الثلاثاء، 16 أبريل 2019

العضو البرلماني




نتيجة بحث الصور عن البرلمانالمغربي
نتيجة بحث الصور عن البرلمانالمغربي














العضو البرلماني 



مقدمة:
     إن مفهوم عضو البرلمان أو النائب البرلماني، ظهر أول مرة في المدارس الفرنسية، وكان يقصد به الكلام والمناقشة أي تكلم وناقش، وتعني المجلس النيابي،  أو مجلس الأمة أو مجلس النواب  أو مجلس الشيوخ، أو الجمعية  التشريعية[1].
    على هذا الأساس ظهرت عدة تعاريف للعضو البرلماني، منها مؤسسة قائمة الذات باعتبار أن لديه صوت لا يذوب بين الأصوات الأخرى، وأنه منتخب من طرف الشعب ويمثل إرادته من خلال التعبير عن طموحاته وتوجهاته، كما أنه يمثل الهيئة المنتخبة: نقابة كانت أو جماعة ترابية أو غرف مهنية...
    إن أهمية هذا الموضوع، الذي بين أيدينا، تكمن في أن العضو البرلماني يستمد سلطته (الكلام والمناقشة) من المؤسسة البرلمانية التي تتمتع بسلطة المناقشة والقرار. من هنا يمكننا طرح الإشكالية التالية: من يؤطر هذا العضو البرلماني، وما هي اختصاصاته وسلطاته؟
وعن هذه الإشكالية تتفرع مجموعة من الأسئلة من مثل:
- أثر النظام النيابي على عضو البرلمان؟
- سلطات العضو البرلماني وموقعه في الهيأة التشريعية؟
- المبادئ التي تؤطر العضو البرلماني؟
- واجبات وحقوق العضو البرلماني؟
- مردودية العضو البرلماني؟
للإجابة عن هذه الإشكالية، وتساؤلاتها الفرعية، سنعتمد التصميم التالي:

  
القسم الأول: الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني
1 المبدأ الدستوري المنظم لعمل العضو البرلماني
2 القوانين المنظمة لعمل العضو البرلماني
    القسم الثاني: صلاحيات العضو البرلماني
1 شروط اكتساب العضوية
2 التزامات وحقوق العضو البرلماني








القسم الأول: الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني

    أجمع الفقهاء والدارسين والباحثين على أن مفهوم ممثل الأمة، هو ذلك الشخص الذي ينتخب إما بطريقة مباشرة (إقتراع مباشر) أو بطريقة غير مباشرة، وبالتالي فهو يمثل إرادة الشعب وعلى أساسها له تمثيلية الأمة.
    وبالرجوع إلى الدساتير السابقة في المغرب (من دستور 1962 إلى دستور 1996)، نجد في مسألة تعريف من يمثل الأمة تمثيليتان: الأول أن الملك هو الممثل الأسمى للأمة، والثاني أن العضو البرلماني هو نائب يمثل الأمة، فأصبح هناك خلط حول من هو الممثل الأسمى للأمة، وهو ما أثر على الفصل 19 في تلك الدساتير السابقة، بل إنه كان يخلق إشكالات دستورية من ناحية: تعيين الحكومة، وملتمس الرقابة، وتعيين الوزير الأول، وحل البرلمان... كل هذا كان يطرح من هو ممثل الأمة في البلد بوجود مؤسستان؟ لكن بعد اعتماد دستور 2011 توضحت الرؤيا وأزيل بالتالي ذلك اللبس، وأصبح الملك هو الممثل الأسمى للدولة عوض الممثل الأسمى للأمة.
1 المبدأ الدستوري المنظم لعمل العضو البرلماني
    إن دور العضو البرلماني يختلف من نظام إلى آخر، فدوره في النظام الرئاسي ليس هو في النظام شبه الرئاسي، وليس هو في النظام البرلماني ولا في النظام المجلسي، وهكذا يقول بعض الباحثين بأن عضو البرلمان عندما يمارس عمله يتأثر بطبيعة النظام السائد في الدولة، وهذه الفلسفة تحدد من خلال دستور الدولة وتتباين من دستور إلى آخر. فمنها من تأخذ بالديمقراطية المباشرة، والتي من خلالها يمارس الشعب السلطة مباشرة دون وسيط، وهذه الدول قليلة جدا مثل بعض التمثيليات التي تعتمد نظام المقاطعات (سويسرا مثلا). ثم هناك دول أخرى تأخذ بالديمقراطية غير المباشرة (أي النيابية، التي يمارس من خلالها البرلمان السلطة نيابة عن الشعب)، والعديد من الدول تطبق هذا النموذج من الديمقراطية[2] ومن بينها المغرب. كما أن هناك دول أخرى تطبق الديمقراطية شبه المباشرة، التي تجمع بين الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة، وفيها تمارس السلطة من خلال أعضاء البرلمان والشعب معا عبر بعض المظاهر الدستورية، مثل الإعتراض الشعبي والإستفتاء والإقالة، إضافة إلى ذلك أصبح لدينا نحن في دستور 2011 حق تقديم العرائض والملتمسات، والشعب هنا يمارس هذا الحق باعتباره يدخل في إطار الديمقراطية التشاركية.
    يضاف إلى ذلك أن هناك تقارب ما بين مصطلح نائب برلماني ومصطلح ممثل الأمة - ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه حسب ما جاء في الفصل 60 من الباب الرابع من الدستور[3] والذي يتحدث عن السلطة التشريعية، تنظيم البرلمان- ذلك أن مفهوم التمثيل قد تمت استعارته من فقهاء القانون الخاص، ويمثل ناخبيه داخل المؤسسة التي  من خلالها يقوم الفرد الموكل بتخويل فرد اخر (الوكيل) سلطة العمل مكانه وتمثيله ويقال أن الوكيل هو حامل تفويض[4]. وهكذا عندما  تذهب إلى العمق الخاص بالممثل نجده مصطلح يرجع إلى فقهاء القانون الخاص (المحامي أو الوسيط التجاري...)، من هنا أخذت مسألة التمثيل بشكل أوسع لأنه يمثل في كل شيء، فهو الذي يشرع باسم مجموعة من الناخبين أو باسم المواطنين ككل في أشياء تهم الإقتصاد، ما هو إجتماعي، ما هو مالي، السياسي، الثقافي والهوياتي.
    غير أن التمثيل في القانون العام  لا يقوم بين شخص وشخص، فهو يتم بين مجموعة من الناس تملك الإرادة كالأشخاص الطبيعيين، وهذه الإرادة يجب أن يحترمها الممثل والممثل في مجال السلطات، وهكذا فالتمثيل والنيابة يجمعون معا في إطار القانون العام، عكس القانون الخاص الذي يذهب لفئة ضيقة.
    وقد بين دستور 2011 الإطار الذي ينظم عمل العضو داخل البرلمان بغرفتيه، وهكذا نجد مثلا في الفصل 61 ما يفيد بخصوص تجريد العضو من صفة العضوية في أحد المجلسين (التخلي عن الإنتماء السياسي الذي ترسخ باسمه للإنتخابات، أو التخلي عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها) ومتى يمكن للمحكمة الدستورية أن تصرح بشغور المقعد.
    كما بين الفصل 62 و 63 طريقة انتخاب أعضاء مجلسي البرلمان ومدة انتدابهم ومتى تنتهي عضويتهم، وكذا التوزيع الجغرافي لأعضاء مجلس المستشارين حسب الجهات وتناسب عدد السكان. في حين نجد في بعض الدول عدة مجالس-كما هو الحال في ألمانيا وسويسرا- تعتمد ما يسمى ب"اللاندات" و "الفدراليات"، الأمر الذي يميز البرلمان عن اللجان المكونة من عدد قليل من الأعضاء، ومجالس الجمعيات الإستشارية التي تتمتع بسلطة المشاركة ولكن دون سلطة القرار، ذلك أن البرلمان، بجلسته العامة هو الذي يقرر على الرغم من أن تلك اللجان تقوم بدراسة القوانين وأن النائب البرلماني - داخل تلك اللجان - يقوم بالمناقشة والدراسة وبالتصويت، إلا أن القرار الأخير يكون في الجلسة العامة بمشاركة عدد كبير من الممثلين داخل المجلس.
    وإجمالا، فإن دستور كل دولة هو الذي يحدد عدد أعضاء البرلمان وآلية انتخابهم، وعدد المجالس التي يتكون منها البرلمان، وهو الذي يبين صلاحيات عضو البرلمان[5].
2 القوانين المنظمة لعمل العضو البرلماني
    إن عمل العضو البرلماني يختلف من نظام سياسي إلى آخر، حيث يتوقف ترتيب السلطة في الدولة على الدستور، ويبرز دور عضو البرلمان بشكل أكبر في ظل أخذ الدستور بالديمقراطية غير المباشرة التي يتولى الشعب فيها ممارسة سلطة التشريع عن طريق ممثلين بواسطة مجالس برلمانية تضم مجموعة من أعضاء البرلمان، وهذه هي القاعدة العامة في الديمقراطية غير المباشرة[6].
    إن اختيار الدولة لنظام معين لا يخضع لمجرد اعتبارات نظرية، ولكن تحكمه تقاليد الدول وسوابقها الدستورية، فأحيانا تدخل فيها اعتبارات واقعية، وخير مثال على ذلك هو نشوء نظام المجلسين في انكلترا (العموم واللوردات) الذي كان لأسباب تاريخية تتعلق بالبناء الطبقي للمجتمع البريطاني، بينما تميل دول أخرى، البسيطة التركيب، إلى نظام المجلس الواحد، وهذا لا يشكل قاعدة عامة لأنه غير منتشر في الواقع.
    في الدول الديمقراطية يختلف عمل البرلماني من غرفة إلى أخرى، ففي التجربة الأمريكية الرئاسية، نجد أن مدة انتداب النائب البرلماني داخل مجلس النواب لا تتعدى سنتان وعضو مجلس الشيوخ خمس سنوات، كما أن مجال تدخل النائب البرلماني   يعتبر ضعيفا جدا -وإن كان يعتمد الميزانية- مقارنة مع عضو مجلس الشيوخ الذي له قوة ضغط على قرارات الرئيس الأمريكي، كما يمكنه أن يطلب الكلمة دون أن يوقفه أي كان.
    إن القانون التنظيمي رقم 11-27  المتعلق بمجلس النواب المغربي، يبين في بابه الأول عدد النواب ونظام الإنتخاب ومبادئ التقسيم، ففي مادته الأولى يشير إلى أن مجلس النواب يتألف من 395 عضوا ينتخبون بالإقتراع العام المباشر عن طريق الإقتراع باللائحة. وفي الباب الثاني تحدث عن أهلية الناخبين وشروط القابلية للإنتخاب[7].
    وفي نفس السياق تطرق القانون التنظيمي رقم 11-28 المتعلق بمجلس المستشارين إلى انتخابات أعضاء مجلس المستشارين موضحا الفئة التمثيلية التي يحق لها الترشح للمشاركة في الإنتخابات (المادة 2)، كما تطرق إلى طريقة إقتراع هؤلاء (المادة 3)، ثم تطرق إلى أهلية الناخبين وشروط القابلية للإنتخاب (المادة4).
    من جهة ثانية تطرق النظام الداخلي لمجلس النواب في بابه الثاني، للعضوية وحالات التنافي والتجريد وإلغاء الإنتخاب وشغور المقاعد (من المادة 6 إلى المادة 11). أما النظام الداخلي لمجلس المستشارين فقد تطرق في جزئه الثاني المعنون بتنظيم سير أعمال مجلس المستشارين في الباب الأول (أهلية المستشارين)، الفرع الأول (الإعلان عن العضوية بمجلس المستشارين) إلى المقتضيات المنصوص عليها في المادتين 10و 11 من نظامه الداخلي، وإلى كل عضو من أعضائه يحمل إسم "مستشار برلماني" . كما تطرق في المادة 92 إلى مسألة التنافي، وفي المادة 96 إلى انتهاء العضوية بالمجلس[8].
    من خلال كل هذا، يتبين أن طبيعة النظام الديمقراطي الحديث تفرض أن يقوم على أساس نيابي، حيث يختار الشعب ممثليه عن طريق الإنتخابات التي تجعل من وجود الأحزاب السياسية ضرورة لا غنى عنها. فإذا كان لدينا في المغرب تمثيلية الأمة أو تمثيلية بعض الجماعات أو النقابات أو الغرف المهنية... فإننا نجد في دول أخرى تمثيليات تبتدئ بالتمثيليات الطائفية، مثل ما هو موجود في لبنان والعراق... بل حتى في الولايات المتحدة نجد تمثيليات للهنود الحمر، نفس الشيء نراه في كندا التي لديها ما يسمى بالسكان الأصليين. كذلك نجد تمثيليات "الهندوس" في الهند، وتمثيليات السنة والشيعة والصائبة والمجوس واليهودية في إيران[9].
    أما في المغرب عندنا -الذي آمن بالدولة الحديثة- فكل الفوارق والطوائف تذوب بشكل سلس دون تطاحنات وصراعات اللهم ما يظهر من تدافع سياسي بين الحين والآخر. كما أنه لا يجب إغفال التمثيلية الحزبية، أو بمعنى آخر لا بد أن تكون للعضو البرلماني تمثيلية حزبية، ولو أنه يمثل الأمة، ذلك أن من يأتي به إلى البرلمان، أو صناديق الإقتراع، هو الحزب بغض النظر عن طريقة انتخابه (حسب اختلاف أنماط الإقتراع).
    وقد عرف الدكتور "شليز" التمثيل الحزبي بكونه التنظيم السياسي الذي يشارك بنشاط وفعالية في التنافس من أجل المناصب الإنتخابية. كما عرفه الأستاذ "ديفرجي" بأنه تنظيم يعين المرشح للإنتخابات للوصول إلى البرلمان.
    والحديث الآن هو أن هناك تمثيليات متعددة، وإلا لا مجال للحديث عن الديمقراطية ونزاهة الإنتخابات، لأن هناك علاقة وثيقة بين التعددية الحزبية والبرلمان، وتتمثل التعددية السياسية للأحزاب، داخل البرلمان، من خلال مساهمتها الرئيسية في العملية الإنتخابية لأعضاء البرلمان، يضاف إلى كل هذا أصبحنا نلاحظ توجها جديدا على مستوى التمثيلية يتمثل في تطور عنصرالنوع، ففي السابق كانت النيابية مقتصرة على الرجال، ففي بريطانيا مثلا لم تدخل المرأة إلا في نهاية القرن العشرين، لكن عندما تأتي لتمثيلية النساء في بعض الدول التي لديها طابع قبلي مثل إفريقيا، نجد أن المرأة لها دور كبير جدا داخل البرلمان مثل رواندا، السينغال، الكوت ديفوار... نفس الشيء إذا ما ذهبنا إلى الشمال، فالدول الإسكندنافية نجد فيها تمثيلية نساء تفوق 60 في المائة.
    إن التمثيلية في النظام الذي يعرف ثنائية الغرفتين، تختلف عن التمثيلية في الغرفة الواحدة، فمثلا عندنا في المغرب كانت الغرفة الواحدة ممثلة فيما كان يسمى بالثلث الناجي.
    وإذا ما ذهبنا إلى الكونغريس الامريكي الذي يتكون من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، فنجد أن الأول ينتخب أعضاؤه عن طريق الإقتراع العام من قبل الشعب في مختلف الولايات لمدة عامين، ويحدد نائب واحد لكل 30 ألف نسمة. أما مجلس الشيوخ فيتكون من 100 عضو يتم انتخابهم من قبل هيأة ناخبة لكل ولاية لمدة ستة سنوات، ويجري تجديد ثلث أعضاء المجلس كل عامين، ولا يكون للعضو أكثر من صوت واحد في المجلس. 
القسم الثاني: اختصاصات عضو البرلمان
    يمكن للبرلمان أن يلعب دورا هاما في تعزيز الإنفتاح من خلال التقييد بالإجراءات الدستورية، من مثل فترة طرح الأسئلة والإطلاع على المادة القانونية عبر الأنترنيت في أسرع وقت ممكن، وكذا تشكيل اللجان... ومن الأمور المهمة هو غرس الوعي لدى عضو البرلمان بأهمية الوصول إلى المعلومة... ومن شأن كل هذا أن يؤدي إلى تعزيز قدرة البرلمان على أداء دور فعال في تنشيط الديمقراطية.
    على هذا الأساس يمكن القول أن اختصاصات عضو البرلمان في المغرب على مستوى المجلسين (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، لا زالت غير واضحة إلا في الإحالة الخاصة في مشاريع القوانين ذات الطابع الإجتماعي أو مقترحات قوانين مرتبطة بالجهات أو الجماعات أو كذلك ما يهم النقابات أو الغرف، لكن على مستوى الإشتغال فليس هناك فرق بين المجلسين. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيتضح أن اختصاص عضو مجلس الشيوخ ليس هو اختصاص عضو البرلمان، فاختصاص التشريع مثلا يعود للكونغريس بغرفتيه. لكن ممارسة هذا التشريع تختلف بين المجلسين[10].
1 شروط اكتساب العضوية:
ينظم القانونين التنظيميين لمجلس النواب 27.11 ولمجلس المستشارين 28.11 شروط اكتساب العضوية، من ذلك مثلا ما جاء في المادة 3 من الباب الثاني (أهلية الناخبين وشروط القابلية للإنتخابات) والتي تنص على أن الناخبون والناخبات هم المغاربة، ذكورا وإناثا، المقيدون في اللوائح الإنتخابية العامة. ثم جاء في المادة 4 التي تقول "يشترط في من يترشح للعضوية في مجلس النواب أن يكون ناخبا ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية. ثم ما جاء بالمادة 5 والمادة 6... وبالنسبة لمجلس المستشارين فنجد ما نصت عليه المادة 5 و6 و8 و المادة 9 و 10... وغيرها من المواد التي تنظم شروط اكتساب العضوية[11].
    أما على مستوى البرلمانات الأخرى فنجد أن هناك مجموعة من الطرق التي تكتسب بها هذه العضوية، فهي تتباين من برلمان لآخر، فإما أن تكتسب عن طريق الإقتراع المباشر أو غير المباشر. وفي تجارب أخرى تكون بالتعيين مثل "مجلس اللوردات" في بريطانيا الذي يجب أن يكون المنتمي إليه من الطبقة الأرستقراطية، ثم هناك "مجلس الأعيان" في الأردن الذي له مكانة وسط المجتمع الأردني، وفي هذين المجلسين هناك نواب يكتسبون العضوية بالوراثة، نفس الشيء نجده في "المجلس الوطني الإتحادي" بالإمارات العربية المتحدة وفي قطر والبحرين أيضا.
    إذن من خلال هذه التركيبة المجتمعية تتضح لنا الأهمية التي يلعبها الأعيان وذلك من خلال إرساء نوع من الثقافة السياسية والإجتماعية والإقتصادية... والتأثير الذي يشكلونه على المجتمع، وهذا طبعا يتطلب سيرورة تاريخية وسوابق تاريخية حتى يمكنك تمثيل مثل تلك الجمعيات، من مثل العراقة الموجودة في مجلس اللوردات بابريطانيا أو مجلس الأعيان بالأردن، هذا النظام الأخير يعتمد كثيرا على القبلية، فحينما تساند القبيلة العضو من مجلس الأعيان فذلك يضمن توازنا سياسيا واجتماعيا داخل المجتمع.
    أما عندما يكتسب البرلماني صفة العضوية -بعد التأكد من أنه ليست هناك طعون بعد العملية الإنتخابية- فإنه يأتي  للبرلمان (المجلس الذي ترشح له) ويشرع في عمله مباشرة، وفي برلمانات أخرى من الواجب أن يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة الدستورية مثل ما عليه الحال في مصر والعراق. أما في المغرب فإن عضو البرلمان يبدأ عمله مباشرة بعد افتتاح الملك للدورة التشريعية الأولى في الجمعة الثانية من أكتوبر بعد الإعلان عن النتائج النهائية للعملية الإنتخابية.
    من جهة ثانية تتجلى مردودية عضو البرلمان في أربعة عوامل أساسية هي:
1 قوة اشتغال فريقه البرلماني، فإذا كان للعضو –داخل الفريق- هيئة من الخبراء وهيئة إدارية لها مستوى عال في التحليل والدراسة والإعداد، هنا يكون عضو البرلمان قوي على مستوى المردودية.
2 تحرك الحكومة فإذا كانت تنتج أكثر على مستوى مشاريع القوانين فإن عضو البرلمان مطالبا بالعمل باستمرار، وحينما تتوقف الحكومة عن إنتاج مشاريع القوانين فالعضو لن يجد ما سيأتي لأجله إلى البرلمان.
3 كذلك عمل عضو البرلمان داخل اللجان، خصوصا إذا كان رئيس اللجنة في مستوى عال وله طاقم إداري متمكن... لأن هذا ما يعطي دفعة وترغيب للمواطنين في المؤسسة التشريعية أما إذا كان العضو واللجنة المنتمي إليها تخدم أجندات أخرى فإن ذلك يفقد العمل البرلماني نزاهنه ومصداقيته.
4 ثم هناك رئاسة البرلمان التي تؤطر هذا العمل كله، فهذه الرئاسة يجب أن تكون لديها مواضيع لدراستها على مستوى اللجان الموضوعاتية (التي أصبح يقرها النظام الداخلي للبرلمان) في المناصفة مثلا والمساواة، والتعليم... إ
لى غير ذلك من المسؤوليات التي منحها القانون التنظيمي والنظام الداخلي للرئاسة.
2 سلطات العضو البرلماني
    إن العضو البرلماني يستمد قوته من المؤسسة التي ينتمي إليها، يؤطره في ذلك دستور وقوانين تنظيمية ونظام داخلي وأنظمة أخرى من مثل القانون التنظيمي للمالية، هذا الأخير يمنح العضو حدود المناقشة وحدود اتخاذ قراره كيفما كان، معارضة أو أغلبية.
    وفي الغالب يتمتع العضو البرلماني بسلط يمنحها له الدستور: سلطة تشريعية (تشريع القوانين)، سلطة المراقبة، سلطة تقييم السياسات العومية ثم سلطة الدبلوماسية البرلمانية، وهي سلط يستمدها ّإما من الدستور (وهو الجزء العام منها)، وكذلك من النظام الداخلي الذي ينظم عمل واشتغال ذلك النائب البرلماني وانتماءاته، سواء داخل الفرق أو انتمائه للجان الموضوعاتية، أوالتي  تشتغل في الدبلوماسية البرلمانية أو اللجان الموضوعاتية التي تشتغل على موضوعات ما في تقييم السياسات العمومية[12].
    إضافة إلى ذلك يتمتع عضو البرلمان بصوته، فمثلا إذا لم يحضر الجلسة العامة لا يمكن لأي نائب- ولو كان من فريقه- أن يصوت نيابة عنه، فهو المعبر عن المواطنين الذين يمثلهم، سواء كان مؤطرا بحزب أم لا. وحسب فقهاء السور فإن عضو البرلمان حر، فمثلا يمكنه أن يأتي بتعديل بمفرده وبإسمه- لتعديل قانون ما- دون الخضوع لتوجهات الحزب أو الفريق، وهذه- برأي فقهاء الدستور- سلطة مؤسسة منحه إياها الدستور وذلك بغعية تبيان مكانته.
    هذا طبعا، دون إغفال أهمية الأسئلة الكتابية والشفوية التي يضعها عضو البرلمان، فالسؤال الشفوي يعبر من خلاله عن موضوع وطني يتضمن مطالب عبارة عن مشاريع أو برامج، أما السؤال الكتابي الذي يوجهه نائب الأمة نيابة عن ناخبيه فمن أجل أمر يهم الدائرة الإنتخابية التي ينتمي إليها.
    انطلاقا من كل هذا على عضو البرلمان أن يلتزم برعاية المصالح العامة، لماذا؟ لأنه سيتخذ قرارات، وهذه القرارات يمكن أن تحدث خللا وقلاقل داخل المجتمع من مثل: إضرابات، احتقان، انفجار. كذلك على عضو البرلمان أن يلتزم بالكرامة الذاتية المتمثلة في أن لا يقبل أي رشوة أو هبة تشكل تأثيرا على تصرفاته بما في ذلك أي إجراء أو تعويض أو مكافأة لأجل تأييد أو معارضة قرار أو مشروع قانون، رغم أن هذا الموضوع فيه نقاش على المستوى الدولي، فهناك دول – على مستوى المكافأة والتعويض تعمل بنظام البطاقة البنكية مثل الدول الإسكندنافية، وهي بطاقة تخول لعضلو البرلمان سحب المبالغ المالية التي يحتاجها أثناء عمله النيابي مثل المبيت في الفندق، المحروقات، الأكل، التطبيب... وهذه البطاقة تسهل عملية مراقبتها، كما أن نفس الإمتيازات تنطبق على رئيس الدولة والوزراء والقضاة، وكل هذا في حدود حاجياتهم الضرورية أثناء مزاولتهم لعملهم، كما أن تلك البطاقة يمنع الإستفادة منها إذا لم تكن دورة البرلمان قائمة.
    غير أن غالبية الدول الأخرى، مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا... نجدها تمنح تعويضا للعضو البرلماني يتماشى ومكانته الدستورية كسلطة تشريعية.
    أما عندنا في المغرب فعضو البرلمان يستفيد من بطاقة بنزين محدودة وبطاقة أكل محدودة وبطاقة فندق، في حين يستفيد رئيسي المجلسين وروؤساء اللجان وأعضاء المكتبين ورؤساء الفرق-إضافة إلى البطاقة- من سيارة وسائق.
    ومن بين كذلك الأمور التي يجب أن يلتزم بها عضو البرلمان  نجد الموضوعية حيث يفرض عليه اتخاذ قراراته بموضوعية تغليبا للمصلحة العامة، فالعضو في لجنة ما مثلا، حينما يثار قانون ما هو طرف فيه عليه أن ينسحب من مشروع القانون ذاك وإلا أصبح أمام حالة التنافي، ويسهل بالتالي على المعارضة أو أي عضو برلماني أن يدفع بعدم دستورية ذلك القانون. كذلك على عضو البرلمان تطبيق المساءلة والمحاسبة، فإذا كان يحاسب الحكومة ويراقبها ويراقب المؤسسات العمومية، فإن ذلك يضمن له ثقة الناخبين ويضمن له ذلك المقعد عن جدارة واستحقاق. إضافة إلى كل هذا على عو البرلمان أن يتمسك بمبدأ الشفافية في كل شأن يهم واجباته ومسؤولياته وقراراته وكل تصرفاته، فضلا كذلك عن الأمانة والمصداقية أثناء مناقشتهم ودراساتهم لمشاريع ومقترحات القوانين، ثم سرية المعلومات التي يمكن أن تخلق مثلا مضاربات عقارية أو ما إلى ذلك. وعموما فلعضو البرلمان أدبيات وأعراف يجب أن يلتزم بها في العمل البرلماني.
    ذلك لا يجب إغفال أن عضو البرلمان يتمتع بحق الحصانة التي أدرجها بعض الفقهاء ضمن ضمانات العمل البرلماني طوال عضويته في البرلمان لأنها شخصية وهي مقررة للمصلحة العامة، وقد جعلها دستور 2011 في عمل عضو البرلمان داخل قبة البرلمان وليس خارجه.






خاتمة:
    في الدول الديمقراطية يعتبر عضو البرلمان مؤسسة قائمة الذات، يشتغل إلى جانبه عشرات الخبراء، ويتعاقد مع مكاتب دراسات توفر له الخبرة من أجل أداء جيد ذاخل وخارج البرلمان. أما في دول العالم الثالث فنجد عضو البرلمان يفتقد إلى مؤسسات المشورة والإمكانيات على المستوى المهني، وهو ما يؤثر على مردوديتهالتشريعية والرقابية بشكل عام.
وفي المغرب كانت هناك نخبة درست في المدارس الفرنسية، وكان لديها مستوى كبير في الدفاع عن المصالح العامة للدولة، وكانت هناك مؤسسة ملكية تتجاوب مع المعارضة والأغلبية، وبالتالي كان هناك تفاعل وإنتاج وكان هناك فهم لنبض المجتمع لماذا؟ لأنه داخل الأحزاب –معرضة وأغلبية- كانت تشتغل اللجان المالية واللجان اللجان الأخرى المتفرعة عنها (الإجتماعية والإقتصادية والثقافية...) من خلال مناضلين كانوا يؤطرون عضو البرلمان والفريق الب رلماني ككل، ويتداولون المعلومة داخل اللجان لمجابهة الحكومة وتقويم اعوجاجاتها سوء في مجال القوانين أو المراقبة أو مجال المشاريع.
اليوم هناك دستور جديد وبرلمان باختصاصات واسعة، لكن النخب أصبحت لا تأبه للنقاش العميق، بالبحث والتحليل... حتى المعارضة –التي كانت تلعب دورا مهما- لم تعد لها قوة، كل هذا بسبب:
- نمط الإقتراع الذي لدينا (مثال اللوائح المرتبطة بالشباب)
- العزوف السياسي
- الطابع العائلي للأحزاب السياسية
- المال الذي أصبح يوجه عضو البرلمان بشكل سلبي
- تدني مستوى النخب ومستواها السوسيو-مهني (لا يعرف شرح القانون)
- ظاهرة الغياب غير المبررة
- زواج المال بالسلطة...
لائحة المراجع
- دستور 2011
- القانون التنظيمي رقم 27.11
-القانون التنظيمي 28.11
- أفين خالد عبد الرحمان، "المركز القانوني لعضو البرلمان" – دراسة مقارنة. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية- طبعة 2017
-ميشيل مياي، "دولة القانون"، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر-بيروت طبعة 1984
-يوسف حارشي "النظرية الدستورية" الطبعة الأولى، ابن النديم للنشر والتوزيع-
منشورات الحلبي الحقوقية- بيروت 2009
-المجلة المغربية للإدارة والتنمية " دستور المملكة والقوانين التنظيمية وقرارات المجلس الدستوري والنصوص المرتبطة: الجزء الأول، العدد: 285. الطبعة الأولى 2017











الفهرس
                          مقدمة..........................................................................................1
القسم الأول: الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني...........3
1 المبدأ الدستوري المنظم لعمل العضو البرلماني................................3
2 القوانين المنظمة لعمل العضو البرلماني........................................5
 القسم الثاني: صلاحيات العضو البرلماني........................................8
1 شروط اكتساب العضوية.........................................................8
2 التزامات وحقوق العضو البرلماني.............................................10
خاتمة................................................................................13
لائحة المراجع......................................................................


 أفين خالد عبد الرحمان، "المركز القانوني لعضو البرلمان" – دراسة مقارنة. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية- طبعة 2017، ص 21.[1]
 أفين خالد عبد الرحمان، نفس المرجع السابق، ص 26.[2]
 الدستور الجديد للمملكة المغربية – مجموعة من القانون المغربي – الطبعة الخامسة 2015- مطبعة النجاح الجديدة- ص38.[3]
 ميشيل مياي، "دولة القانون"، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر-بيروت طبعة 1984.[4]
 يوسف حارشي "النظرية الدستورية" الطبعة الأولى، ابن النديم للنشر والتوزيع- منشورات الحلبي الحقوقية- بيروت 2009- ص 396.[5]
 أفين خالد عبد الرحمان "مرجع سايق".ص 32.[6]
 المجلة المغربية للإدارة والتنمية " دستور المملكة والقوانين التنظيمية وقرارات المجلس الدستوري والنصوص المرتبطة: الجزء الأول، العدد: 285. الطبعة الأولى 2017. ص 124،125.[7]
 المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية "دستور المملكة المغربية والقوانين التنظيمية وقرارات المجلس الدستوري والنصوص المرتبطة: الجزء الأول، العدد 285، الطبعة الأولى 2017، ص 126، 127.[8]
 أفين خالد عبد الرحمان "مرجع سابق".[9]
 أفين خالد عبد الرحمان "مرجع سابق" ص 36.[10]
 القانون التنظيمي رقم 27.11 والقانون التنظيمي 28.11.[11]
 أفين خالد عبد الرحمان :مرجع سابق" ص 94.[12]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آثــار إثبــات البنـوة والنسـب على ضــوء مقتضيات قانون مدونة الأسرة الجديد 70.03                            الجزء الأول   مقدمة ع...