوا الى تقنين فصوله، ففي  الوقت الذي وصل فيه عدد مواد الدستور العثماني  لسنة 1876 الى 119 مادة، فان هذا المشروع 1908 لم يتجاوز 93 مادة موزعة على 11 بابا.
مشروع دستور محمد بن عبد الكريم الخطابي
بعد الانتصار الكبير الذي حققه محمد بن عبد الكريم الخطابي بمعركة انوال ضد الاستعمار، اعلن هذا الاخير عن تاسيس جمعية وطنية مكونة من ممثلي القبائل بغية صياغة دستور مكتوب اتى متضمنا 40 مادة، وقد ركز محمد بن عبد الكريم الخطابي في مشروعه هذا على مبدأ انتخاب الاعضاء القيادين في الدولة، اذ اشار في هذا الصدد: " لم يقدر للامة المغربية، مند زمن بعيد، العيش وفقا لنظام دستوري مناسب، لذلك عمت فيها الفوضى وانعدم فيها الاستقرار وانتشر فيها التمرد والشغب، وعبر مرور الزمن وتطور الحياة اخد الشعب المغربي يعي ضرورة ايجاد دستور ينظم حياة البلاد ويرعاها.
لقد تجلى هذا الوعي بتعبير الشعب عن رأيه في الصحافة وبواسطة الكفاح المسلح، حيث كانت المعركة الاخيرة التي خاضها الشعب المغربي لاستعادة استقلاله تعبيرا اصيلا عن توقه للحركة  ولكن لا حرية دون دستور، وليس هناك من دستور الا الدستور الوطني الذي تضعه الامة بنفسها ولنفسها...
ان الدستور الشرعي لبلد ما لايمكن ان تصوغه الا لجنة او هيئة منتخبة تمثل مختلف الطبقات الشعبية تمثيلا صادقا واصيلا.
على ضوء هذا التصور جاء هذا المشروع الدستوري متضمنا حكومة يترأسها محمد بن عبد الكريم الخطابي، وجمعية وطنية استهدفت مواجهة الاستعمار الى جانب سلطة قضائية مهمتها تسوية النزاعات بين القبائل الريفية.[7]


بيعة عبد الحفيظ
كما ان سقوط عبد العزيز واعتلاء عبد الحفيظ العرش ايقظ في الفكر الوطني ان الشعب يجب يتدخل ليتحمل مسؤولياته وليفرض نفسه ورأيه في الحكم، ولذلك كانت بيعة الملك عبد الحفيظ تعبر اصدق تعبير عما كان يراود الشعب من الرغبة في ممارسة مسؤولياته.
وقد كتب وثيقة البيعة علماء وطنيون تبلورت في ذهنهم الفكرة الوطنية والدستورية وحاولوا ان يعبروا عنها في وثيقة البيعة التي تعتبر التزاما من الملك للقيام بشروطها.
نستنتج من تعدد الاقتراحات الدستورية: مدى طموح الوطنية المغربية في مطلع القرن 20 للملكية الدستورية كحل وحيد لازمات البلاد، وهو المبدأ الذي لوحت له وثيقة البيعة الحفيظية بهذه الفقرة: " واذا عرض ما يوجب مفاوضة مع الاجانب في امور سليمة او تجارية فلا يبرم امر منها الا بعد الصدع به للامة..."[8]
  المطلب الثاني : مرحلة المطالبة بالاستقلال وعودة محمد الخامس من المنفى.
بعد فشل المحاولتين السابقتين في إقناع سلطات الحماية بدسترة البلاد اعتبرت الحركة  الوطنية إن الحاجز الذي يحول دون وضع الدستور  هو المستعمر و ليس السلطان .
و بالتالي فالحركة الوطنية كانت مضطرة إلى تغيير أولوياتها النضالية ، حيت انتقلت من المطالبة بالدستور كمدخل للاستقلال إلى المطالبة بالاستقلال كمدخل للدستور،خصوصا و إن السلطان في هذه المرحلة كان قد انضم للحركة الوطنية ، و على هذا الأساس انصب التركيز على مسألة الاستقلال و تركت مسألة دسترة الدولة إلى ما بعده.
هذا التغيير في الأولويات لن يمر مرور الكرام و إنما سيتولد عنه صراع داخل كتلة العمل الوطني سيخلد لأول  انشقاق حزبي بتاريخ المغرب ، حيت سيخرج محمد بن حسن الوازاني المعارض لخطورة تأجيل دسترة البلاد من الكتلة الوطنية التي أسسها رفقة علال الفاسي و احمد بلافريج ، و سيؤسس الحركة القومية سنة 1937 التي ستتحول إلى حزب الشورى و الاستقلال سنة 1946.
فبالعودة الى تاريخ 11 يناير 1944 ،الذي يشكل يوم تقديم وثيقة الاستقلال بالتنسيق مع المغفور له محمد الخامس  الذي كان أول من تحدت رسميا و ناقشها مع ممثل فرنسا ، نجد أن هذه الوثيقة حظيت بإستراتيجية ذكية من حيث تقديمها اد تم تشكيل
لجان عدة كلف بعضها بتقديم الوثيقة الى السلطان.  بينما كلف البعض الآخر بتقديمها إلى كل  من المقيم العام الفرنسي و القنصليتان البريطانية و الفرنسية،كما أرسلت نسخة إلى السفارة السوفياتية بالجزائر باقتراح من المهدي بن بركة..
وبهذا سيخلف تبني الوثيقة و مناقشتها مع سلطات الحماية ردود أفعال لدى هذه الأخيرة  تتجسد في الضغط على السلطان من اجل سحب تأييده للمبادرة ، و في تجاهل  الإدارة الفرنسية و صمتها الذي سيحول دون التعليق عن وثيقة الاستقلال أو كما كانت تطلق عليها ( البيان ).[9]

 و من جهة أخرى فالشعب المغربي كانت له ردة فعل ايجابية تجسدت في الاندفاع الشعبي الهائل نحو تأييد الوثيقة و الحماس الزائد تجاه  المطالبة بالاستقلال ، الشيء الذي سيترتب عنه اعتقالات في صفوف الحركة الوطنية مما سيؤدي إلى أحدات 29 يناير 1944.
و هكذا تواصل مسلسل الشد و الجدب بين السلطان و سلطات الاستعمار التي لطالما استفزتها الإشارات القوية التي كان يطلقها محمد الخامس تجاه تأكيده لسيادة البلد ، مما سيجعل المستعمر يقوم بمجموعة من المناورات من اجل إبعاده عن المشهد لعل أبرزها الاجتماع الذي انعقد يوم 20 مارس 1953 مع البشوات و القيادات التقليدية برئاسة حليف فرنسا التهامي الكلاوي الذي استهدف من خلاله سحب الشرعية الدينية تمهيدا لنسف سلطته ككل،و كذا نفي السلطان إلى كورسيكا سنة 1953 ثم إلى مدغشقر في 2 يناير 1954.
و الأمر هنا لن يقف عند هدا الحد و إنما سيمتد جبروت المستعمر إلى تنصيب ابن عرفة ملكا صوريا لكنه سيقابل بالرفض العارم من قبل القوى الوطنية و الجماهير حيث سترتفع عمليات المقاومة و المظاهرات المطالبة بعودة السلطان حتى تحققت بالفعل يوم 16 نونبر 1955.
إن عودة السلطان محمد الخامس من المنفى ستعرف مجموعة من الإصلاحات اد سيتم تعيين  مبارك ابن الهبيل البكاي كأول رئيس حكومة بتاريخ المغرب ،  هذا الشخص الذي كان وفيا للسلطان اد سيقدم استقالته مباشرة من منصبه في  الباشوية على مدينة صفرو بعد سماع خبر نفي محمد الخامس تعبيرا عن وفائه و إخلاصه له .
فبالعودة إلى هذه الفترة نجد أن هذه الحكومة لم يكن الهدف منها تدبير الشؤون السياسية الداخلية بشكل محض و إنما كان هدفها الرئيسي يتمركز في الحصول على الاستقلال بشكل رسمي حيث ستدخل في مفاوضات مباشرة مع الدولة الفرنسية لإلغاء معاهدة الحماية و الإعلان عن استقلال المغرب بشكل قانوني و هو ما سيتحقق بالفعل في 2 مارس [10]1956
اذ سيتم الإعلان عن اتفاق بين المغرب و فرنسا يتعلق  بإلغاء معاهدة الحماية كما سيتم الإعلان عن اتفاق مماثل مع اسبانيا في 7 ابريل من نفس السنة يتعلق بالمناطق الشمالية من المغرب.
بعد ذلك سيصدر محمد الخامس قانون الحريات العامة سنة 1957 كما سيشكل المجلس الاستشاري الذي يشكل نواة البرلمان المغربي برئاسة المهدي ابن بركة.
وان كان امبارك الهبيل البكاي قد حظي بثقة السلطان اد تم تعيينه لرئاسة الحكومة التالية فقد كان من الطبيعي ألا تعمر حكومته طويلا نظرا لتفاعل منطق الصراع بين قوى المجتمع الجديد، الذي كان يشكل مجتمعا ناهضا حيث كان لابد أن يفضي هدا الصراع إلى حكومة  سياسية بامتياز و هو ما سيتحقق فعلا مع حكومة اخمد بلافريج اولا وحكومة عبد الله إبراهيم ثانيا.[11]

المبحث الثاني : المسألة الدستورية، وإشكالية تدبير الحكم في المغرب 1955 ـ 1962م.
المطلب الأول: مرحلة الصراع السياسي حول الحكم.
بمجرد ما حصل المغرب على استقلاله حتى برزت قوتان سياسيتان متباينتان، فهناك من جهة المؤسسة الملكية الحاكمة على امتداد اثني عشر قرن، ومن جهة أخرى الأحزاب المنحدرة عن الحركة الوطنية المتطلعة الى تبني نظام ملكية تسود ولا تحكم على شاكلة الملكية البريطانية. [12]
وإزاء هذا التباين في مواقف الفاعلين السياسيين سيدخل المغرب المستقل مرحلة صراع قوي حول الحكم امتد من سنة 1955 إلى غاية سنة 1962، لينتهي بفشل  دريع  للأحزاب المنحدرة عن الحركة الوطنية.
ــ فماذا حدث في تلك الفترة ؟
v    الفقرة الأولى: حزب الاستقلال....ومطلب الملكية المقيدة.
حينما حصل المغرب على استقلاله أظهر حزب الاستقلال صاحب أكبر تمثيلية أنداك تطلعه إلى إقامة ملكية مقيدة يلعب فيها الملك دورا شرفيا[13]، بينما يمارس فيها هدا الحزب السلطة التنفيذية بدعوى توفره على قاعدة شعبية عريضة، ــ للعلم في هده الحقبة بلغ عدد أعضاء الحزب 1مليون عضوـــ[14]، إذ ردد هدا الحزب انه كان دائما الممثل الحقيقي والأوحد لأولئك الدين كافحوا من اجل الاستقلال، ولقد كان الحزب يتصرف كأنه الحزب الوحيد في الدولة بسيطرته، وقد اختلف الحزب والقصر بصفة أساسية حول إشكاليتين أساسيتين : حق الملك في تعيين وإقالة أعضاء الحكومة، ومسؤولية الوزراء.[15]
لقد كان الحزب يتمنى على أقل تقدير أن يستشار عند اختيار الوزراء ، وفي أحسن الحالات، إن يكون هناك وزيرا أولا من حزب الاستقلال يتوفر على صلاحية تعيين حكومته[16]، مثلما طالب الحزب بأن يكون للوزراء المسؤولية التامة في برامج قطاعاتهم، وان يتمتع الوزير الأول بحق المراقبة الفعلية فيما يتعلق بتنفيذ السياسة الحكومية.
ـ فكيف تمكنت المؤسسة الملكية من تفادي هدا التحييد الممنهج من قبل حزب الاستقلال؟
v    الفقرة الثانية : الملكية .... والتطلع نحو ملكية تنفيذية.
بمجرد عودته من المنفى ببضعة اشهر سيتخلى محمد بن يوسف عن لقبه السابق. " السلطان" متخدا  لنفسه لقب " الملك محمد الخامس"،  وقد اظهر هذا الملك حرصا شديدا على ادخال نظام ملكية دستورية وفق اسس نظام ديمقراطي ذي طراز غربي، مثلما حاول اعطاء البلاد حكومة تتمثل فيها جميع الميول السياسية المختلفة.
وعند حلول الاستقلال 1956 وجد المجتمع نفسه امام تحديات بناء دولة مستقلة، وتحقيق الحلم الذي راوده مند فجر القرن العشرين. ففي  الوقت الذي انصرف فيه الجميع الى بناء مؤسسات المجتمع الجديد، وفك الارتباط مع سلطات الحماية الفرنسية والاسبانية وطرحت مسألة الدستور لبناء نظام ملكية دستورية.
لقد كان مطلب الدستور مطلبا ملكيا. نجد له صدى في جل الخطب الملكية الملقاة بين نوفمبر 1955 وماي 1960. وقد كان هناك تحول في مفهوم المطلب الدستوري لدى الملك في ماي 1958 مع اصدار العهد الملكي.
عند تنصيب اول حكومة برئاسة البكاي1955 ركز الملك على اولوية بناء نظام ملكية دستورية، وطلب من الحكومة ان تضع اسس هذا النظام الذي يمكن الشعب من تسيير شؤون البلاد بواسطة مجالس محلية و مجلس وطني...، ومن المصطلحات الموظفة في خطاب الملك محمد الخامس وقادة الحركة الوطنية، في فجر الاستقلال: فصل السلط والانتخابات الحرة وسيادة الشعب والمجلس التاسيسي والدستور والحريات.
سيمر العام وتضع الحكومة ميزانية جديدة فمن سيصادق عليها ؟
لكن اهم ما يسجل في هذه المرحلة هو رؤية الملك للدستور المنشود، فقد ورد في خطاب العرش في 18 نوفمبر 1956 في سياق الحديث عن بناء المؤسسات التطرق الى " التاسيسي لوضع دستور المملكة. وقد اصدر المجلس الوطني للمقاومة في غشت 1956، بيانا يحدد فيها المطالب الدستورية تتمحور حول نقطتين اساسيتين: المطالبة بنظام ملكي دستوري يتلاءم مع مبادئ الاسلام الصحي، واحترام حقوق الانسان كما حددها الميثاق الدولي الخاص بها.
تحول المطلب الدستوري لدى الملك، على الاقل على مستوى الخطاب، في الفترة التي اعقبت استقالة حكومة البكاي الثانية، وكانت فترة توتر بين الملك وقيادة حزب الاستقلال، فلم يكن الملك راضيا على بيان الحزب بضرورة قيام حكومة منسجمة، في ظل هذا السياق صدر العهد الملكي، الذي اكد فيه الملك انه سندخل في طور جديد من حياتنا الوطنية وذلك باقامة مؤسسات سياسية ودستورية يستطيع بفضلها ان يشارك شعبنا في تسير الشؤون العامة لتشييد نظام ديمقراطي.
اما المبادئ فانها تتلخص فيما يلي: ان سيادة البلاد تتجسد في الملك الذي هو الامين عليها والحفيظ لها(....) واقتناعا منا بضرورة التمييز بين السلطتين التشريعية والتنفيدية فاننا فيما يخص السلطة التنفيدية سنصدر ظهيرا تعين فيه سلطة رئيس الحكومة وسلطة كل وزير واختصاصات  مجلس الوزراء. حتى يتمكن الوزراء الذين يستمدون سلطتهم من جنابنا الشريف، انا السلطة التشريعية التي بيدنا فاننا نباشرها نحن والمؤسسات التي سنقيمها...
وزاد الامور تعقيدا  في المسألة الدستورية الانعكاسات السياسية لعملية الانفصال التي حصلت داخل حزب الاستقلال، وتعددت رؤى الاحزاب السياسية حول طبيعة النظام السياسي المنشود.
في سنة 1960  سيحدت تحولا في تاريخ المغرب بعد اقالة حكومة عبد الله ابراهيم، وانتهى عهد حكومات الاحزاب ليبدأ زمن حكومات الملك، اذ ترأس محمد الخامس الحكومة وعهد الى ولي العهد مولاي الحسن بالنيابة، منعطف اثار حملة اعلامية بكون اسناد السلطة التنفيدية الى الملك قد فتح ازمة وزارية
كما ان وفاة محمد الخامس في 1961، نقطة تحول اخرى في تاريخ المغرب الراهن.  فبادر الاتحاد الوطني الى ارسال مذكرة للملك غداة توليه العرش، تبرز موقفه من المؤسسات القائمة ونظام الحكم، وهي  نقس القضايا التي  سنثار طيلة ثلاثة عقود في ادبيات الاتحاد الوطني والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال والحزب الشيوعي وتنظيمات اقصى اليسار،[17]
المطلب الثاني : المبادرات المؤسساتية الأولية في اتجاه حسم السلطة التأسيسية لصالح الملكية.
قبل إقرار دستور 1962 بادرت المؤسسة الملكية إلى سن مبادرة قانونية ومؤسساتية رمزية، سعت إلى وضع نظام سياسي واضح المعالم، إلا أن تباين الرؤى السياسية بين مختلف الفاعلين السياسيين أفضى إلى إقبار كل هده المبادرات[18].
v    الفقرة الأولى : تجربة المجلس الوطني الاستشاري.
سيبادر الملك محمد الخامس إلى خلق المجلس الوطني الاستشاري بظهير ملكي في 3 غشت 1956 برئاسة المهدي بن بركة، وقد حضرت فيه مختلف التيارات السياسية، وينص الفصل الأول من الظهير على أنه مجلس استشاري لدى الملك، استشاري لا تقريري أو تشريعي، ومرتبط بالسلطة التشريعية والتنفيذية المتمثلة في جلالة الملك. وللملك أن يوقف دورات المجلس وأن يعفي الأعضاء أو يحل المجلس بأكمله[19].
ويمثل هدا المجلس الرأي العام عن طريق الاختيار والتعيين فأعضاؤه الستة والسبعون يقسمون على الهيآت السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الموجودة أنداك.
أما اختصاصات المجلس فيحددها الفصل الثاني من الظهير فيما يأتي:
1ـ أخد رأيه في ميزانية الدولة العامة وفي الميزانيات الإضافية.
2ـ استشارة الملك في جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقتضي نظر الملك عرضها عليه.
3ـ من حق أعضاء المجلس أن يوجهوا أسئلة شفوية أو مكتوبة إلى الوزراء ويجيب عنها الوزراء الدين وجهت إليهم الكتابة.[20]
وبالرغم من إن هدا المجلس كانت له طبيعة استشارية وليست تقريرية إلا إن معظم الفرقاء السياسيين تطلعوا إلى ممارسة نيابية ديمقراطية، بيد أن هده الرغبة سيتم إجهاضها لتنتهي في 23 ماي 1959م.
v    الفقرة الثانية : إقبار المجلس التأسيسي ( مجلس الدستور ).
جاء هدا المجلس نتيجة عاملين أساسيين أولهما تنفيذ ما كان الملك محمد الخامس قد التزم به بتطبيق ملكية دستورية، حينما تعهد بإقرار نظام الحكم الدستوري قبل انتهاء 1962م، وثانيهما تبرير توليه لرئاسة الحكومة.
وقد استقر توجه الملك بتاريخ 26 ماي 1960 بتعيين مجلس تأسيسي وهدا الأمر الذي ترجمه بوضوح بلاغ رسمي صادر عن المجلس الوزاري بتاريخ 14 يونيو 1960 أعلن عن تعيين مجلس تأسيسي كلف انطلاقا من شهر غشت بصياغة الدستور.
وفي يوم 17 نونمبر 1960 بادر الملك محمد الخامس إلى خلق مجلس دستوري مكون من 78 عضوا، ضم مختلف الاتجاهات السياسية، وقد جاء في مقدمة الظهير الخاص بتشكيل هدا المجلس
( إن الدستور يجب أن يكون محترما للمبادئ الأساسية للإسلام، ويراعي الطابع الخاص بالمغرب، وسيحدث مؤسسات ديمقراطية في نطاق الملكية الدستورية).
بيد بمجرد نشأة هدا المجلس سيعرف عوائق، إذ ولد بين طياته عوامل موته، فالاتحاد الوطني للقوات الشعبية، المنشق عن حزب الاستقلال،ّ رفض المشاركة في هدا المجلس مطالبا بخلق جمعية تأسيسية منتخبة، حيث سينبري المهدي بن بركة إلى توجيه انتقادات قوية إلى هدا المجلس1، رافضا أي إصلاح في إطار الحكم المطلق، وأيضا عرقلت تنظيمات أخرى عمل هدا المجلس كالحركة الشعبية وحزب الشورى و الاستقلال بزعامة محمد حسن الوزاني، حيث عبر هدا الأخير عن طبيعة هدا المجلس بالقول (ماهي حقيقة هدا المجلس؟)[21] .
نتيجة لهده المواقف سيبرز هدا المجلس إلى حيز الوجود مشلولا، شأنه في دلك شأن حكومات تلك المرحلة خصوصا بعد ما تم انتخاب رئيسه علال الفاسي بالاقتراع السري الأمر الذي دفع المحجوبي أحرضان إلى القول: ( كنا نعتقد أن هدا المجلس مجلسا وطنيا لكن اتضح أنه مجلس هيئة معينة ) لينتهي بإقباره دون أن يخلف أية حصيلة تذكر[22].
v    الفقرة الثالثة : القانون الأساسي للمملكة :
بعد وفاة محمد الخامس بثلاثة أشهر دخلت البلاد في حالة ذهول سياسي الأمر الذي تطلب من الملك الجديد أن يفتح سلسلة مشاورات مع كافة الفرقاء السياسيين بغية تشكيل حكومة جديدة، لدلك سيبادر الملك الحسن الثاني في 2 يونيو 1961 إلى وضع القانون الأساسي للمملكة في اليوم الذي تأسست فيه الحكومة الجديدة ونص على أنه يهدف إلى سير أعمال الدولة بكيفية محكمة في المرحلة السابقة لإعلان الدستور، واعتبر قانونا أساسيا مؤقتا تسيير عليه الحكومة إلى إن يتم انجاز الدستور ويدخل في حيز التنفيذ.
ويقرر هدا القانون المهم  كثيرا من الأسس الدستورية ومنها : المغرب مملكة عربية إسلامية، والإسلام دين الدولة الرسمي، والعربية لغة البلاد الرسمية ومتابعة الكفاح لاستكمال وحدة البلاد الترابية، ومساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، والتزام الدولة بصيانة كرامة الأشخاص، وكفالة الحريات الخاصة والعامة، وفصل السلط، واستقلال القضاء لضمان العدل، وإقرار نظام اقتصادي لتحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية الإنتاج، وتكفل الدولة بالتعليم وفق توجه وطني عربي إسلامي مع اعتبار التكوين التقني والمهني والعلمي، والتزام سياسة عدم التبعية الخ[23].
القانون الأساسي كان مظهرا للتطور في الأسس الديمقراطية ولكنه ليس مظهرا لتطور النظام الديمقراطي الدستوري والنيابي وتكوين مؤسساته، لأنه لم ينص على تكوين مؤسسات دستورية[24].                   
  وقد استمر العمل بمقتضيات هدا القانون من 8 يونيو 1961 الى غاية المصادقة على دستور 7 دجنبر 1962 اي بعد مضي عام ونصف.
خاتمة:
في عهد الحماية وبعد الاستقلال تجلت رغبة الشعب المغربي على لسان مثقفيه وزعمائه السياسيين في المشاركة في تقرير مصير البلاد وفي مراقبة أعمال الحكومة وفي الحياة الديمقراطية . وتجلت أيضا في عهد العاهل  محمد الخامس طيب الله تراه في خطواته ومساعيه ومشاريعه الديمقراطية وأفكاره ومبادراته بمطامح ورغبات شعبه، وفي منجزاته التي كانت النواة الأولى للمؤسسات الدستورية.
وفي النهاية تمظهرت هذه التجليات من خلال عزم جلالة الحسن الثاني رحمه الله ونيته في تحقيق مشاريع والده .
ودستور 1962 دستور تعددت حوله الآراء والدراسات، وثم وضعه بشكل فوقي من طرف جلالة الملك الراحل الملك الحسن الثاني. بإشراك مجموعة من الفقهاء الدستوريين، الفرنسيين والمغاربة. وخاصة "موريس دوفرجيه" ويتفق غالبية الباحثين على أنه دستور ممنوح، وقد طالبت مجموعة من الأحزاب السياسية الوطنية بدستور شعبي. تكتبه جمعية تأسيسية منتخبة وليست معينة، ويعرض على إستفتاء شعبي حقيقي وليس شكليا. وهذا ماحدث مع دستور 1962. ويمكن أيضا أن نعتبر أيضا دستور 1962،  ترجم المطالب الدستورية الملحة بعد الإستقلال من لدن الملك محمد الخامس والحركة الوطنية. ثم ترفعت المعارضة مطالبها لتعطينا التعديل الدستور لسنة 1970.
من إعداد الطلبة الباحثين :
-    سهام مطهر                                                                                    
-    ابوبكر عثمان صالح الحاسي

-    نوردين بوجمعة
- اشرف المهدي بيدوش


 لائحة المراجع
§         رشيد بشوتي، المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع، الدستور والدستورانية بالمغرب 1908- 2008.
§         مجلة وجهة نظرـ عبد الرحمان علال، الاصلاح الدستوري بالمغرب، بين مشروع الدستور لسنة 1908،ودستور 1996، محاولة في الفهم والتحديد والمقارنة، عدد 47 سنة 2010
§         محمد زين الدين، الدستور ونظام الحكم في المغرب ، الطبعة الاولى، السنة 2015،  الناشر مطبعة النجاح الجديدة.
§         محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب الحديث،الناشر شركة النشر والتوزيع المدارس، الطبعة الاولى السنة 1980،
§         أبو بكر القدري، مذكراتي في الحركة الوطنية المغربية، الجزء الاول مطبعة النجاح طبعة 1992.
§         كريدة ابراهيم الحماية اصلها و تطوراتها الفصل الاول شركة النشر زاوية زنقتي فوزي و بوزاتسي الدار البيضاء
§         الدكتور محمد زين الدين ـ المسألة الدستورية في مغرب الامس واليوم ـ د.د.ع.م ـ كلية الحقوق الدار البيضاء 1999ـ.
§         بيير فيرمورين ـ ترجمة عبدالرحيم حزل ـ تاريخ المغرب مند الاستقلال ـ افريقيا الشرق 2010.[1]
§         رشيد يشوتي، المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع الدستور والدستورانية بالمغرب 1908-2008، منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي، السنة 2010، ص 103-104-105-107-108.
§         محمد الرضواني ـ مدخل للقانون الدستوري ـ الطبعة الثانية 2014.
§         عبد الكريم غلاب ـ100 سنة من النظال الديمقراطي، التطور الدستوري والنيابي في المغرب 1908 ـ2011ـ مطبعة المعارف 2012.
§         محمد الوزاني ـ في الدستور والبرلمان دراسات وتأملات ـ طبعة اولى فاس 1987.
§         محمد ضريف "الأحزاب السياسية المغربية".



 محمد ضريف "الأحزاب السياسية المغربية" ص 85 [1]
[2] : رشيد بشوتي، المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع، الدستور والدستورانية بالمغرب 1908- 2008 ص 52.
[3] :مجلة وجهة نظرـ عبد الرحمان علال، الاصلاح الدستوري بالمغرب، بين مشروع الدستور لسنة 1908، ودستور 1996، محاولة في الفهم والتحديد والمقارنة، عدد 47 سنة 2010.ص 45.
[4] : محمد زين الدين، الدستور ونظام الحكم في المغرب ، الطبعة الاولى، السنة 2015،  الناشر مطبعة النجاح الجديدة ، ص 37
[5] :محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب الحديث،الناشر شركة النشر والتوزيع المدارس، الطبعة الاولى السنة 1980، ص 399.
[6] : محمد زين الدين، الدستور ونظام الحكم في المغرب ، الطبعة الاولى، السنة 2015،  الناشر مطبعة النجاح الجديدة ، ص 41 42.
[7] : عن نفس المرجع ، ص 43- 47-51.
[8] : محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب الحديث،الناشر شركة النشر والتوزيع المدارس، الطبعة الاولى السنة 1980، ص 399.
[9] : أبو بكر القدري، مذكراتي في الحركة الوطنية المغربية، الجزء الاول مطبعة النجاح طبعة 1992.

[10] : كريدة ابراهيم الحماية اصلها و تطوراتها الفصل الاول شركة النشر زاوية زنقتي فوزي و بوزاتسي الدار البيضاء
[11] : أبو بكر القدري مذكراتي في الحركة الوطنية المغربية الجزء الاول . مطبعة النجاح طبعة 1992.

[12] ـ الدكتور محمد زين الدين ـ المسألة الدستورية في مغرب الامس واليوم ـ د.د.ع.م ـ كلية الحقوق الدار البيضاء 1999ـ ص 31.
ـ الدكتور محمد زين الدين ـ الدستور ونظام الحكم في المغرب ـ الطبعة الاولى ابريل 2015 ـ ص 58.[13]
ـ المؤلف بيير فيرمورين ـ ترجمة عبدالرحيم حزل ـ تاريخ المغرب مند الاستقلال ـ افريقيا الشرق 2010 ـ ص42 .[14]
[15] ـ الدكتور محمد زين الدين ـ الدستور ونظام الحكم في المغرب ـ الطبعة الاولى ابريل 2015 ـ ص 58.
ـ مرجع السابق ـ ص58[16]
:[17] رشيد يشوتي، المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع الدستور والدستورانية بالمغرب 1908-2008، منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي، السنة 2010، ص 103-104-105-107-108.
[18] الدكتور محمد زين الدين ـ الدستور ونظام الحكم في المغرب ـ الطبعة الاولى ابريل 2015 ـ ص 59.ـ
[19]  محمد الرضواني ـ مدخل للقانون الدستوري ـ الطبعة الثانية 2014 ـ ص 74.
[20] ـ عبد الكريم غلاب ـ100 سنة من النظال الديمقراطي، التطور الدستوري والنيابي في المغرب 1908 ـ2011ـ مطبعة المعارف 2012ـ ص117.
[21] ـ محمد الوزاني ـ في الدستور والبرلمان دراسات وتأملات ـ طبعة اولى فاس 1987 ـ ص10.
[22]  محمند زين الدين ـ مرجع سايق ـ ص 60
[23]  ـ عبد الكريم غلاب ـ مرجع سابق ـ ص 129.
 ـ محمد زين الدين ـ مرجع سابق ـ ص 60. [24]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آثــار إثبــات البنـوة والنسـب على ضــوء مقتضيات قانون مدونة الأسرة الجديد 70.03                            الجزء الأول   مقدمة ع...